لأن أمتنا في معظمها أمة جاهلة وفقيرة ومتخلفة فإن بعض أفرادها يملأ عقولهم الخواء والخواء ما هو إلا فراغ او هواء متحرك يترك مكانه بسهولة لأي غاز أو وافد حتى ولو كان هذا الوافد فكراً تافها أو صورة مزيفة أو صوتاًً مُدوياً. وانه لمن أعجب العجائب وأغرب الغرائب أن ترى الإنسان وقوراً في هيئته، سليما معافى في صحته البدنية هكذا تراه أمامك على هيئة لا تشك في أنك أمام رجل على قدر كبير من التوازن والعقلانية، فإذا بك تراه وقت الشدائد أو المناسبات مثل مناسبات الأعراس على غير ما كنت تظن فيه من وقار وحكمة ..فما أن يحين الوقت لتزويج ابنه أو ابنته أو إضافة زوجة جديدة حتى يتحول عن تلك الشخصية التي كنت تظنها إلى شخصية أخرى قد اجتمعت فيها عقد الجهل والتخلف وصار واحداً من أولئك الذين لا يجدون ما يتجملون به في الحياة سوى الظهور بالمظهر الشاذ المخالف للأعراف والعادات كما لو كان يطبق قاعدة “خالف تعرف” فيما أنت تسمعه يجادل ويكابر ويصر على رأيه في أن زرع الميكرفونات فوق السقوف وإطلاق العيارات النارية واستخدام العبوات والمفرقعات أو حتى الألغام والقنابل والصواريخ في الأعراس هي أمور نابعة من اصالتنا وعاداتنا وتقاليدنا في اليمن، وأن إزعاج الناس وإيذائهم وحرمانهم من النوم بسبب الأصوات المزعجة من الميكرفونات والسماعات أو بسبب الإيذاء المتواصل في استخدام المفرقعات المختلفة في أوقات متقطعة إلى منتصف الليالي إنما ذلك كله جزء من المشاركة الإجبارية على كل الجيران جميعهم: صغيرهم وكبيرهم، ذكرهم وإناثهم سليمهم ومريضهم، أطفالهم وشيوخهم، وليس ذلك لليلة واحدة وإنما للفترة التي يقررها هو راعي الوليمة وصاحب العرُس التي قد تطول إلى أكثر من أسبوع بحيث لا تزال مكبرات الصوت من فوق داره حتى تنتقل إلى دار آخر في نفس الحي، وهكذا يستمر حال الناس في ضنك وضيق من إزعاج الأغاني وصخبها إلى دوي أصوات المفرقعات المثيرة للأعصاب والحنق في النفوس. وإذا لم تسعفنا أخلاق الرجال والنساء وتدركنا مروءاتهم وشعورهم بالرحمة نحو جيرانهم وتمنعهم شفقتهم أن يفزعوا الأطفال الذين يستيقضون مفزوعين من أصوات ( الآليات) والعبوات الناسفة ومفرقعات الألعاب النارية فماذا نصنع؟ هل نقف كلنا مكتوفي الأيدي إزاء هذا الخلل في ثقافة بعض الرجال والنساء من أولئك الذين ليس في عقولهم سوى الخواء والفراغ الذي لا يجدون ما يملأون به سوى الصخب والقسوة الشديدة على جيرانهم؟! وإذا لم تستطع أجهزة الأمن أن تضع حداً لهذه العاهات والتشوهات السلوكية فماذا يستطيعون غير ذلك؟؟ رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=466739826698431&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater