قديماً قالوا إذا عطست مصر أصيبت بقية الاقطار العربية بالزكام والرشح وفي هذا المثل دليل على مدى تأثير الاحداث المصرية على مختلف البلدان العربية وخصوصاً منها اليمن . فاليمن اكثر بلد عربي يتأثر بما يجري في مصر ، بل ان احد المهتمين قال إن أحداث اليمن السياسية ليست سوى اصداء لأحداث التاريخ السياسي المصري . لكنني اجد نفسي هنا أختلف تماماً مع القول بأن ما يحدث في اليمن ليس اكثر من اصداء لتاريخ مصر رغم ان هناك تأثيراً سياسياً واجتماعياً ،لكن هذا التأثير لايلغي وجود خصوصية للواقع اليمني ولاينفي وجود إستقلالية لأحداث التاريخ في اليمن . لقد لفت انتباهي بهذا الخصوص طبيعة ردود الفعل اليمنية على أحداث المشهد السياسي بمصر مؤخراً. فالملاحظ على مكونات الواقع السياسي في اليمن أنهم يتابعون ما يجري بمصر وكأنهم يتابعون شأنهم الداخلي ،معلقين على ذلك الاهتمام بكل بساطة إنما يجري في مصر سيعكس نفسه على المشهد السياسي اليمني بدون حدوث إرهاصات محلية . انه وعي المحاكاة والاتكال على التأثر بما يجري عند الآخرين ،أي أن أي نتائج للحدث المصري ستتحقق في اليمن تلقائياً والكل مسلم بهذا . ولا ادري كيف نغفل خصوصية الواقع وشروط الحدث نفسه مع طبيعة الديناميكية المحركة للحدث والتي تختلف من بلد الى بلد ومن واقع الى آخر. فعلى سبيل المثال لاحظت مجموعة من الشباب ينتمون الى حزب التجمع اليمني للاصلاح يؤكدون على صفحات التواصل الاجتماعي (فيس بوك) ان إنتصار الاخوان المسلمين في مصر هو انتصار للإصلاح في اليمن وان هزيمة الاخوان في مصر هي هزيمة للاصلاح في اليمن . وبهذا الخصوص يجدر بي أن أشير الى وجود فوارق عديدة بين المشهد السياسي في اليمن وبين المشهد السياسي في مصر ومنها مثلاً إن جماعة الاخوان المسلمين في مصر تسرعوا بإعلان مرشحهم لرئاسة الجمهورية في مرحلة تالية للثورة وهي مرحلة بالغة الحساسية وهم يدركون جيداً أن أي رئيس سيحكم في هذه المرحلة سيكون مصيره الفشل . بينما نجد حزب الاصلاح في اليمن رمى بكل ثقله في دعم مرشح التوافق الوطني وهو من الحزب الحاكم سابقاً ،كما أن الاصلاح لم يقدم مرشحاً لرئاسة الحكومة ،وبهذا يكون حزب الاصلاح قد جنب نفسه مغبة الاحراج والفشل ،ومن جانب آخر نجد ان الاخوان المسلمين في مصر عندما وصلوا الى السلطة بدأوا يمارسون الاستحواذ ويستعدون بقية المكونات السياسية وتعاملوا مع الحكم بغباء سياسي مفرط . في حين إن الاصلاح متمسك بتجربة اللقاء المشترك مع بقية القوى السياسية شركائه في الثورة ويحاول ارضاءهم على اكمل وجه. أضف الى ذلك وفي سياق المقارنة نفسها نجد ان الاخوان المسلمين في مصر أسهموا الى حد كبير في توقيف العملية السياسية الى جانب المعارضة التي تعاملت هي الاخرى مع الحركة الاسلامية تعاملاً إقصائياً شمولياً عدائياً ادى الى تجميد العملية السياسية نهائياً. في الوقت الذي نجد فيه ان حزب الاصلاح لعب دوراً كبيراً مع حلفائه في المشترك في تحريك العملية السياسية والدفع بها الى الامام رغم العوائق التي اعترضتها . أما ردود افعال بعض الأحزاب فحدث ولا حرج ،ما إن أعلن قائد الجيش المصري عزله للرئيس محمد مرسي حتى فاحت رائحة الشماتة في كل ارجاء اليمن ،فأعلنت الافراح واطلقت الزغاريد وخرج رموز من النظام السابق للاحتفال في الشوارع والميادين واطلق بعضهم النار في الهواء ،كانوا يحتفون بعزل مرسي ،واظهروا الشماتة في حق حزب الاصلاح واحزاب المشترك معتقدين بكل غباء أن ما حدث في مصر سيحدث في اليمن . بل إن بعض تلك الأحزاب تسابقت على اقتناء اسوأ عناوين الشماتة مثل “الشعب المصري يكنس الاخوان “المصريون ينهون حكم الاخوان الى الابد» «إصلاحيو اليمن يتحسسون رؤوسهم» وغيرها من عناوين الشماتة البائسة فهل في هذا عقل او حكمة؟! [email protected] رابط المقال على الفيس بوك