حتى نحفظ تواريخنا جيداً، ساعدتنا إسرائيل في تدشين أول فعاليات العام الهجري الجديد، بشن حرب ضروس ضد قطاع غزة، وميزة هذا العام أنه الأول في الثلث الثاني من القرن الثالث عشر الهجري، وكل ذلك التعاون الإسرائيلي معنا لكي نحفظ ذكرياتنا دون عناء، ففي مطلع القرن الهجري الحالي دشنت إسرائيل مجازر صبرا وشاتيلا، ودير ياسين، ولذا هي تصر على اتخاذ تواريخ مميزة، وأرقام سهلة الحفظ، في أول القرن ونصفه، وآخر، وثلثه، في التقويمين الهجري والميلادي... وأحسب الجميع يتذكر أحداث العام 2000 ومجزرة «جنين» وحصار «رام الله»، ومقر السلطة الفلسطينية وعرفات صامد بداخله ببزته العسكرية العتيدة. وما جرى في دول الربيع العربي خلال السنة الأخيرة من الثلث الأول من هذا القرن الهجري، هو سنة التدافع الحضاري الذي كادت مياهه أن تسن وتتعفن... فقد جرت مياه كثيرة، وأحدثت عواصف في السياسة، وأخرى في الاقتصاد، ولم يكن هناك من طريقة غير تلك للتغيير، وإسقاط الصنمية والصمدية العربية؛ لأن الأمة التي نامت قروناً طويلة كانت بحاجة ماسة لصدمة عنيفة لتفوق من سباتها. مع كل حرب نعود إلى غزة بذات الذهنيات المتشنجة، نتفاعل، ندعو، نشتم إسرائيل، نجمع تبرعات، نشحن قوافل تمويل، وما يجب أن نفعله هو الضغط على الحكومات العربية مجتمعة، والضغط على قمم القادة العرب، من أجل فرض صيغة أخرى للتعايش، وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، وتقديم هذه الصيغة إلى مجلس الأمن بورقة عربية موحدة، وبمؤازاة ذلك، يجب على الفصائل الفلسطينية كلها، بلا استثناء، أن تعرف وتعترف أنها جزء من المشكلة، ويجب أن تصبح اليوم جزءاً من الحل، يكفي تجارة بالقضية، والشعب، والمقدسات، والتردد على عتبات القصور، وأبواب السفارات، ومواقع المانحين، ومكاتب الميسورين، «على هذه الأرض ما يستحق الحياة»، فدعوا شعبكم يتذوق طعم الحياة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=466361520069595&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater