ما الذي يدفع بعامل نظافة لمحاولة إحراق جسده وجسد ابنته بباحة أمانة العاصمة صنعاء ؟ هل هو تأخر صرف رواتبه لشهور فقط؟ أم أن الأمر أكبر من هذه الوريقات المالية التي رفعت أقواماً لا يستحُقّون البقاء لحظةً على وجه الحياة .. بينما من يعملون بجديّة وكفاح لا يجدون حتى طريقاً آمناً للوصول لمكتب المسئول يبثونه بعض همومهم . لا يوجد فئة عاملة في اليمن تعمل بصدقٍ واجتهاد كعمّال النظافة .. وبالمقابل هم الأكثر عرضةً للتهميش والإقصاء وازدراء همومهم والسخرية من أوجاعهم رغم أنهم الأرقّ قلوباً والأجمل أفئدةً ونفوساً يملكها العابر بكلمة طيبة . لقد آلمني كثيراً أن يصرّح المسئول الإعلامي لأمين العاصمة بقوله “ إن الجنود منعوه من إحراق نفسه وأنه يطالب بصرف رواتبه، وأنه سيتم تشكيل لجنة للنظر في قضيته، وتحزّن على ابنته التي كانت تبكي بشدة بجوار أبيها “. سبحان الله .. لماذا بالأصل أوصلتموه إلى مرحلة التفكير بإحراق نفسه ثم تقومون بعمل بطولي لإثنائه عن ذلك؟ ثم هل الأمر يستحق تشكيل لجنة لحل قضيته؟ أم الوجع المتمكّن منه يحتاج لتوجيهٍ صارم يتم تنفيذه فوراً دون هذا العبث الذي اتكأت عليه مؤسساتنا الحكومية .. ضاربة جميعها - وليس أمانة العاصمة فقط - بحقوق الكادحين عرض حائط أصحاب الوجاهة والنزق الانفعالي لوصولهم للاستحواذ على مستحقات العيش الكريم للبسطاء . [email protected]