«53» وخلافاً لما جرى في الاتحاد السوفيتي بداية التسعينيات من القرن الماضي حينما انقضّت طُغمة من القيادات الحزبية أو المقرّبة من “بوريس يلتسين” وبالتواطؤ منه على أهم المفاصل الاقتصادية عبر الآليات الثقافية أسهمت في دعمها الرأسمالية الأمريكية والأوروبية، وتحوّلت هذه الطُغمة إلى مربّع المافيات ونصّبت نفسها شريحة رأسمالية واسعة الثراء ومشبوهة المصادر، وأدخلت روسيا الاتحادية إلى غرفة الإنعاش المركّزة؛ قامت الرأسمالية الحزبية في الصين بتغيير جوهر المسار الأيديولوجي مدشّنة فترة “الدولة الهجينية” والإعلان عن الرأسمالية داخل الاقتصاد الصيني، والاعتراف أن قيادات الحزب بكل مراتبها تشكّل “الطبقة الرأسمالية” وهي المالك والمحتكر لكل الملكية، وهي المتصرّف الأوحد بالإيرادات. وتزامناً مع هذه التغييرات وتبدل التضادات سمحت هذه القيادات الرأسمالية بتعايش نمط ملكيتها واقتصادها مع الرأسمال العالمي المملوك للقطاع الخاص الذي اندهش لهذه المرونة السياسية، ودفع بكل إمكاناته المالية للاستثمار الخاص في الاقتصاد الصيني، وبذلك تكون الدولة الهجينية هي عبارة عن دولة بنظامين اقتصاديين وعلى أسس المعايير والانضباط الصينيين. وهذا النمط هو الذي أوحى للرأسمالية في أوروبا العجوز للانصياع إلى صوت العقل الصيني وتطبيق جزئياته في النظام الرأسمالي الذي دخل إلى غرفة إنعاش مميّزة بسبب الأزمة المالية التي عصفت بالولايات المتحدةالأمريكية ودول أوروبا والتي كادت أن تدمّر دولاً عريقة كاليونان واسبانيا وإيطاليا في درب الإفلاس المالي والارتهان إلى الصدقات الأوروبية التي لم تتمكن من إنقاذ هذه الدول حتى هذه اللحظة. وإبداع الصينيين لدولة بنظامين خطوة مهمّة على طريق تحقيق تفوُّق اقتصادي على دول ظلّت تتقاسم العالم وتعيد تقاسمه وتتلاعب بقوانين تقسيم العمل على النطاق العالمي؛ ومن ثم تعمل على إضعاف اقتصاديات البلدان الهمجية كي تتمكّن من استمرار التبعية السلبية بكل مكوّناتها وفي الصدارة النُخب السياسية والعسكرية المتداولة للسلطة التنفيذية بآليات الانقلابات العسكرية المهدرة لإمكانات الشعوب في تحقيق قدر من الحرية والكرامة الإنسانية. وتتميّز الدولة الهجينية الصينية حتى الآن ب: 1 المرونة الاقتصادية المشرعنة بعناية فائقة والجاذبة للاستثمارات الرأسمالية العالمية الكبرى والتي غامرت في دفع رأسمالها الصناعي والمالي إلى بيئة كانت تبدو غامضة وملتبسة، وهي الآن ركن أساس من أركان الدولة الواحدة بنظامين، والتوسُّع في الإنتاج الكبير والموسّع والذي أدّى إلى ارتفاع نسبة النمو الاقتصادي إلى نحو 13 % وأدّى إلى ارتفاع متوسط الدخل السنوي للفرد الصيني وانفتاح السوق الصيني على فرص عمل جديدة تقدّر بمئات الملايين من الفرص. 2 باحتكار الطبقة الرأسمالية “الجزب الحاكم الأوحد” للعملية السياسية وفرض دكتاتورية على التعددية الحزبية وممارسة العمل السياسي الحر. 3 حظر ممارسة الديمقراطية بما يقود إلى عدالة التمثيل السياسي للمشهد الطبقي والاجتماعي الجديد الذي أوجد عازلاً فعلياً بين الطبقات والفئات التي كان الحزب الحاكم يدّعي تمثيلها قسراً. 4 فرض مصفوفة عقوبات جحيمية على حرية الرأي والتعبير، واستمرار عقوبات الإعدام، والزج بالناس في معسكرات العمل القسرية. 5 الاستغلال البشع للطبقات العاملة والفلاحية وعدم إنصافها سياسياً ومهنياً وحرمانها من الاحتجاجات والتظاهرات النقابية لانتزاع حقوقها من الرأسمالية الجديدة.... ...... يتبع..