هناك فجوة كبيرة مازالت قائمة بين مهنة التعليم كمهنة طاردة محفوفة بالاخطار والمستقبل المجهول عندما يصل المعلم الى سن التقاعد.. فيجد نفسه وحيداً شريداً لا رعاية ولا اهتمام من الدولة.. حيث المردود المادي الهزيل، والوضع الاجتماعي المتردي.. فالمعلمون كثيرو الشكوى والتظلم من حقوقهم المهضومة في علاواتهم الدورية التي لم تصرف لهم بأثر رجعي منذ عام 2005 وحتى 2010م «فوارق علاوات».. كما ان المعلمين يشعرون بقسوة المجتمع عليهم.. واتهامهم بأنهم السبب الرئيس في تدني حال التعليم وتدني مستوى ابنائهم التعليمي.. وتخلف اوضاع المجتمع، وانتشار الأمية والانحراف بين الشباب.. هذه النظرة القاصرة عكست بظلالها على اداء المعلم، وضعف الاحساس بالمسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقه.. ولذلك لابد من وزارة التربية والتعليم ان تراعي الجوانب العلمية والتربوية وتحسين اوضاع التربويين المادية والوظيفية والاجتماعية.. دون ذلك نظل «امة معرضة للخطر».. علينا ان ندرك حقيقة علمية مفادها ان الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية تلعب دوراً فاعلاً ومؤثراً في تجويد أو تدني العملية التعليمية التربوية بل في تحسين اوضاع المعلمين ورفع قدراتهم وتحسين أدائهم المهني.. ولذا نرى كثيراً من الدول النامية تعاني ضعفاً في الاداء، وتردياً تربوياً وتعليمياً بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية.. وهناك مسألة مهمة جداً غياب الاهداف والسياسات، والإعداد للمهنة، وبرامج اعداد المعلمين، ونوعية المؤسسات المعنية باعداد وتدريب وتأهيل المعلمين.. نحن ندرك وكذلك قيادة الوزارة ان هناك كماً كبيراً من خريجي الثانوية والشهادات غير التربوية تعمل في مجال التدريس دون دورات تدريبية أو تأهيلية.. وهذا خطأ فادح يتحمله القائمون القدامى والجدد في الوزارة، نتيجة السياسات العشوائية والارتجالية غير المدروسة.. وخلط الأوراق السياسية بأوراق التعليم.. نحن لا نشكو من نقص في عدد المعلمين بل نشكو من ندرة الكوادر العلمية المؤهلة تأهيلاً عالياً وخاصة في مجال التخصصات العلمية واللغة العربية التي اصبحت مهملة في التدريس.. فالمشكلة الآن التي تواجه الوزارة هي أن ربع المعلمين في مراحل التعليم العام غير مؤهلين تربوياً وعلمياً ومهنياً وهنا تكمن الكارثة.. على الوزارة ان تدرك ان هناك ادارات مدرسية غير مؤهلة تربوياً ولا علمياً ولا مهنياً.. ولذلك لابد ان تعيد النظر في الترشيحات لتلك المناصب التربوية القيادية بوضع لوائح وقانون الادارة المدرسية الذي ينظم عملية الترشيح لتلك المناصب القيادية التربوية حتى لا تكون تلك المناصب كالغنائم والاسلاب في الحروب.. لابد من وضع نظام ولوائح وقانون ينظم عملية الترشيح تحت اشراف لجنة من قطاع التوجيه والمناهج والاختبارات وقطاع التعليم العام والثانوي حتى نضمن جودة التعليم والارتقاء به.. كل عام دراسي يمر وللأسف مؤشرات التعليم تتدهور في جميع المراحل الدراسية، فضلاً ان اعداداً كبيرة من الكوادر التربوية المؤهلة اصحاب الخبرات التراكمية، والتجارب الطويلة تركوا مهنة التعليم وتحولوا إلى مهن اخرى أو طلبوا الاحالة للتقاعد هروباً عن تردي احوال مهنة التعليم.. علينا ان ندرك اننا امام تحديات معرفية وعلمية وتكنولوجية هائلة وضخمة اذا لم نستوعبها استيعاباً جيداً سنظل ندور في حلقات التلقين والحفظ.. ونكون بعيدين كل البعد عن مفاهيم العولمة والتوجه العلمي المبرمج، وثورة المعلومات والاتصالات.. لذلك فالمعلم المؤهل تأهيلاً علمياً وتكنولوجياً عالياً هو مفتاح عملية التنمية الانسانية الشاملة.. بل عامل مهم وحاسم في نجاح او فشل العملية التعليمية التربوية في أي مجتمع من المجتمعات النامية او المتقدمة..!!. اذاً لابد من اعادة النظر في برامج وخطط التدريب والتأهيل وخاصة القيادات التربوية العاملة في الميدان حتى نرتقي بالعملية التعليمية التربوية الى وضع افضل مما هو عليه الآن..!!. رابط المقال على الفيس بوك