أصبح كل عام جديد قلقاً وأرقاً وهماً وغماً لكل أسرة يمنية.. وأقصد هنا بالعام الجديد العام الدراسي هذا العام حين يبدأ ترى الناس آباء وأمهات يرسلون بأولادهم وبناتهم الذين وصلوا إلى سن التعليم إلى المدارس؛ وذلك لتسجيل أبنائهم في الأول أساسي، ثم يتقاطر الآباء والأمهات نحو المدارس لإعادة تسجيل أبنائهم في الصفوف التي انتقلوا إليها بعد نجاحهم العام الماضي، أو إعادة تسجيل أبنائهم الذين رسبوا في فصولهم السابقة.. وهكذا إلى الصف التاسع أساسي، ومن الأول ثانوي حتى الثالث ثانوي.. طبعاً المقلق هو ما يتبع التسجيل من رسوم مدرسية وحقيبة وكراسات وزي مدرسي وجزمة، وهي نفقات صارت ترهق كل الناس «الطبقة الوسطى» و«الفقيرة» وهم أكثر من يعانون بسبب أنهم الأكثر إنجاباً من الطبقات الثرية، التي حتى وإن زادت من إنجابها فلن تتأثر؛ لأن ثراءها يتحمل كثرة الأولاد والبنات، وهم غالباً ما يعلمون أبناءهم في المدارس الأهلية والخاصة، على اعتقاد منهم أن المدارس الأهلية والخاصة أرقى من الحكومية، وهذا ممكن ينطبق على المدارس الخاصة للجاليات الأجنبية.. لكن لا تنطبق الأفضلية على المدارس الأهلية. على أية حال يظل القلق والهم والغم الأكبر والأقسى يطال الأسرة اليمنية التي تجري هنا وهناك بين الجامعات والمعاهد الفنية والمهنية لإلحاق الأبناء والبنات بالتعليم العالي.. أي التعليم بعد الثانوية، فإذا بهم ينصدمون بمحدودية القبول في الكليات والأقسام، بينما المتقدمون بالمئات، فتجد كلية أو قسماً طاقة القبول فيه 30 أو 50 طالباً.. بينما المتقدمون بالمئات، أي ما بين 300 طالب فما فوق، فتعقد امتحانات قبول يتم بموجبها قبول العدد المحدد في الكلية أو القسم أي ال 30 أو ال 50 طالباً وطالبة.. طبعاً لا أستطيع أن أشهد بنزاهة امتحانات القبول ومصداقيتها، ولا أستطيع أن أتهم بالتلاعب فيها.. لكن بعد إعلان أسماء المقبولين تذهب المئات لمحاولة الالتحاق برغبة ثانية، وتدخل امتحان القبول وأيضاً لم توفق، مع أن معدلاتها عالية في الثانوية العامة، وعليه يصبح مصيرهم الشارع؛ لأن معظمهم من الطبقات الوسطى والفقيرة التي لا تقدر على نفقات الجامعات الأهلية؛ لأنها تفوق الثلاثمائة ألف ريال، وتدفعها بالدولار، وانظر ما يتبع ذلك من مصاريف للطالب ومصروف جيب وشراء اللوازم التعليمية، وعليه فلا يلتحق بالجامعات الأهلية سوى أولاد أبناء الطبقة الثرية، وحتى في الجامعات الحكومية صارت نفقات الموازي تقترب من نفقات وتكاليف الجامعات الأهلية، ولا يستطيع دفعها إلا الأثرياء.. وبهكذا حال أصبح التعليم العالي محصوراً على أبناء الأثرياء، بينما الطبقة الوسطى يكفي أن يصلوا إلى نهاية التعليم الثانوي، بينما أبناء الفقراء يتعلمون حتى نهاية الأساسي كفايتهم، وهذا يتعارض مع أهداف الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر ومع حقوق أبناء الشعب في التعليم إلى أعلى المستويات، والحكومة مسئولة عن توفير ذلك.. إن الدولة معنية بتوفير العلم لأبناء اليمن بمستوياته المختلفة ومجاناً حسب الدستور. رابط المقال على الفيس بوك