لكل بداية نهاية.. ولكل نهاية مصير محتوم. تفاءلنا خيراً باستراتيجية الاجور، وقانون التأمينات والمعاشات والتقاعد، ولكن كانت عبارة عن خدعة سياسية لإشغال الناس في امور حياتهم المعيشية وبعيداً عن السياسة وفنونها وجنونها.. ومنذ عام 2005م حتى الآن ونحن ندور في فلك الاسماء الوهمية، والازدواج الوظيفي، والتلاعب بالدرجات الوظيفية، والتسويات والترقيات، وتم ربط الوظيفة العامة بجهاز الأمن ، حتى الترقيات لا تتم الا عبر التوجيهات الاستخباراتية، ومن هنا نشأ جهاز أمني استخباراتي لحصر القوى غير الموالية للنظام السابق ليتم استبعادهم عن وظائفهم.. في كشوفات تسمى «حالات خاصة» مخالفة للقانون ولوائح الخدمة المدنية، والوزارة لا تحرك ساكناً.. لأنها تابعة لتوجيهات النظام آنذاك.. في ظل هذه الغوغائية والفوضوية والاختلالات الإدارية، نشأت مافيا تزوير المؤهلات وبيع الدرجات والترقيات، وأصبحت مؤسسات الدولة المدنية عبارة عن معارض مفتوحة تمارس فيها كل انواع الفساد المعنوي والمادي.. رغم الخطوات التي قامت بها وزارة الخدمة المدنية في تطبيق نظام البصمة البيولوجية والصورة الا أن هذا النظام لم يحقق نجاحاً كاملاً بل ظلت مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية تعج وتموج بالاسماء الوهمية والمزدوجة، والسبب غياب البيانات والاحصائيات الدقيقة للمعلومات، والتلاعب باستخراج اكثر من هوية إثبات للشخص.. فالفساد موجود في كل مؤسسات الدولة، وهذا ناتج عن الاوضاع المأساوية، وحالات الانفلات الأمني، وغياب القانون.. والعدل الذي مازال في حيص بيص.. اما البسطاء والمغلوبون على امرهم فقد تم توقيف مرتباتهم، وإنزال اسمائهم من كشوفات الراتب فوراً.. وأصحاب الذوات والنافذين الذين لهم اكثر من وظيفة حكومية يتنعمون بل يترفعون الى اعلى المناصب والدرجات بالرغم انهم لا يحملون من المؤهلات سوى النزر القليل من علوم القرآن والعربية فقط.. ومنهم من لا يجيد القراءة والكتابة ويمنحون درجة المدير العام او الوكيل المساعد.. وهلم جرا.. ولا أحد من فطاحلة وزارة الخدمة المدنية يحرك ساكناً أو يهمس ببنت شفة.. لذلك نجد في كشوفات الراتب تضارباً واضحاً، وتمايزاً صارخاً في الدرجة الوظيفية والمؤهل المتدني والراتب الكبير.. الذي لا يتفق مع سنوات الخبرة والمؤهل.. وعندما نتساءل عن هذه الحالات الشاذة، يقول أساطين الخدمة المدنية: إنها حالات استثنائية او توصيات رئاسية فوقية.. وكأن القانون مقسم لأناس دون آخرين.. اما اصحاب التوصيات الفوقية «مروا» فهم معفيون عن ذلك.. المصيبة الكبرى أن المناصب العليا والقيادية في مؤسسات الحكومة سابقًا من درجة مدراء عموم إلى وكلاء الوزارة تعين سياسياً وليس بمعايير الكفاءة والمؤهل العالي والخبرة حتى لوكان ليس لديه مؤهل دراسي. وهنا تكمن المأساة والخطورة. مدير عام مديرية لا يمتلك مؤهلاً عالياً أو وكيل محافظة لا يجيد القراءة او الكتابة.. فمن أين يأتي الاصلاح والتقدم والازدهار وكيف نرتقي بالخدمة المدنية في ظل الفساد الإداري والمالي..؟ والشيء المؤسف اصحاب الدرجات العلمية العالية كالدكتوراه وحملة الماجستير والبكالوريوس مهمشون في وظائف دونية او كشوفات بدون عمل.. او حالات خاصة.. أليس هذا هو الواقع المأساوي؟. ولنا ان نتساءل يا وزارة الخدمة المدنية: لماذا لا ينطبق قانون التقاعد على اصحاب الدرجات العليا كوكلاء الوزارات والمساعدين ومدراء العموم ومن على شاكلتهم الذين شاخوا وأشاخوا في وظائفهم حتى أنتنت ولم يتم تقاعدهم؟!.. ومن مفارقات قانون التقاعد الذي يعتمد على تاريخ الميلاد المسجل بالبطاقة الشخصية رغم أنه غير حقيقي وقابل للتلاعب والعبث.. ولذلك نجد أناساً فاقوا سن السبعين، ومازالوا في وظائفهم يعملون.. وكم من أناس لم يتجاوزوا سن الخمسين وتم إنزالهم في كشوفات التقاعد.. فيا ترى من المسؤول عن هذه الاختلالات في صحة المعلومات والبيانات. لذلك لابد من مراجعة قانون التقاعد وتصحيح البيانات والمعلومات وفق أسس علمية حديثة، في تحديد العمر بواسطة أشعة خاصة توضح سنوات عمر الإنسان.. فهل نواكب تطورات العصر حتى نصل إلى مستوى الرقي الحضاري والثقافي والاجتماعي..!! رابط المقال على الفيس بوك