صندوق النقد يتوقع تسارع النمو في الخليج 1 % سنوياً خلال 2025 و2026    "المجاهدين الفلسطينية": ما زال اليمن يضرب أروع أمثلة الصدق والوفاء لنصرة غزة    شهداء بمجازر متواصلة في غزة واجتماع موسع للضغط من أجل حل الدولتين    فريق شعب إب لكرة السلة يعود إلى دوري الدرجة الأولى بعد فوزه على 22 مايو    المسعد...لم يجد من يسعده    أحمد راضي... الإعصار الهادئ الذي سرق قلوبنا    بحضور وزير الشباب .. عرض كشفي لطلاب الدورات الصيفية في البيضاء    وزارة الشباب والرياضة تمنح نادي سبأ الرياضي بمأرب الاعتراف النهائي    باريس سان جيرمان يتوج بكأس فرنسا ويحقق الثنائية المحلية    الشعبة الجزائية تقضي بحبس عدنان الحرازي 15 عامًا    الرهوي يؤكد دعم الحكومة لجهود وزارة الثقافة والسياحة    ريال مدريد يعلن إصابة فالفيردي    تحرير الضالع صمود أسطوري وتلاحم بطولي    بصاروخ إسرائيلي: طبيبة فلسطينية تفقد اطفالها ال 9 (صور)    الرئيس الزُبيدي: سواعد رجال المقاومة رسمت أول نصر ولن نتوقف حتى الاستقلال    للعِبرة..؟؟    شرطة حضرموت الوادي والصحراء والنيابة العامة تنفذان حكم قصاص بالاعدام في المحكوم عليه #ناصر_الكلدي    الأرصاد يتوقع هطول أمطار رعدية على عدة محافظات ويحذر من تدفق السيول    السامعي يكشف عن توجيه للاعلام الرسمي بمقاطعته واخرين ويؤكد وجود انفصاليين في سلطة صنعاء    روسيا تدخل قائمة أكبر 3 اقتصادات عالمية من حيث فائض التجارة    العثور على خاتم ذهبي نادر يعود إلى القرن الثالث ق. م. في القدس    العثور على كنز بيولوجي تحت سطح البحر قد يغير فهمنا لتاريخ البشرية    مليشيا الانتقالي تحاصر تظاهرة للنساء في عدن    نيابة المخالفات بالحديدة تتلف 14 طن دجاج مستورد غير صالح للاستخدام الادمي    مصرع 7 مرتزقة بغارة جوية في أبين    روسيا تقصف سفينة تنقل معدات عسكرية إلى ميناء أوديسا    اليوم قرعة كأس العرب لكرة القدم    الجولاني دخل سجن بوكا الأمريكي كإرهابي قاعدي وخرج منه داعشي    10 وفيات في عدن نتيجة للحميّات والأوبئة وانقطاع الكهرباء    الغيثي: ضغوط على الانتقالي لتسليم شبوة لقوات "درع الوطن العليمية"    "آل بن سميط" يحتفلون بزفاف الشابين الدكتور أحمد والدكتور عبداللاه بمدينة شبام التاريخية    العميد بن عامر يكشف عن ترتيبات خليجية لتهجير أبناء غزة    كارثة صحية في المناطق المحتلة    منع "ثورة النسوان" من التظاهر بساحة العروض بعدن    في قضية سجين الرأي الصحفي محمد المياحي    عدن بين مشهد الأمس وواقع اليوم    هزة ارضية في خليج عدن    عدن .. تظاهرة نسائية تتحول إلى مسيرة بعد منعها من دخول ساحة العروض    ميلان يحقق الفوز امام مونزا في اخر جولات الدوري الايطالي    إنجاز وطني عظيم    ليفربول يقترب من تجديد عقد المدرب سلوت    النعمي يكشف عن تمرد على قرار رئاسي بخصوص ضرائب قات الشرفين ويتهم لوبي بالتحريض ويتحدث عن مغارات فساد    شركة نفطية أجنبية تنسحب وابن بريك يوجه بتشكيل إدارة لقطاع العقلة النفطي ويحدد الجهة التي يوجه إليها الانتاج    مقهى "الإبي" وصاحبه بتعز .. سبعون عامًا من ثبات الموضع وتبدلات الأحوال    تقرير: زيادة الرسوم الأمريكية 50% قد تكلف ألمانيا 200 مليار يورو    الذهب يرتفع أكثر من 2 بالمائة    تدشين غرس 10 الاف نخلة في شوارع الحديدة    شرطة مرور إب تضبط سيارتين بسبب التفحيط    يمنيون بالقاهرة يحتفلون بالذكرى ال35 للوحدة اليمنية    الصحة العالمية: وفاة 10 أشخاص وإصابة نحو 13 ألف بالكوليرا في اليمن خلال الثلث الأول من 2025    في ذكرى رحيله العاشرة    اليمنية تحدد موعد بدء تفويج الحجاج من مطار صنعاء الدولي    اليمنية تحدد موعد بدء تفويج الحجاج من مطار صنعاء الدولي    الخطوط الجوية اليمنية تعلن البدء بتفويج الحجاج من مطار صنعاء اعتبارا من الغد    مطاوعة وزارة الأوقاف يحتكرون "منح الحج المجانية" لأنفسهم    نداء شعب الجنوب العربي إلى العالم لإغاثته من الكارثة الإنسانية    اكثر من (8000)الف حاج وحاجه تم عبورهم عبر منفذ ميناء الوديعه البري مديرية العبر بحضرموت    دراسة صادمة تكشف ما قد يفعله الهاتف الذكي بعقول الأطفال!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلام يا رُوس القبائل
نشر في الجمهورية يوم 27 - 05 - 2013

لفيلسوف التاريخ وعالم الاجتماع والسكان عبدالرحمن بن خلدون رؤيته في الدولة والمجتمع، وقد شبّه الدولة في مراحلها بالإنسان, طفولة ونمواً، فشباباً وقوةِ، فشيخوخة وضعفاً.
واذا ما كان علماء السكان قد توصلوا إلى أن هناك جينات يتوارثها الإنسان من أسلافه، وأنها قد تظل في حالة كمون ولا تظهر إلا في الجيل السابع؛ هل نستطيع القول إن المجتمع عموماً يشبه الإنسان الفرد، وإنه يتوارث قيماً وسلوكيات إيجابية حضارية أو عكساً من ذلك؛ وإنها قد تكون في حالة كمون أو اختفاء فلا تظهر على التكوين النفسي والسلوكيات المجتمعية إلا بعد عقود أو قرون؟!.
وإذا ما أردنا التدليل على ذلك بمثال من مجتمعنا اليمني فسنتجه إلى فعاليات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، كونه يشكّل البوتقة الجامعة التي تتفاعل فيها مكوّنات التشكُّل لتحوّلٍ مهم في حياة اليمنيين، ومنعطفٍ تاريخي نحو يمن جديد.. من فعاليات ومستجدات مؤتمر الحوار الوطني نأخذ أو نستمد شاهداً من مشاركة المرأة ومكانتها، في مؤتمرٍ بهذه الأهمية ويحوي من رؤوس وممثلي القبائل والعشائر، كما يحوي ممثلي النُخب والقيادات السياسية.. وكيف تفوّقت المرأة في مجرياته على أكبر الأحزاب الدينية السياسية في رئاسة اللجان وشغل مواقع النائب والمقرّر عن طريق صناديق الاقتراع؛ حيث تقدّمت المرأة على شخصيات سياسية وقبلية لها شهرتها ومكانتها ونفوذها ما يدل على ما يجعلنا نقول: هل ما نحن عليه من جدّية أمام المحك العملي التحاوري لمعالجة مشكلات البلاد ورسم مستقبلها قد أظهر الموروث الحضاري اليمني الذي ظل في حالة كمون منذ ما قبل الإسلام؛ أي منذ عهد الملكة بلقيس التي سلّمها راية القيادة من قالوا: «نحن أولو قوة وبأس شديد» وعندما قالت لهم: «ما كنت قاطعةً أمراً حتى تشهدون» أعادوا إليها الأمر لتنظر بما تأمرهم به فيطيعون.
وإذا ما كانت هذه الثقافة والتكوين الحضاري قد اختفى وظل في حالة كمون نتيجة التمزُّق والتفرُق وتعدُّد الكيانات القبلية، فإنه قد ظهر وبرز بعد فترة كمون عند ظهور الملكة السيدة أروى بنت أحمد؛ ثم عاد إلى الكمون والاختفاء ليبرز هذا الإرث مع هذا المنعطف التحوّلي الذي تمر به اليوم، ومن خلال شواهد منها عملية اختيار الأخت نبيلة الزبير، رئيسة للجنة صعدة التي تجمع بين أعضائها رموزاً قبلية وعشائرية كبيرة، وكيف تغلّب الجانب القبلي المؤيد على الجانب القبلي المعارض لرئاسة امرأة، وتم التعبير عن الاعتزاز بذلك الاختيار الحضاري بأكثر من زامل شعبي منها ما نظّمه المبدع أحمد المنيعي من أبناء قبيلة مأرب، أحد الممثلين لحركة «أنصار الله» بعد أن كان عضواً فاعلاً في التجمع اليمني للإصلاح، يقول الزامل:
«سلام يا رُوس القبايل
يا ذي رئيستكم (نبيلة)
ترأست سُني وشيعي
وطوّعَتْ كَمْ من قبيلة»
وفي هذا كما هو واضح تعبير عن الإعجاب بسلوك حضاري مع بداية التحوُّل المطلوب نحو الدولة المدنية، وعدم التمييز بين الجنسين؛ لا بتمكين المرأة من المشاركة فحسب؛ بل وتبوؤ المناصب القيادية، بعيداً عن الرواسب المتخلّفة، وأن القبول بتزعم وقيادة المرأة إذا ما كانت مؤهّلة ومقتدرة يستحق الإعجاب والتبجيل في مجتمع لم يشهد من فترات الازدهار أفضل مما شهده في عهدي ولايتي المرأتين «بلقيس وأروى».
ويشير هذا الزامل إلى أن لا عصبية ولا قبلية ولا مذهبية في التعامل مع أمور تتطلّب الجدية والموضوعية، وأن تطويع القبيلة ومفاهيمها لما يخدم بناء المجتمع ومدنية الدولة يأتي من القناعة بمصداقية التوجه نحو التغيير إلى الأفضل، فالقبيلة التي عجزت جيوش عن تطويعها بما في ذلك جيش عبدالناصر أو الجمهورية العربية المتحدة، يمكن أن تطوّعها تلكم القناعات؛ وإلا ما الذي تمتلكه نبيلة الزبير من مالٍ وجيش وقبائل حتى تترأس سنّياً وشيعياً، وتطوّع أكثر من قبيلة عُرفت بالعناد والاستعصاء؟!، إنه الموروث الثقافي الحضاري الذي لم يفارق التكوين النفسي للشخصية اليمنية.
إن ما يدور في مؤتمر الحوار ليبعث على التفاؤل، ويشير إلى استعداد اليمانيين بتجمعاتهم السكانية البدوية والقبلية إلى التكيف مع ما تتطلّبه مستجدات وحتميات العصر وجديد المرحلة متى ما توافرت الجدية والتوجه العام نحو هدف واضح محدّد المعالم.
قد يرى البعض في ما أشرت إليه مبالغة أو إفراطاً في التفاؤل، ويدحض ما أوردناه بشيء معاكس أو بنقيضه من داخل مؤتمر الحوار، وهو ما تعرّضت له الأخت ليزا الحسني، نائبة رئيس اللجنة العسكرية في إحدى قاعات المؤتمر، ولمن يحاججنا بذلك لا ننكر أن ما تعرّضت له ليزا تصرُّف لا يليق ولا يدل إلا عن حالة نزق وانفعال عابرة خدشت جمال لوحة أو صورة الحوار الوطني؛ إلا أن طريقة معالجة المشكلة أو ما حدث عن طريق التحكيم القبلي والودية في احتواء ما حدث، وتصريح الأخت ليزا أن الأمر قد عُولج وسوّي كمشكلة عائلية داخل البيت (الحسني) يجعلنا نقول: «يا دار ما دخلك شر» ومادام الأمر عائلياً فقد خرج من إطار التعاطي معه في إطار مجريات الحوار والسياسة والنظر إلى المرأة والتعامل معها.. وما أبدته رؤوس القبائل من تحضُّر وتقدير للمرأة عند انتخاب الأخت نبيلة والأخت ليزا وغيرهما من الأخوات يجعلنا نكرّر الإعجاب بهم، ونقول مع الشاعر: «سلام يا رؤوس القبائل» يا من كبرتم بتقليد المرأة رئاسة واحدةٍ من أهم لجان المشاكل التي مرّت بها البلاد ومازالت تعاني آثارها.
أبلغ وأجمل تنديد واحتجاج
أجمل وأبلغ تنديد واحتجاج على قتل الشابين الخطيب وأمان لتجاوزهما موكباً «مشائخياً» وسط العاصمة صنعاء وليس في سباق (داحس والغبراء) الذي تسبّب بحربٍ ضروس استمرت أربعين عاماً بين القبائل العربية؛ رأيته عبر ملصق على إحدى السيارات التي وضع صاحبها لوحة في زجاجها الخلفي تقول: «انتبه.. السيارة تابعة لشيخ، إحذر التجاوز لسلامتك..!!» هكذا رأيت على إحدى السيارات، وتأملوا كم في ذلك من معانٍ احتجاجية ونقد ساخر لأكثر من طرف من الدولة إلى المتنفّذين، وما ستحمله هذه اللوحة من رسائل لها دلالاتها وهي تجوب شوارع العاصمة صنعاء وغيرها!!.
رابط المقال على الفيس بوك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.