مسوخ الزمن المغشوش وأوغاده الأفذاذ جداً يحيلون أستاذ الأجيال محمد المساح للتقاعد، وهو يعيش منذ فترة في معاناة المردود الضحل أصلاً لدرجته الوظيفية، ليدفعونه بهذا الإجراء لمعاناة أكبر، لا يمكنه تحمّلها في ظل تراكم الأوضاع السيئة على رأسه النبيل. قرروا تقاعده وإزاحته كلياً، وهو الوكيل الأقدم لتعب حملة الأقلام في هذه البلاد التي لا أقسى منها على أصحاب القلوب والأرواح الرهيفة.. البلاد التي لا أحن منها على الأغبياء واللؤماء والأوباش من كل صنف ونوع. إنني أكتب بألم شاهق على المساح.. ذلك أن الكهول الإجراميين الفسدة الذين أثخنوا هذه البلاد وحالميها بالمواجع تلو المواجع كما نعرف جميعاً مرت عليهم سنوات وسنوات في رغد وظائفهم ومناصبهم بكافة أجهزة الدولة مدنياً وعسكرياً وهم بلا أدنى جدارة عمرية أو كفاءة مهنية أو نزاهة مالية. والأنكأ أن هؤلاء ما زالوا يعبثون ولا يتزحزحون، بل ويتجددون ويورثون أبناءهم وأقرباءهم والمؤلفة قلوبهم حزبياً وعند مراكز القوى دون أن تمسهم تلك الاجراءات القانونية التي شحذت أنيابها ومخالبها لتطال صحافياً رائداً وكاتباً طيباً وجميلاً كالمساح للأسف، لطالما كانت له صولات وجولات مهنية، ولطالما حاولت الأيام أن تهدّه، فيما استمر يقاوم كفارس أخير ولم ينهار بعد، بل مازال يقارع رغم كل التنكيلات الممنهجة ومتاعب العمر. والحق أنه كان ينبغي تكريم المساح وتسوية أوضاعه بشكل يليق به كمؤسس وكمبدع لا العكس طبعاً، إضافة إلى تقديم كل الاعتبار القيمي والإنساني له بما يحترم عمره الذي أفناه في بلاط صاحبة الجلالة على الأقل، وهو الذي كان يوماً رئيس تحرير صحيفة الثورة قبل أكثر من 35 عاماً وخرج منها ومن صنعاء الى قريته البعيدة كما ولدته أمه لايمتلك شيئاً، خرج كي يلوذ بما تبقى من اخضرار هناك في قلوب البسطاء التي تجعله ينتصر على كل هذه الغربة الموحشة من حوله. لكنه القانون الانتقائي غير العادل في يمن ازدهار الانتقامات ضد الغلابى الذين يعتزون بذواتهم وبمبادئهم رغم فظاعة التحولات من حولهم، بحيث يتوجب إزاحتهم نهائياً من الطريق وركلهم جانباً لترتاح سلالة النهش الوطني وكل من يمارسون تلك الهوايات الخسيسة في القفز والنط، مع أن هؤلاء لا يمكن أن يعرفوا الشبع على الإطلاق، كما لا يمكنهم ان يكونوا لحظة واحدة بشرف حقيقي. لحظة أيها المساح والمكابد الأصيل، وقلبي معك كصعلوك متفرد وكقامة كبيرة ونوعية وملهمة وزاخرة بالمحبة وبالتفرد وبالوطنية، لحظة أيها الأنقى لاشك «من أطهر أطهرهم» تحديداً. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك