«1 2» منذ أن ارتفعت لوحة غريبة على قلعة القاهرة في تعز بالانجليزي (tedx taiz) وحالة من التساؤلات تدور في المدينة؛ ذهبت شمالاً ويميناً ليس أقلها استنكار تحويل القلعة التاريخية إلى لوحة إعلانات تجارية. علينا أن نتعلّم التأني لنحكم على الأشياء لكي لا نخسر المزيد ونكسب الثقة التي تعد قاعدة الانتصار على الذات وأساس الابتكار والإبداع والسلامة من ناحية أخرى فقد كان القائمون على المشروع هم السبب؛ لأنهم لم يوضحوا للناس الفكرة من أساسها وأنها ببساطة مشروع عالمي له مماثلات محلية مهمته تشجيع إبداعات الأفراد وإشعال المواهب، مشروع يقول لكل الشباب لكل الناس: لا تقفوا متفرجين أمام أنفسكم، حاولوا أن تكتشفوا أنفسكم، وأن تبدأوا خطوة الألف ميل نحو النجاح والابتكار، مشروع يدعو إلى أن يفشلوا ويفشلوا؛ فالفشل صورة من صورة النجاح عندما يُطرد اليأس وتتحرّر من الاستماع إلى الإحباطات المحيطة، حرصت على الحضور بمجرد الدعوة التي تلقيتها عبر الصديق «زيد النهاري» كان من ضمن دوافع الحضور اكتشاف المشروع أو المؤتمر الغامض بالنسبة لي وللكثيرين والذي زادته لوحة قلعة القاهرة غموضاً لأجد مهرجاناً للحياة وما أبحث عنه من زمان. البساطة التي شاهدتها من أول لحظة وأول متحدّث جعلتني أجزم بوجود الإبداع؛ لأن الإبداع هو البساطة التي تنبت من الأرض والمعاناة التي تعيش في الرصيف دون رتوش أو «زهنقة» بساطة خالية من العقد، وتحمل معها إرادة للحياة وفكراً للتأمل ولا علاقة للكلفة والتكلف و«الزيط والزنبليط» بالإبداع إن لم يكن تعبيراً عن النقص والفراغ. باختصار شديد.. قدّم لنا هذا المؤتمر الرائع الطويل الخفيف الظل الذي استمر يوماً كاملاً ودون ملل تلقينا فيه دروساً من شباب مبدع عظمته في همّته وبساطته. كل الكبار أنصتوا لأول مرّة؛ وفي اجتماع كهذا لم يتحدّث الكبار لا رسميين ولا غير رسميين؛ لكنهم أنصتوا مع الناس إلى نهاية المطاف، وهذا نوع من الإبداع يمارسه الكبار بالمناسبة، وعليهم أن يمارسوه أكثر؛ فقد آن للواقفين طويلاً في الأضواء أن يجلسوا بعض الوقت في صفوف المشاهدة ليشاهدوا الأمور كما هي لا كما يتصوّرونها وللمتحدّثين على الدوام أن يستمعوا ليعرفوا الواقع بتفاصيله وحاجاته ووسائله وناسه مباشرة لا كما ينقل إليهم من أدوات خربة ومعطوبة..!!. شاهدنا تجارب ونجاحات لشباب وشابات ورجال مكافحين بدأوا من الصفر؛ هم من اليمن وليسوا من القمر,؛ خرجوا من بين أكوام العاطلين ودوامة الفشل المنتظرة لقدرها والتي تمثّل قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت على الرؤوس، ما أتعس الانتظار وترك المحاولات والحركة، إنه الموت. كانت الرسالة واضحة، على الشباب أن يحاولوا، ويحاولوا، يفشلوا، ويفشلوا، فالفشل طريق النجاح، وهذه تجارب إخوان لكم بمثل مستواكم ومعاناتكم، لديكم ما تحاولونه, كل شيء أمامكم، هو هدف لمشروع اقتصادي يبدأ بريالات وينتهي بمليار, ومشروع علمي مستحيل اليوم وغداً هو حقيقة تعيشها وتخدم نفسك والناس, أو مشروع اجتماعي ترفع به بلاء أو تقدّم به خدمة للمحتاجين, أو مشروع فكري، ثقافي ترتّق به جراحات أمتك وتصحح به المسار المقلوب الذي يسير على دماغه ويتعمّم بالأحذية, أو مشروع فني تسهم فيه برفع ذائقة الإنسانية لتنحاز إلى الحب والعمل والتضامن والتسامح والإنتاج والابتكار. نحن بحاجة إلى عمل صدمة كبيرة ورجّة حضارية بعقول وإرادة الشباب لكي يتوكّلوا على الله ويخاصموا الفراغ المهلك والفشل المستعمر للأرواح والعقول ويغادروا مربع «المقعّين» الذي يصنع بسلبية متوارثة وبيئة جامدة، لابد لنا من شباب يعتنقون ثقافة «دلّني على السوق» بدلاً عن «ساعدني يا حاج الله يساعدك» استمعنا إلى شباب فاعلين تحدثوا عن أنفسهم وكفاحهم ونجاحاتهم بصورة ترد الروح وتزرع الأمل، إنهم بهذا يؤسّسون لفرحة قادمة... «يتبع».. [email protected]