تتميز الديمقراطية كنظام سياسي واجتماعي بخاصية المرونة النسبية التي تجعلها قابلة للتطور وهذا ما ساعد على بروز العديد من الاتجاهات السياسية والفكرية التي تتمايز في الرؤى والتصورات حول مفهوم الديمقراطية باعتبارها تعني حكم الشعب أي أنها تتفق على هذا المبدأ لكنها تختلف في التفاصيل أي كيفية تحقيقه بمعنى كيف يمكن أن يحكم الشعب نفسه ولذلك تعددت أنماط الديمقراطية من الديمقراطية المباشرة إلى الديمقراطية التمثيلية والتي تشمل أنماطاً من الديمقراطية السياسية والاجتماعية ولاتزال الديمقراطية قابلة للتطور والتعدد أيضا وظهور أنماط ورؤى جديدة لهذا المفهوم ومنها ما يعرف بالديمقراطية المحلية التي هي نمط من أنماط المشاركة المجتمعية في إدارة الشأن العام بشكل أوسع يتأسس عليها تعزيز مشاركة المواطنين في اتخاذ القرار السياسي وإدارة شئونهم الحياتية بشكل يومي وعن قرب ،وبالتالي فهي نموذج سياسي “بديل” يستهدف دمقرطة الديمقراطية التمثيلية أو النيابية لما لها من بعض العيوب ومنها حصر دور حقوق المواطن في مجرد التصويت في العمليات الانتخابية تبدأ مع كل استحقاق انتخابي وتنتهي بانتهائه وبهذا المعنى فإن الديمقراطية التمثيلية أصبحت لا تعكس بالضرورة وجود ديمقراطية حقيقية بل قد ينتج عنها طبقة تسلطية حاكمة تفرض الوصاية على الشعب في تولى السلطة وممارسة السياسة نيابة عنه وتمارس كل أشكال التحايل السياسي في علاقتها مع المواطن. وهذه المآخذ على نمط الديمقراطية التمثيلية لا تنفي وجود إيجابيات لكنها مشروطة بوجود واقع مجتمعي حداثي تتوفر فيها الشروط الموضوعية اللازمة من حيث مستوى الوعي السياسي والتطور الاقتصادي كما هو الحال في المجتمعات الغربية في حين أن هذه السلبيات هي أكثر بروزاً في واقع البلدان النامية أو ما يسمى ببلدان الديمقراطيات الناشئة ولذلك تصاب هذه التجارب الديمقراطية بالتعثر والجمود الأمر الذي يفرض إعادة طرح مطلب الديمقراطية والنضال من اجل تحقيقها وهذا يتطلب إعادة تعريف العلاقة بين الدولة والمجتمع بكل ما يعنيه ذلك من توسيع نطاق المشاركة على مختلف السياقات السياسية والاجتماعية والثقافية والتاريخية استنادا إلى معيار الضغوط الاجتماعية وليس مجرد الاعتماد على التصويت الانتخابي الذي يعد بمثابة آلية لتشكيل الحكومة وليس أداة فعلية للرقابة عليها وبالمجمل يمكن القول إن الديمقراطية المحلية هي مزيج من الديمقراطية السياسية والاجتماعية مع تغليب فكرة المشاركة الاجتماعية لتحقيق المشاركة السياسية. رابط المقال على الفيس بوك