نقلاً عن مصدر أمريكي رفيع المستوى ، قالت قناة ( سي. إن. إن) الأمريكية ،أشهر القنوات العالمية ، صباح يوم الثلاثاء 27 أغسطس الجاري ، إن الهجوم العسكري على سوريا سيتم خلال أيام . وتقصد بهذا التوقيت أن الهجوم الجوي الصاروخي بات وشيكاً . بمعنى في فترة لا تزيد عن أسبوعٍ واحد ، بحكم متابعتي لها قبيل حدوث أمور كهذه فيما مضى .إلى جانب ذلك نشرت وكالة الأنباء الفرنسية امس الاول خبراً مفاده أن الرئيس الفرنسي(هولاند) صرح ، مساء ذات اليوم ،عن موافقة بلاده على شن هجوم عسكري على سوريا ولكن بشكل محدود على أن تكون الولاياتالمتحدة رأس الحربة ، ولتجاوز (الفيتو الروسي والصيني ) على كل قرار حول سوريا قد يلجأ الحلفاء ، بحسب باريس ، إلى مفهوم “المسؤولية عن حماية” الشعوب من جرائم الحرب أو ضد الإنسانية. وهذا المفهوم مشتق من “حق التدخل” لأسباب إنسانية واقر في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2005م.وبالتالي يبحث (هولاند) في استثناء لمبدأ أقره سابقا وهو امتناع فرنسا عن المشاركة في تدخل عسكري من دون موافقة مجلس الأمن الدولي. وكانت وزارة الخارجية الأمريكية أعلنت في وقت سابق من اليوم 27 أغسطس/آب عن تأجيل لقاء بين ممثلي كل من روسياوالولاياتالمتحدة في لاهاي حول الإعداد لمؤتمر “جنيف 2” على خلفية استمرار المشاورات بشأن الرد على استخدام محتمل للأسلحة الكيميائية في سورية. واعتبرت المصادر الاستخباراتية الإسرائيلية ، يوم أمس الاول، أنه ( لا يوجد خيار أمام الولاياتالمتحدة الآن سوى الرد على استخدام سلاح كيميائي من أجل الحفاظ على قدرة ردعها في الشرق الأوسط ) .دعونا نفترض احتمال القيام بالضربة الأمريكية الغربية على سوريا ، لنتساءل ما هي الأسباب والدوافع وموقعها من الإستراتيجية العسكرية الأمريكية .؟! على ما يبدو إن مقدمة الإجابة عن هذه الأسئلة تجلى في التصريح الإسرائيلي الذي سقناه ومفاده : (من أجل الحفاظ على قدرة ردعها أي أمريكا في الشرق الأوسط ) . وكما عودتنا أمريكا في سياستها الخارجية تجاه الدول والأنظمة التي لا ترغب في وجودها ، فإنها اتخذت قرارها العسكري انفرادياً دون الرجوع إلى مجلس الأمن الدولي ، وذلك بتسويق مبرر استخدام هذا النظام أو ذاك السلاح الكيميائي مما يستدعي تدخلها الفردي كما تزعمه هي وحلفاؤها مثلما حدث كذلك لغزو العراق عام 2003م . وكانت الولاياتالمتحدة بعد انتهاء الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي ، وانهيار ما كان يسمى بالإتحاد السوفييتي ،استغلت فرصة انهيار التوازن بين المعسكرين ،وضعف حلف ( وارسو) ،وسقوط أنظمة دول أوروبا الشرقية الواقعة تحت الهيمنة السوفيتية، لبسط نفوذها على العالم، وتقوية حلف شمال الأطلسي ،الذي تأسس ل”محاربة الشيوعية”، عوض حله، بعد انهيار “العدو”... وسيطرت أمريكا عسكريا وسياسيا على مناطق جديدة من العالم، منها الوطن العربي وأفريقيا وجزء من آسيا، إضافة إلى كامل منطقة أوروبا، باستثناء روسيا... وكان الشعب الفلسطيني، بشكل خاص، والعرب بشكل عام، من أكبر الخاسرين والمتضررين من سقوط الإتحاد السوفيتي، الذي وإن لم يكن صديقا، فقد كان يمثل قوة ردع يحسب لها ألف حساب، وله مصالح يدافع عنها... وكانت الحرب على العراق سنة 1991، بمشاركة عربية، وكانت اتفاقية أوسلو وما تعنيه من التخلي عن 80 بالمائة من فلسطين وعن ثلثي شعبها (اللاجئين)... وفي الجانب الاقتصادي تعزز نفوذ صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية... وتعزز بالتالي نفوذ الإمبريالية الأمريكية، التي قضت على أي هامش لاستقلالية حلفائها أو منافسيها، وقضت على محاولة بعض القادة الأوروبيين لخلق كيان سياسي أوروبي، يتمتع بنوع من استقلالية القرار.) [ المفكر والمحلل السياسي / الطاهر المعز / مجلة (الحوار المتمدن)-العدد: 3784 – 10/ 7/ 2012م ] وبعد تدمير العراق وتقسيمه والقضاء على مقومات الدولة الوطنية، وضمان هيمنتها الدائمة، أعلنت أمريكا عن سحب جيوشها، مع الإبقاء على كل مقومات سيطرتها الكاملة على البلاد... وأعلنت عن سحب قواتها من أفغانستان، بعد تخريب البلاد، مع الإبقاء على قواعد عسكرية فيها وفي البلدان المجاورة،... وتزامن إعلان “انسحاب” الجيوش الأمريكية من العراقوأفغانستان مع تكثيف تواجدها العسكري في إفريقيا، بواسطة القيادة العسكرية الموحدة في أفريقيا “أفريكم”، خصوصا بعد الحرب ضد ليبيا، وفي الجانب الآخر من الكرة الأرضية أعلنت أمريكا عن إستراتيجيتها الجديدة، وتحويل ثقل وجودها العسكري إلى جنوب آسيا . وفي مارس من العام 2012م كتب / هنري كيسنجر، مستشار الأمن القومي الأمريكي، ووزير الخارجية في مرحلة الحرب الباردة ، يقول : (إن تحول موازين القوة في القرن الحادي والعشرين، في المجالات الاقتصادية، والسياسية والعسكرية، نحو الشرق، يمهد الطريق للحرب العالمية الثالثة، التي سيكون طرفاها روسياوالصين من جهة، والولاياتالمتحدة من جهة أخرى... إن أصحاب القرار في الولاياتالمتحدة أصدروا تعليمات للقوات المسلحة باحتلال سبع دول شرق أوسطية بطرق غير مباشرة، من أجل استغلال مواردها الطبيعية، خصوصاً النفط والغاز، والسيطرة على الطاقة هي أداة للتحكم في دول المنطقة، أما السيطرة على الغذاء فهي السبيل للسيطرة على شعوبها... إن قطع طرق الإمداد عن الصين هي أقصر طريق لهزيمتها) . ومن هنا نفهم أن الدور العسكري الأمريكي تمحور حول (سوريا) لإكمال الإستراتيجية العسكرية الأمريكية في إحكام سيطرتها على الشرق الأوسط، وتدمير الجيش السوري ، وإنهاء النظام السوري القائم، تحت ستار التدخل الإنساني ضد الأنظمة الدكتاتورية ، وضد استخدامها - بحسب زعمها - للأسلحة الكيميائية في مواجهة شعبها . وفي باطن الأمر من أجل تحقيق مفاصل وأجندة تلك الإستراتيجية العسكرية ولا يهمها بعد ذلك معاناة الشعوب من آثار وتداعيات التفكك والتشرذم والحروب الداخلية في كل بلد . كما قال عن ذلك أستاذ القانون الدولي بجامعة “جورج تاون” داود خير الله في حديث ل”روسيا اليوم” من واشنطن يوم الإثنين 26 أغسطس الجاري إن : ( ما تدعيه الولاياتالمتحدة من حقائق ثبتت لديها هي في خدمة أهداف سياسية واضحة متمثلة بتغيير الدور السوري، وان لم يكن هناك مجال لذلك فيجب تدمير الكيان “السوري” لكي لا يكون له دور، وهذا ما يجري). رابط المقال على الفيس بوك