كنا ( ومازلنا ) نحلم ونتطلع الى دولة يمنية حديثة يسود فيها العدل والنظام والقانون . دولة كل من فيها يعمل وينتج كي ينهض ويتقدم بالوطن في كل المجالات , لا ان يخرب ويدمر ما انجز في هذا الوطن !! دولة يعرف ويدرك كل فرد فيها مهما كان مركزه وانتماؤه السياسي معنى حب الوطن والانتماء للوطن, والتضحية من اجل الوطن , لكننا اليوم وللأسف الشديد وفي ظل التردي الواضح في العديد من القطاعات الاقتصادية والمعيشية وفي قطاع الخدمات الضرورية بشكل خاص مثل قطاع الكهرباء الذي يشهد يوميا اعمال تخريب تجعل اليمن كلها تغرق في ظلام دامس لعدة ساعات بل لأيام .., في ظل ذلك كله اصبحنا نحلم ونتطلع الى دوله تتوافر فيها مقومات الحياة الضرورية والعيش الكريم . دولة لا تنقطع عن بيوت سكانها المياه والكهرباء !! ولا تغرق معظم ارجائها في الظلام ويسود كل بيت ومحل فيها (ماطور) الكهرباء بضجيجه وتكاليفه!! حتى اصبحنا نعيش في ظل دولة الظلام وسيادة الماطور . بدلا من دولة النظام وسيادة القانون .!! ان السبب الرئيسي لحالة التردي التي وصلنا اليها في قطاع الخدمات الضرورية بشكل خاص يتمثل من وجهه نظري الشخصيه في غياب او ضعف هيبة الدولة !! وضعف قدرتها على السيطرة والتحكم فى هذا القطاع الضروري والهام الذي يؤثر فى مختلف الجوانب المعيشية للمواطن . وهيبة الدولة في عصرنا الحالي عصر العولمة وقيم الحداثة والديمقراطية وحقوق الإنسان ترتبط بمدى إرادة وقدرة السلطة على احترام وظائف الدولة وغاياتها التي وجدت لأجلها وفي مقدمتها حماية الحريات الفردية والجماعية والحفاظ على الممتلكات الخاصة والعامة والاحتكام إلى النظام و ألقانون والفصل بين السلطات وبسط العدل الذي هو أساس حكم كل دولة حديثة وعصرية وإنسانية ، وإرساء علاقة تعاقدية بين الدولة والمجتمع , فبذلك تقاس وتتوطد هيبة الدول أليوم , وليس بمظاهر التبجيل والتعظيم والتقديس التي تتحول معها الهيبة إلى خشوع وإذلال وانتهاك لروح المواطنة , ولا بنصائح مكيافيللي للحاكم بأن يكون «أسدا وثعلبا» في نفس الوقت أي أن يكون قويا مفترسا تارة، وماكرا مخادعا تارة أخرى لأجل فرض النظام والاستقرار .. ووحدها اليوم الدولة الديمقراطية التعددية, دولة النظام والقانون والعدالة من تتوفر فيها المقومات الذاتية للهيبة , وتفرض _ بالتالي _ الاحترام والوقار لها، لا الخوف والرعب منها. ومن الضروري الإبقاء والدفاع عن هيبة الدولة ولكن ليس بخطابات الولاء الاعمى وبتكريس مختلف طقوسها و«بروتوكولاتها» العتيقة او بالتضليل الاعلامى والاستخفاف بعقول الجماهير , و الوعود الوهمية بالإصلاح والتطوير والتنمية . وإنما بالعدل اولا كأساس للحكم , والعمل الجاد والمخلص من قبل حكومة الوفاق على اصلاح الوضع الحالى سياسيا واقتصاديا واجتماعيا بروح الفريق الواحد بعيدا عن المزايدات والمكايدات السياسية , وتهيئة الاجواء لنجاح مؤتمر الحوار الوطنى الشامل بين مختلف القوى السياسية على الساحة على قاعدة حب الوطن والحرص المشترك على وحدته وتقدمه وأمنه واستقراره , وبسط العدل في كل الجوانب , ومحاربة الفساد بكل اشكاله ومظاهره وتطهير مؤسسات الدولة والمجتمع من المفسدين مهما كانوا ومهما كان من يقف ورائهم , وقبل كل ذلك العمل على نشر الوعي بحب الوطن والولاء والانتماء له بين مختلف فئات وطبقات المجتمع , ونشر وتعميق وترسيخ ثقافة المواطنة المتساوية بما تعنيه من صيانة لكرامة الانسان كفرد وحماية لحريته من أي انتهاك او وصاية من طرف سلطة ما , مهما كانت طبيعتها, فبالمواطنة المتشبعة بقيم العقل وأخلاق القانون والنظام وحب الوطن سيتحرر الفرد المواطن, رجلا وامرأة , من إرث الخوف في علاقته بالسلطة وبالسياسة , ومن كل مظاهر وطقوس الولاء والطاعة المهينة لكرامته , وحينها ستصبح هيبة الدولة احتراما ووقارا تلقائيين واعيين لها ..لا تعبيرا عن خوف. ولا تنازلا عن الكرامة الشخصية . وختاما أقول بأننا في يمن الإيمان والحكمة نمر اليوم بظروف وأحداث خطيرة يمكن أن تعود ببلادنا إلى الوراء إذا لم نعالجها ونتجاوزها بحكمة ونغلب مصلحة اليمن فوق أي حساب ومصالح أخرى مهما كانت .ونتكاتف جميعا لتحقيق الدولة اليمنية الحديثة بأسلوب ديمقراطي حديث وحضاري يقوم على الحوار بين جميع الأطراف وأطياف العمل السياسي على الساحة الوطنية على أسس متينة من الثقة والتعاون والحرص على مصلحة الوطن ووحدته وتقدمه وأمنه واستقراره ., فالوطن يتسع للجميع والدولة اليمنية الحديثة سينعم بخيرها الجميع لذلك لابد أن يسهم في تحقيقها وتجسيدها على ارض الواقع وحمايتها جميع أبناء الوطن لأنها اكبر من أن يحققها ويحميها ويحافظ عليها أشخاص أو فئات أو قوى سياسية بعينها . * أستاذ التسويق المساعد / جامعة تعز رابط المقال على الفيس بوك