وأخيراً دشن اليمنيون مؤتمرهم الوطني للحوار .. بعد فترة طويلة من الترقب والرهانات . وفي وسط أجواء من الشحن والمزايدات السياسية والتي سعت بعضها إلى إفشاله ومن ثم القضاء على حلم اليمنيين في دولة يمنية موحدة جديدة يسودها العدل والمساواة . كغيري ممن يعيشون خارج الوطن يترقبون مجريات هذا الحوار الذي سيحدد مصير اليمنيين ومستقبلهم في الداخل والخارج . ومنذ اللحظة الأولى لانطلاقه شعرت بحجم المأساة والمعاناة التي كان يعيشها شعبنا ، وحجم تلك التركة الثقيلة المتخمة بالأحزان التي ورثها شعبنا المنهك من جراء تلك السياسات الجاهلة والمتخلفة التي حكمته طيلة العقود الماضية . كم كان النظام الذي حكمنا قاسياً بحق هذا الوطن الجريح .. لاتوجد بقعة من أرض هذا الوطن إلا وتشكو وتجتر جراحها القاسية ، الجميع يحمل قصصاً من المعاناة أخفتها الأيام ودفنتها أيادٍ ملوثة بآلام وهموم هذا الشعب . حتى الوحدة التي ظل النظام السابق يتغنى بها ولايزال كانت وحدة أخفت الكثير من الآهات والأحزان . أشعر بمرارة قاتلة وأنا أرى الحزن يعتصر كل اليمنيين الجالسين في مؤتمر الحوار وأتخيل كم كنا ساذجين معذرة ( وبلهاء ) ونحن نستمع ونشاهد تلك المنجزات الكاذبة التي خدعنا بها طيلة ثلاثة عقود .. لنكتشف أننا كنا نعيش في ظل سياسة مقيدة للآراء الحرة وفي ظل احتكار ممجوج للسلطة والثروة وتهميش سياسي وظلم اجتماعي دمرت خلالها الدولة وانهارت مؤسساتها .. لقد أظهرت الأيام بأننا عشنا كذبة كبيرة خدعنا بها جميعاً . من أجل ذلك نحن نشعر بأن التركة التي أمام المتحاورين ثقيلة ولا نتوقع إنجازات سريعة وملموسة في عملية التحول المنشود خصوصاً وأن طغيان حكم الفرد والعائلة واحتكار السلطة تركا دولة قال عنها الغرب بأنها دولة فاشلة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً . أيها المتحاورون لقد حركت الثورة اليمنية الطاهرة نيراناً متقدة بعثت الحياة من جديد في كل فرد يمني ، وجعلت منهم إعصاراً أتى على بنيان نظام اسري فاسد فاقتلع أركانه . فما عليكم اليوم إلا أن تعيدو البسمة إلى قلوب هؤلاء الشباب وتعالجوا جروح هذا الوطن لا أن تمزقوه أكثر بعيداً عن الانفعالات وردات الفعل العاطفية .. نترقب منكم جميعاً بأن تكونوا وسائل ومحطات أمان وتفاؤل للشعب اليمني الذي سلم مصيره بين أيديكم واستأمنكم على هذا الوطن للخروج به إلى شط الأمان . أيها المتحاورون يجب أن تدركوا أن هناك قوى خفية ومؤثرة لا تزال تستخدم كلما أوتيت من قوة ونفوذ وانتشار من أجل إفشال مساعيكم ومحاولاتكم للنهوض بالوطن فلا تهز هذه الأراجيف من عزائمكم وصمودكم لإنقاذ وطنكم . يجب أن تظل هاماتكم مرفوعة لأنكم تعملون على صيانة أسوار هذا الوطن وكرامة هذا الشعب الأبي . أيها المتحاورون يجب أن تتحركوا بعيداً عن عن سموم المزايدات ولوث مناخات العجز التي يحاول البعض نشرها فيما بينكم، فالوطن الذي تتحاورون من أجله أكبر ولايزال خصباً ولوداً قادراً على لفظ كل المتآمرين عليه . وأقول لأولئك الذين لم يتعلموا من تجاربهم وتجارب الماضي القريب أن يعالجوا صدأ عقولهم وبصائر قلوبهم، فاليمن سيبقى رغم نزف جروحه وستذهبون أنتم ولعنات اليمنيين تلاحقكم في كل مكان . حمى الله اليمن من كل سوء ووفق الله كل من يعمل من أجل أمنه واستقراره . رابط المقال على الفيس بوك