أصبحت مشكلة المياه في مدينة تعز تمثل قصة مؤلمة ومبكية في آن واحد فمشكلة مياه تعز مشكلة مزمنة وسكان هذه المدينة يعانون الأمرين جراء استمرارها وتفاقمها يوماً عن يوم وأصبح السكان يعيشون في حيرة من أمرهم باعتبار الكثير منهم غير قادرين على شراء الوايتات لمحدودية دخولهم كما أن هناك مساكن لا تصلها خراطيم الوايتات لبعدها عن الشوارع فأصبحت مشكلة المياه مشكلة مؤرقة ومحزنة ويضيق منها الحال. والمخزي في نفس الوقت أن هذه المشكلة قد تعاقبت عليها عشرات الحكومات وكل حكومة تعمل على مناقشة هذه المشكلة وتتكلم عنها الوسائل الإعلامية المختلفة والتي تعكس نية هذه الحكومة أو تلك في وضع حل للمشكلة لكن الأمر غير ذلك فما إن ينتهي الاجتماع حتى تكون مشكلة مياه تعز في عالم النسيان وتأتي حكومة جديدة وهكذا تكون المسرحية وكما يقول المثل: نسمع جعجعة ولا نرى طحناً. كان في الماضي القريب تنقطع المياه لشهر أو أقل ووصلت بعض الأحيان إلى أن تنقطع أربعين يوماً إلا أن المشكلة اليوم قد كشرت عن أنيابها أكثر وأكثر وأصبحت الكثير من أحياء المدينة مقطوعة عنها المياه لما يزيد عن ستين وسبعين يوماً وإزاء هذا الوضع المأساوي والمبكي كيف للأسر أن تعيش داخل بيوتها وهي تعيش هذه الأزمة الخانقة للمياه .. صدقوني: لقد طفح الكيل ووصل الحال إلى أن الكثير من الأسر تفكر بالرحيل من هذه المدينة الحالمة هروباً من الكارثة المحققة إن لم يتم تدارك هذه المشكلة ووضع حدٍ لتفاقمها، فهي مشكلة أرقت الصغار قبل الكبار فكم هي الحوادث التي يتعرض لها الأطفال وهم يلاحقون سيارات المياه لكي يظفروا بدبة ماء صغيرة تعينهم على قضاء جوائحهم في بيوتهم فكان آخر هذه الحوادث لطفلة، ولولا لطف الله فيها لكانت في خبر كان، عندما كانت تتزاحم مع الأطفال الآخرين للفوز بدبة ماء صغيرة من ذلك الوايت الذي يفرغ حمولته لأحد المنازل .. هذه الواقعة كانت في أحد أحياء المدينة وتحديداً في الضبوعة العليا وهذه ليست الحادثة الأولى ولن تكون الأخيرة إذ لم تتحرك الجهات المعنية وبأسلوب عملي لوضع حل لمشكلة مياه تعز. وما يؤلم كثيراً هو أن الجهات المعنية لم تحرك ساكناً ولن نسمع عن أي حلول عاجلة تغيث السكان مما هم فيه من ضيق وألم .. لم نسمع أي تصريح لأي مسئول وكأن الأمر لايعنيهم، وهنا نقول: من الخطأ أن الحكومة لا تولي هذه المشكلة أدنى اهتمامها بالرغم من خطورتها فحدود الصبر قد بدأت تنفد والناس في ضيق من أمرهم والحلول يرونها أمامهم مسدودة، فماذا عساهم أن يفعلوا بعد ذلك. قد يقول البعض: وماذا فعلت السلطة المحلية، وأقول هنا ليس نفاقاً: بأن المشكلة أكبر من قدرة السلطة المحلية على جلها بالرغم من أنها تعمل جاهدةً في التقليل من حدة المشكلة فهي تسعى الآن إلى إخراج مشروع تحلية المياه من البحر, إلا أن المشروع يحتاج إلى وقت باعتباره من المشاريع الاستراتيجية لمدينة تعز.. في الماضي أقمنا احتفالات لمناسبات مختلفة وكانت تكلف مئات المليارات تنتهي بانتهاء يوم المناسبة وفي اعتقادي أن هذا سفه في ظل حاجة الناس لأبسط مقومات الحياة وهو الماء لأن توفير المياه للناس أهم من أي احتفال يستنزف مئات المليارات من خزينة الدولة لذا أقول على الحكومة أن تنزل إلى تعز وتعقد إحدى جلساتها لتقف على صلب المشكلة اللهم ألهمها ذلك.