معلومٌ أن استمرار التردّي في أوضاعنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية يؤدي إلى تفاقم الانتكاسات؛ بينما الواجب الأساس لكل ثورة، لكل نهضة، لكل مشروع وطني حقيقي هو تحرير ذواتنا الفردية والجمعية من موبقات ومفاسد الانغلاق والتدهور والتقهقر واللا شفافية والخنوع وعدم التجاوز. لذلك ينبغي العمل الدءوب من أجل تحفيز الهمم العليا، همم التعايش والتسامح والشراكة والتفكير الديمقراطي الاجتماعي الناضج نحو استنهاض قيم الإبداع والإنتاج وبالتالي بما يؤدي فعلاً إلى تحقيق فاعلية الدولة والعدالة المجتمعية وكرامة الفرد. غير أن ما يحدث للأسف هو مجرّد تغذية وتأجيج للوعي الزائف السائد، فضلاً عن أن عدم إضفاء نهج المسؤولية على تصرفاتنا كيمنيين حالمين نزعم أننا نأمل بالتغيير والتطور أنتج خيارات سيئة مشوّهة لا مصلحة لغالبية الشعب فيها.. ولعل الأكثر إيلاماً في ظل هذه الأجواء المخادعة صار يكمن في سهولة استغلال طاقات الناس بالتغيير من أجل تعضيد المطالب الخطأ لمراكز القوى والنفوذ كما هو حاصل. من المؤكد بالطبع أن هذا المنحى التصاعدي الخطير يستمر في دأبه على تكريس حالات التردّي الشامل في الدولة والفرد والنُخب على وجه الخصوص، وهو السبب الرئيس في إعادة إنتاج الاستبداد والتخلف. باختصار.. ليس من مستقبل موضوعي للسلام وللمحبة وللإبداع وللتنوير وللتقدم في ظل تكريس نزعة اللا مبالاة تجاه قضية إنقاذ وتطور الدولة والإنسان والوطن. ثم إن فكرة التغيير ليست مجرد شطحات فكرية خالية من الاتساق، بل هي تعبير تجديدي شامل على مستوى الوجدان والروح والواقع. [email protected]