كل اليمنيين يعلمون أن الرئيس السابق ظل يماطل ويتهرب من توقيع المبادرة الخليجية التي عدلت مرارا وتكرارا بطلب منه محاولا أن يحصل على ضمانات من عدم متابعته وأسرته قانونيا وجنائيا وهو الاعتراف الضمني بتورطه بجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان خلال فترة حكمه يعلمها هو جيدا وبعد ازدياد الضغط الشعبي وارتفاع الغضب الجماهيري حينها دفع بدول الإقليم والمجتمع الدولي بالضغط على صالح لتوقيع على المبادرة الخليجية في 23 نوفمبر 2011م حتى لا تتفاقم الأزمة اليمنية والثورة الشبابية وتتجه لمنحى خطير يهدد البلد من الانهيار مما قد يؤثر على المنطقة والسلم العالمي وأهم ما نصت عليه هذه المبادرة هي نقل السلطة لنائب الرئيس بانتخابات توافقية وتشكيل حكومة وفاق وطني من كل القوى السياسية من سلطة ومعارضة وقوى ثورية تبدأ الحكومة المشكلة على توفير الأجواء المناسبة لتحقيق الوفاق الوطني وإزالة عناصر التوتر سياسيا وأمنيا ومن ثم يجلس الجميع من قوى سياسية ومنظمات المجتمع المدني وقوى ثورية والشباب والمرأة ومختلف القوى الاجتماعية على طاولة الحوار لرسم المستقبل لبناء دولة حقيقية تستوعب الجميع دون استثناء لتجاوز الماضي والانطلاق للمستقبل وترعا المصالح العامة والوطنية دون المصالح الخاصة والحزبية الضيقة وهذا بحد ذاته اعترافا ضمنيا أن البلد في الماضي كان يفتقد لهذه الدولة وبهذا الاتفاق أصبحت القضية هي قضية وطن وتهم الجميع ومسئول عليها الجميع ومن دون شك أهم أهداف هذا الاتفاق هو عملية التغيير في السلطة وأدواتها ومؤسساتها القادرة على النهوض والتطور للانطلاق نحو المستقبل المنشود الملبي لطموحات وآمال الجماهير الغفيرة. أي إن هذه المرحلة هي مرحلة بناء ومطالب بها الجميع أن يكون في مستوى المسئولية للمساهمة فيها والكل ممثلون في السلطة أي لا مكان للمعارضة فيها وخاصة ممن وقع على هذا الاتفاق والتزم المشاركة في عملية التغيير التدريجي لأدوات وهيئات ومؤسسات الدولة على أسس جديدة عادلة منصفة وموازين الكفاءة والمؤهل والاستحقاق ومحاربة الفساد والإفساد والمحسوبية والتمايز المناطقي والعرقي والحزبي والفئوي الذي تتطلبه مرحلة البناء والتغيير ويفرضه الواقع الجديد وبدأت مؤشراتها بهيكلة القوات المسلحة والأمن وتعثرت في هيكلة الوظيفة العامة مما دفع بالعمال والموظفين بتفجير ثورة المؤسسات هذه الثورة التي تم إجهاضها في مهدها من قبل القوى التي لا تريد لعملية البناء التغيير النجاح هذا السلوك برهن دون شك أنها وقعت الاتفاقية لإنقاذ وضعها لاغير واستمرت خلال هذه المرحلة الاستبسال في الدفاع على أدوات الماضي هذه الأدوات كانت عائقاً أمام عملية البناء والتغيير الحتمي التي تتطلبه فصار النظام القائم في معظمه هو نظام الأمس الذي يراد تغييره لأن الوزارة هي بنية هيكلية تنظيمية عمليا من نائب وزير ما تحت، أم الوزير فهي وظيفة سياسية نجاحها يعتمد على هيكل الوزارة وموظفيها وكوادرها فتغيير الوزير هو تغيير سياسي ونحن كنا بحاجة إلى تغيير حقيقي وهيكلي في بنية الوزارة والمؤسسة وللأسف من أعاق هذه الهيكلة هو من استفاد من الإخفاقات والضعف في أداء بعض الوزارات والمؤسسات لمهامها في شن هجمته الشرسة على الحكومة و التحريض ضدها وهو شريك ملتزم في أداء مهامها وهذا ما يدل على نواياه وعدم مصداقيته في الرغبة الحقيقية في المساهمة في عملية البناء والتغيير بل كثف جهوده في تشويه مسار البناء والتغيير ويخلق حالة من التذمر والتشاؤم في أوساط الجماهير واستحالة تحقيقه على الواقع ليوصل رسالته أن الماضي هو الأفضل هذا هو خرق واضح للمبادرة الخليجية التي يتغنون بها . وعلى طاولة الحوار تنافست القوى السياسية الوطنية في الرؤى والمشاريع الوطنية الملائمة لإخراج الوطن من محنته ورسم ملامح الدولة المدنية الحديثة المنشودة وهذه القوى ظلت متربصة لإعاقة عملية البناء وكانت مدافعه دفاعاً مستميتاً عن الماضي وأدواته لم تغيير ولا تريد التغيير مستفيدة من أدواتها التي لا زالت في موضع القرار وخير مثال البرلمان ومجلس الشورى اللذين سخرتهما لهذا الغرض وكانت تراهن على الانتخابات القادمة في استخدام سلطة هذه الأدوات للنجاح لكن بفضل اليقظة والحذر وحنكة قوى الحداثة القوى الجديدة من الشباب والمرأة والقوى التقدمية التي استبسلت وحرصت كل الحرص على وضع أسس وموازين تحول دون أن تعطي فرصة لإعادة الماضي وأدواته لا احتواء الحاضر والمستقبل وكان أهم هذه الضمانات أسس الترشح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية وغيرها التي استبدلت عن العزل السياسي وكذلك مشروع ورؤى الضمانات التي قدمها الحزب الاشتراكي اليمني لضمان سير عملية البناء والتغير وتنفيذ مخرجات الحوار مما شعرت هذه القوى أنها في وضع لا تحسد عليه وجن جنونها وخرجت عن طورها في مهاجمة المخرجات ولجان الحوار والأمانة العامة ممثلة بالشخصية الوطنية الصلبة الشاب الدكتور احمد عمر بن مبارك ومبعوث الأممالمتحدة جمال بن عمر الرجل القومي النزيه والمؤثر الذي لعب دورا محوريا وأساسيا في التوفيق بين كل الفصائل لجنة الحوار وتذليل الصعاب أمامها واثبت انه محب لليمن أكثر من بعض أبنائها المستكبرين الذين يريدون ملك الأرض وما عليها بعد أن نهبوا ثروتها وعبثوا بحياة أهلها فالتاريخ لا يرحم وسيسجل لكل ما قدمت يداه لهذا البلد الطيب المعطاة وشكرا لكل من اجتهد وسعى لصناعة هذا المستقبل الذي انتظرناه طويلا ودعوتنا لهذه القوى بمراجعة مواقفها تجاه الوطن والأمة لتكون مصدر خير لا مصدر شر وأن تضع الوطن فوق كل الاعتبارات والأفراد لأن الوطن باق والأفراد زائلون. رابط المقال على الفيس بوك