يأكلون من خيراته.. ويتنفسون هواء .. ويمشون فوق ترابه.. وينتسبون إليه.. ويتحدثون باسمه.. لكنهم يتنكّرون له ويَلَغون في دمه، إنه هذا الوطن التعيس بمثل هؤلاء أبناء.. الذين يسعهم عطاءً واحتواءً ويسعونه نكراناً وخيانة. كتبتُ مرة «لا أدري ماهي المراحل التي مرّ بها هؤلاء لتنسلخ عنهم روح الوطنيه و يصبحون أشباحاً تتصارع مع بعضها تاركين وراءهم وطناً يئن مذبوحا». وكلّ ما مرّ وقتٌ – وفي الوقت الذي يحدونا الأمل في أنهم قد تغيروا وكفّروا عن جرائمهم في حق وطنهم... إلاّ أننا نجدهم ينخلعون أكثر وأكثر عن وطنيتهم فيصبح الوطن كأنه عدوهم الأول الذي يذبحونه باسمه وباسم حبهم له مازلت ياوطن الجراح تنوحُ وعلى ترابك دمعة ٌ وضريح ُ والسارقون الضوء مازالوا هُنا يغدو ظلامُهم بنا ويروح ُ قبل تدشين مؤتمر الحوار تمنينا على المشاركين فيه أن يكون الوطن هو قبلتهم وهمّهم الأول ورغم ماحصل من تقارب بين كثير من الأعضاء بحكم جلوسهم مع بعض وسماع كل منهم الآخر، لكن ظل هناك بعض من الأعضاء حجر عثرة في طريق نجاح مؤتمر الحوار. والخروج بالوطن من عنق زجاجة التيه إلى شاطئ الضوء. فقد كان لأولئك – المعرقلين – أجندات ومصالح وارتباطات مع جهات خارج مؤتمر الحوار وخارج الوطن بأكمله. وقد جعل أولئك مصالحهم وارتهانهم في كفة والوطن في كفة.. ودخلوا مؤتمر الحوار وفي قلوبهم كل شيء إلاّ هذا الوطن التعيس بمثل هؤلاء الذين لن تقوم للوطن قائمة ولن يتنفس الشعب حلمه إلاّ بزوالهم وقطع شجرتهم الخبيثة..أو بوجود دولة يكون حضورها الفعلي سداً بين الوطن وبين نزواتهم وأطماعهم وهمجيتهم وهو ما يجعلهم يحشدون كل قواهم لعرقلة قيام هذه الدولة. شُرفة : «وطن الرماد» يتقاسمون ضياء عينك ويقطرون الليل في دمك المعتّق بالضنى يا أنت ياوطناً يسير على دروب الجمر ينضح بالدجى يا أيها الملقى على أوجاعه بردانُ يلتحف الأسى ويناغي الأحلام والأحلام أوهام على شفة اللظى تمضي به السنوات.. تحترق الأصابع في دخان الدمع والأفاعي لا تزال راقصات فوق جثة حلمه وزجاجه المكسور يرتشف الرماد وطنٌ لبسناه ويلبسنا حدادٌ في حداد في حداد