ما أصدق رب العالمين! وما أصدق رسوله (صلى الله عليه وسلم)!.. وما نعيشه اليوم يجسد كل حرف في كتاب الله عز وجل، وكل حديث نطق به من لا ينطق عن الهوى، والمؤلم أن كل شيء تجسد في عصرنا، في عصرنا نحن، دون غيرنا من المجتمعات والأمم. باسم الديمقراطية والتعددية السياسية بدأت القصة، القصة التي لم ولن تنتهي حتى الآن، القصة المرعبة المملة التي يعد الكذب فيها والفساد وإخوتهم وأخواتهم وكل من يمت إليهم بصلة أبطالها المتفردين، القصة التي من ريعها بُنيت الفلل وامتلأت الأرصدة في البنوك، وووو. ومنها نفسها وبسبب أبطالها سفكت دماء اليمنيين وتسفك وستسفك، وازداد السرق سرقاً، وازداد الفقراء فقراً والأغنياء غنى، ناس يحتفلون بالاستلام وناس بالتسليم، وبالجنوب عدن وحضرموت حروب، وكل حزب يغني على ليلاه، ويبحث له عن نظام داخلي وطريق مربح يجني من ورائه ما يريد أن يجني، والشعب لا يهم، والقتلى والشهداء الذين ماتوا هكذا من قاتلهم؟ والطائرات التي سقطت، والأشلاء التي تناثرت، والأمهات اللواتي يحترقن كمداً وحزناً وقهراً حتى يقتلهن المرض والوجع من يأخذ لهؤلاء جميعاً ولو حقاً بسيطاً من حقوقهم؟. حتى أحزابنا غير أحزاب العالم؛ ففي أحزاب غيرنا من بلدان العالم - حتى العربية منها - تجد انتماء غريباً لأفراد الحزب لحزبهم، فالحزب لديهم شيء يعني لهم شخصياتهم ومبادئهم ومستقبلهم وحاضرهم، ويتحزب معهم أبناؤهم وحتى أحفاد أحفادهم، ولأجل الحزب يضحون بكل شيء مهما كانت هذه التضحيات، ونحن عندما كان الحزب السابق حاكماً كان الأغلب الأعم معه، ويغيرون انتماءاتهم ومبادئهم وقيمهم وقناعاتهم، وبعد التداول السلمي التوافقي للسلطة تحولت كل البطائق من ذلك الحزب إلى الحزب الجديد، وتغير كل شيء، ولو ظهر حزب ثالث - حتى لو كان حزب إبليس وأعوانه - لتغير كل شيء، ولقطعوا بطاقات باسمه، المهم أن يبقوا على تلك المناجم، وأن يهللوا ويكبروا لكل من جلس على كرسي ذلك الحزب. وهكذا انتماءاتنا تماماً كأنواع القات في سوق قاتنا، وكل قات له مزاجه، وهكذا نكون نحن مصدر اختلاف وتميز في كل أنحاء العالم، كل واحد له قبلته وعيده وصلاته وحزبه وحتى أنفاسه التي يتنفسها. متى سنعود كما كان أجدادنا؟ ربما كانت حياتهم مُرة وصعبة وقاسية: لا كهرباء ولا ماء ولا موبايل ولا فيس بوك، لكن لم يكونوا متناحرين وخونة وفاسدين، وفي كل يوم يهللون ويكبرون للأول ثم التالي: متى سنعود...؟!! رابط المقال على الفيس بوك