بين تطلعات الساسة وتطلعات البسطاء فرق كبير, فالبسطاء يريدون دولة تحقق لهم العدل والمساواة وحياة كريمة، بينما الساسة يريدون تحقيق مصالحهم وأحلامهم الخاصة, البسطاء يريدون دولة موحدة قوية، والساسة لا يهمهم إن بقي الوطن موحداً أو تفرق إلى دويلات كرتونية ليس لها تاريخ ولا هوية، المهم أن تكون لهم الزعامة والقيادة والسيادة والريادة. الثورة في نظر الساسة شيء، و في نظر البسطاء شيء آخر، الساسة ينظرون إلى الثورة على أنها مكاسب ترفع أسهمهم في بورصة السياسة وتحقق أهدافهم التي تتلاءم مع أفكارهم ومصالحهم، وإذا لم تحقق ذلك فهي ليست ثورة ..أما البسطاء فالثورة عندهم فعل تغييري يهدف إلى حياة كريمة في ظل دولة قويه يتساوى فيها الشيخ مع الرعوي، والقبيلي مع المهمش، والسيد مع العبد ليس فيها فساد ولا محسوبية ولا وساطة .. لا يهمهم شكل الدولة أكان بسيطاً أو فدرالياً و لا شكل الحكم أكان رئاسياً أو برلمانياً أو مختلطاً، المهم أن يكون عادلاً نزيهاً يحقق الأمن والاستقرار، ويوفر لقمة العيش وقرص الدواء وعلبة الحليب.. والتعليم الجيد.. البسطاء لا يهمهم إن كان الحاكم أسود أو أبيض, شمالياً أو جنوبياً، يمينياً أو يسارياً، ما يهمهم هو كيف يحكم بما يحكم هل يحكم بالقسط والعدل يحقق آمالهم وتطلعاتهم وأحلامهم المنشودة في الحرية والكرامة والمواطنة المتساوية التي ضحوا من أجلها وقدموا دماءهم وأرواحهم.. البسطاء هم من هز عروش الطغاة وكسر شوكتهم، بعد أن ظلوا لعقود من الزمن يسيمون الشعوب سوء العذاب، وقدموا التضحيات من دمائهم وأرواحهم في كل الثورات والساسة وحدهم هم من يجني الثمار. الثورة اليمنية إحدى ثورات البسطاء في الربيع العربي هي ثورة رائعة بكل المقاييس تجلت فيها الحكمة اليمنية، ورغم كل العقبات والعراقيل التي تقف أمام هذه الثورة إلا أنها لا تزال مستمرة، وهي الآن على وشك الوصول إلى أحد فصولها المهمة المتمثل بنجاح مؤتمر الحوار الوطني الذي يعول عليه البسطاء بأنه الدواء لكل الأمراض والعلل التي تعاني منها اليمن، لكن تطلعات الساسة وأطماعهم لاتزال تقف حائلاً أمام آمال وأحلام البسطاء لذلك يحاول البعض منهم افتعال المشاكل والأزمات من أجل إفشاله، لكنهم سيفشلون بإذن الله أمام إصرار وعزيمة البسطاء الذين لن يستكينوا وسيستمرون في ثورتهم حتى تتحقق تطلعاتهم في دولة قويه موحدة تحقق العدل والحرية والمواطنة المتساوية وعلى هؤلاء الساسة أن يخلعوا رداء السياسية ويفكروا بعقلية البسطاء، وما يتطلع إليه البسطاء.. ويكفي اليمن مآسٍ وأزمات، وهذا ما يطلبه البسطاء. لا رابط المقال على الفيس بوك