تقف القبيلة اليمنية اليوم أمام تحد كبير ومعقد – يتمثل في انحسار وتلاشي منظومة قيمها وأعرافها وتقاليدها الحميدة , وبروز ظواهر سلبية متعددة علقت بدور القبيلة ونشاطها خلال السنوات الماضية – وهي ظواهر تهدد مكانة القبيلة ودورها الإيجابي في أوساط المجتمع اليمني , بل وتهدد أيضاً ثبات ورسوخ قيمها وشيمها وأعرافها العربية الأصيلة والحميدة التي ظل أجدادنا وأسلافهم يتغنون ويتفاخرون بها كموروث أصيل تناقلته أجيال متعددة وعلى مدى قرون أو ربما آلاف من السنين والأعوام – وهي الموروث الوحيد التي تميز اليمن والقبيلة اليمنية كعنوان حقيقي لأصل العروبة والعرب ومهد للحضارة والتأريخ , وربما كان ذلك ومايزال هو رأس مال القبيلة اليمنية الذي يرفع من مكانتها ومستواها بين القبائل العربية الأخرى. لقد تحولت القبيلة خلال الأعوام الماضية إلى ما يشبه دور الممثل الشرير في أفلام ومسلسلات الرعب , وأصبحت كل الأعمال الإجرامية والتخريبية ترتبط بدور القبيلة ونشاطها المتكامل والجمعي , رغم ان هذه الأفعال قد لا تكون متوافقة مع قناعة معظم أو بعض أفراد القبيلة ورموزها وقياداتها , إلا إنها تنسب إليها وتعلق بها نظرا لسكوتها وتراخيها أحياناً , أو لتباطئها وتقاعسها عن الإنكار ووقف مثل هذه الأعمال أحياناً أخرى , وفي بعض الأحيان نتيجة لحماية القبيلة لمرتكبي هذه الأفعال ورفض تسليمهم إلى السلطات المختصة لينالوا جزاءهم – تحت ذريعة داعي القبيلة والعمل بتقاليدها وأحكامها - مع انه من المفترض أو من الأولى ان تعمل بالأعراف والتقاليد والأحكام الحميدة والعريقة التي توجب وتؤكد ضرورة معاقبة مرتكبي الأعمال التخريبية والإجرامية وكل ما يضر بالإنسان والمجتمع. وكما رأينا وشهدنا خلال السنوات الأخيرة الماضية – من أعمال تخريبية تتمثل في الاعتداء على خطوط الكهرباء وأنابيب النفط واقتحام العديد من المصالح والمؤسسات العامة , وأعمال التقطعات والاختطافات والقتل وغيرها من الأعمال المضرة بأمن واستقرار المجتمع والمواطنين والبلد بشكل عام – والتي كان لبعض القيادات والمكونات القبلية دور فيها تحت مبرر المطالبة بإطلاق سجناء وموقوفين من القبيلة على ذمة قضايا إجرامية وتخريبية وأعمال مخالفة للقوانين والأنظمة ومتنافية أيضاً مع الأعراف والقيم القبلية الأصيلة , ناهيك عن الحروب والمعارك المسلحة التي تقوم بها القبيلة في سبيل الحماية والدفاع عن مجرمين ومخربين ومطلوبين امنيا من قبل الدولة ينتمون إليها – وذلك من باب تلبية الداعي القبلي والالتزام بما يسمونه الأعراف والتقاليد القبلية ( الغرم ) , وهي بالأساس أعراف وتقاليد مزيفة ومحرفة وتتنافى مع المنظومة القيمية والأخلاقية التي ارتكزت عليها القبيلة اليمنية على مدى قرون ماضية. بالتأكيد للقبيلة دور إيجابي ولا تزال الكثير من الصفات الحميدة في مخزون ورصيد القبيلة اليمنية , غير ان ذلك لا يعفي القبيلة ولا يعفي رموزها وقياداتها من تحمل مسؤولياتهم وواجباتهم تجاه الأعمال والقضايا التي تسيء لمكانتهم ودورهم في مجتمعنا ووطننا , فالأعمال التخريبية والدور السلبي الذي يقوم به عدد من أفراد ومكونات القبيلة وتمارسه بعض العناصر القبلية – كل ذلك يضر بالمجتمع والوطن ويؤثر على جميع المواطنين دون استثناء وبما في ذلك المجتمع القبلي – فيما لا يتجاوز دور القبيلة الإيجابي وصفاتها الحميدة حدود القبيلة أو ربما حدود المناطق المجاورة لها وذلك من باب أن السيئة تعم والحسنة تخص كما يقول المثل الشعبي. وهنا يمكنني القول ان القبيلة اليمنية بكافة مكوناتها وتوجهاتها - أمام اختبار حقيقي ومعقد للغاية – إما أن تراجع القبيلة بقياداتها ورموزها وأفرادها وعناصرها حساباتها وتعمل على تقييم وتصحيح أعرافها وتقاليدها وتنتصر لقيمها ومبادئها من خلال إنهاء كل الأعمال والتصرفات والممارسات التخريبية المضرة بأمن واستقرار وسلامة الوطن والمواطنين وتقف وتتصدى بحزم لكل الأفراد والعناصر التي تقوم بذلك – وإما أن تتجاهل أو تتساهل أو تتواطأ وتترك الحبل على الغارب أمام تلك الأعمال والممارسات التي تسيء لها ولدورها وذلك سيكون على حساب سمعتها ومكانتها وسيسهم في تدمير وانهيار منظومة قيمها وأخلاقها وأعرافها العربية الأصيلة والحميدة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك