(1) جاء عند أفلاطون أن الدولة أو المجتمع المثالي تتشابه مع النفس فرأى أن المجتمع ينقسم إلى ثلاث طبقات: الملوك الفلاسفة و الحراس أو الجنود والمواطنون العاديون مثل المزارعين والحرفيين والتجار، بحيث يمثل الملوك الفلاسفة الذهن، ويمثل الحراس الإرادة، ويمثل المواطنون العاديون الشهوة. ومثل هذا المجتمع هو المجتمع المثالي الذي يشبه النفس السوية إذ يسيطر الملوك الفلاسفة على المواطنين العاديين بمعونة الحراس. (2) أقول لا نكن طامحين زيادة لنحلم بحكّام فلاسفة غارقين في التأمل والتفكير يكفي أن يهتموا بأمر البلاد والعباد ويتخذوا إجراءات تصب في المصلحة العامة وليس الخاصة ، أما مسئولين في أبراج عاجية يبحثون في أسرار النفس البشرية أو الحلول المثالية لمشاكل هذا الكوكب فهذا (شطح) في الخيال لا ينفع إلا في جمهورية أفلاطون المثالية التي لم ولن ترى النور بعد . (3) على ذكر المدينة الفاضة اليوتوبيا التي نادى بها الفلاسفة ابتداء من أفلاطون وانتهاء بكمبانيلا مروراً بالفارابي والمعري وتوماس مور ..هل هناك مدينة فاضلة ؟ أعتقد أن لا مدينة فاضلة متصورة إلا في عقول وأحلام هؤلاء وأضرابهم من الفلاسفة والمفكرين إذ أن المثالية التي يريدونها لم تتحقق حتى في حياة الأنبياء عليهم السلام وهم خير الخلق ، فهل كانت المدينةالمنورة التي حكمها النبي عليه الصلاة والسلام تمثل مدينة فاضلة بالمفهوم الذي يريده هؤلاء ؟ أقول : لا ، ففي المدينة كان المنافقون والمرجفون موجودين والأخطاء موجودة وترتكب . (4) أخبار أن يكون وزير الدفاع – في المستقبل- شخصية مدنية يمثل نقلة نوعية في التفكير لم يسبق للمنطقة العربية أن فكرت به ، فهل سنسدل الستار على حكم العسكر في منطقتنا العربية ؟ طيلة العقود السابقة حكم العسكر لبلداننا العربية فكانت المؤسسة العسكرية تتغلغل في كل مفاصل الدولة بلا استثناء ، في كل مرافقها ضمن الوطن العربي الكبير الذي حوله حكم العسكر في بعض البلدان إلى ثقب إبرة، ولننظر إلى جمهورية مصر العربية التي تناوب حكم العسكر عليها منذ ثورة يوليو 1952م إلى يونيو 2012م ليكون د. محمد مرسي أول حاكم لمصر الحديثة يأتي من خارج المؤسسة العسكرية . (5) لا ننسى أن الطريقة القديمة لالتحاق الجنود بالمؤسسة العسكرية تنم عن جمود في التفكير، فالطالب الفاشل الذي يرسب سنتين متتاليتين في سلك الدراسة كان يُلحق قسرا إلى العسكرية فيصبح خالي العقل حاملاً للسلاح ؟! تماماً مثل أن تسلم مسدساً إلى يد طفل . أنا لا أتحدث عن القيادات النابعة من أكاديميات عسكرية محترمة أنما عن الجنود البسطاء الذين يقومون بتنفيذ الأوامر ، فأي تنفيذ نتوقعه من هكذا عقلية ؟ (6) العسكر أماكنهم الحقيقية الثكنات في مناطق الثغور لحماية البلد من أي متسلل أو في نمط شبه مدني مثل رجال النجدة أو حراسة المنشئات أو الدفاع المدني فلهؤلاء وأمثالهم نقدّم كل احترامنا وتقديرنا لجهودهم الجبارة في القيام بهذه الأعمال التي نفخر ويفخرون بها… (7) في الأخير دعنا في اليمن نشذ عن القاعدة العامة للعرب منذ عقود طويلة أن تكون السياسة والسلاح بيد واحدة ، بل يكون السلاح لحماية الوطن وليس لحماية السياسة والسياسيين حتى نستطيع أن نتحدث عن دولة مدنية حقيقية، والله المستعان. رابط المقال على الفيس بوك