أسوأ أنواع الضغط هو الضغط ب«مصالح الناس وقضاياهم» أن تعذّب غيرك عن طريق إهمال واجباتك أو الضغط بها؛ إنها جنايات ثقيلة لا تناسب القضاة وهم ميزان العدالة. عندنا للأسف يمارس القضاة هذا النوع من العبث؛ و«إذا كان غريمك القاضي فإلى من تشتكي..؟!» إنها مأساة يصنعها إضراب القضاء. القضاء هو قلعة الأمن والعدالة، ولا يمكن أن تضرب المحاكم والنيابات بصورة مفتوحة على النحو الذي نراه، ولا أظن القضاة راضين عن هذا الإضراب ولا عن أنفسهم؛ فلماذا الاستمرار في هذا الإيذاء للناس والتسبُّب بمضاعفات وعذابات المحتاجين، وتفاقم مشاكل ربما تؤدّي إلى فقدان أنفس..؟!. أدعو القضاة إلى زيارة السجون، كل السجون، كل السجون مكتظة بالمساجين ودون ذنب ينتظرون أوامر القاضي بتحريك القضايا والإفراج؛ بينما القاضي مضرب للأسف. بعض السجون بحسب مسؤولين لا تتحمّل ثلاثين سجيناً؛ يقبع فيها اليوم أكثر من مائة وأربعين، هذه جريمة إنسانية، والسبب هو إضراب القضاء الذي استمر كل هذه الفترة دون مبرّر؛ رغم أننا وجميع الناس مع القضاة واحترام القضاء، وهذا لا يأتي بالإضراب وترك العدالة مقيّدة ومسجونة مع المسجونين بل بحزم القضاء وقوتهم وعدالتهم، والبت في القضايا وليس تكديسها وخنقها. الإضراب وسيلة سلبية يجب ألا تُستخدم إلا في أضيق الحدود، هذا لبقية القطاعات، أما القضاء فإن ضمير القاضي لن يسمح له بالإضراب وترك واجباته تؤدّي إلى تفاقمات خطيرة وانتهاكات كما يجري اليوم في السجون وفي توليد المفاسد وقضايا تتفاقم بسبب إغلاق باب العدالة. أعتقد أن نادي القضاء بحاجة إلى أن يتخذ قراراً شجاعاً بإنهاء الإضراب؛ مع خطة لحفظ حقوق القضاة وهيبة القضاء عن طريق إجراءات عملية من موقع السلطة الأهم؛ وذلك قبل أن يفقد النادي ثقة القضاة أنفسهم. ولا أعتقد أن يومين تكفي لفض الزحام القاتل في السجون وقضايا المساجين التي يشكّل تأخيرها ظلماً كبيراً. مع العلم أن هناك عجزاً في عدد القضاة بما يشكّل زحمة لدى القاضي يسهم في تأخير القضايا، وجاء الإضراب ليكمل المشوار..!!. مع العلم أن الإضرابات الحقوقية في المراحل الانتقالية ليست منطقية؛ وكان الأولى أن يهتم النادي بحقوق واستقلالية القضاء في الدستور القادم والدولة الموعودة بدلاً عن إضراب طويل في ظرف غير مناسب قد يأخذ أبعاداً أخرى وألواناً سياسية قد لا تأتي لصالح القضاة وسمعتهم إطلاقاً. [email protected]