تشكّل حقوق الإنسان وبالمعيار الديمقراطي منظومة متكاملة غير قابلة للانتقاء والتجزئة أو مقايضة حق بآخر وخاصة الحقوق التي هي من نوع الحريات ما يجعل من الديمقراطية وفقاً لتعريفها الإجرائي وهو «حكم الشعب» تعني حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق الإنسان هي الديمقراطية بذاتها كعملية إنسانية تقوم على التعاقد الاجتماعي بين طرفين هما المجتمع والدولة، وتشتمل على مصفوفة من الحقوق والواجبات المتبادلة، بمعنى أن كل حق يقابله بالضرورة واجب ولا يستطيع الإنسان القيام بواجباته مالم يحصل على حقوقه والعكس ومن هذه الحقوق ما يعرف «بحق التجمع السلمي» الذي وعلاوة على أنه من الحقوق السياسية المكتسبة والمرتبطة بعملية التحول الديمقراطي الليبرالي القائم على حق التعدد السياسي والاجتماعي عبر أنساق مؤسسية حديثة بديلة للأطر الاجتماعية التقليدية، فإن هذا الحق من حيث العمق والنشأة يعود إلى بداية تشكل المجتمعات الإنسانية حيث مثّل ظهور الدولة استجابة موضوعية لحاجة المجتمع للأمن والاستقرار من خلال جهاز سياسي ناظم لشئونه يلبي حاجاته الحياتية الأساسية والمستمرة، ومعنى هذا إن فكرة ظهور الدولة جاءت لتضمن الحقوق وتحمى الحريات وليس العكس وبالتالي فإن أهمية هذا الحق تأتي من كونه يعكس الميل الفطري لدى الإنسان للحياة في جماعة، أي إن الإنسان مدني بطبعة بحسب تعبير «بن خلدون» ثم تطور هذا الحق من رغبة الأفراد في الاجتماع ليعبّروا عن آرائهم بالمناقشة و تبادل الأفكار. إلى تأسيس أطر مؤسسية حزبية ومدنية تشكّل في مجملها تنظيمات المجتمع المدني الحديث الذي يتوقف في وجوده وتطوره على الممارسة المسئولة والواعية لحق التجمع السلمي و يمكن تعريفه كمفهوم إجرائي بأنه «الحق في إنشاء وتأسيس الأحزاب والتنظيمات السياسية والمنظمات المدنية والانتماء الطوعي إليها كأطر مؤسسية حديثة معنية بتفعيل دور الأفراد في الحياة العامة والدفاع عن الحقوق والحريات...». ولذلك يأتي هذا الحق من حيث الأهمية في الترتيب الثاني بعد حق حرية الرأي والتعبير لأنه من الحقوق المعنوية التي تؤثر بصورة مباشرة على الرأي العام.