منذ قيام ثورتي ال26 من سبتمبر والرابع عشر من أكتوبر ابتلي شعبنا اليمني بعدد من الحروب التي فُرضت عليه سواء ما كان منها بتخطيط خارجي أم ما كان منها بمقاصد فئات وجماعات داخل الوطن وبتمويل خارجي، تلك الحروب التي اشتد أوارُها في بعض الأوقات وحالياً رغم انتصار إرادة شعبنا في نهاية مطاف كل جولة منها؛ إلا أن آثارها التدميرية على البُنى التحتية لمقومات بناء اليمن أثّرت سلباً على مسار تحقيق كامل أهداف الثورة اليمنية؛ حتى الوحدة اليمنية لم تسلم من تلك الآثار وهي البريق المتوهّج في ملامح اليمن الجديد، حيث تواجه اليوم تآمراً صارخاً وفاضحاً الأمر الذي يفرض على الوطنيين التنبُّه لأخطاره ومقاصده المريضة والتي تهدف إلى إعادة تمزيق الوطن والعودة إلى تداعيات وضع فترات الحكم الشمولي وشبه الشمولي في شطري الوطن سابقاً، وهي الفترة التي مثّلت أسوأ فترة في تاريخ اليمن الواحد. إن من المفيد اليوم أن يتقاطر الوطنيون على امتداد اليمن الطبيعي لحماية توجُّهات ورؤى بناء المجتمع اليمني الحديث والمتطوّر وبلوغ الدولة المدنية الحديثة التي ينشدها كل من يتمتع بروح وطنية لليمن الواحد باعتبار ذلك هو الخيار الوحيد لتحصين اليمن بسياج آمن لصد كل مؤامرات أعداء الوطن من الخارج أو الداخل؛ بمعنى أوضح أن كل الوطنيين عليهم المشاركة الفاعلة في وقف نزيف الحروب التي أخلّت بالأمن والاستقرار وألحقت الضرر الفادح بالسكينة العامة وأوقفت عجلة البناء والتنمية وشلّت الحياة في معظم مرافق الدولة المتهالكة، وصار من المستحيل في ظلها تحقيق الآمال والطموحات المستقبلية. ومن المفيد في هذا المضمار أن يصحو الجميع من الغرق في التيه والتأمل في تداعيات المجهول الذي يقودنا إليه وضعنا الحالي، والبدء بحراك وطني طلائع أهدافه هي إعادة أمور حياة الفرد والمجتمع إلى الوضع الصحيح في تبنّي المبادرات الهادفة إلى إنقاذ الوطن والأمة مما آلت إليه الأوضاع التي تسبّبت في إلحاق المزيد من الضرر بالجميع. إننا جميعاً نشكو حال الواقع؛ ولكننا كلنا متقاعسون عن مسؤولياتنا وواجباتنا الوطنية والدينية والإنسانية والأخلاقية، ولم نؤدها أو نقم بها كما يجب، وهذه بواعث مصيبتنا أن الخليل فينا حكّاماً ومحكومين، أحزاباً ومجاميع قبائل ومنظمات مجتمعية. والسؤال عن واقع الحال دعماً هو مطلوب فعله يجب أن يلقى الإجابة الوافية والشافية اليوم قبل الغد فعلاً لا قولاً كون الخنوع خيانة للأمانة التي حمّلنا الله سبحانه وتعالى وقصّرنا في أدائها. كما أنه من المفيد والحروب التي تشتد ضراوة على شعبنا في أكثر من محافظة وإقليم أن تستنهض الأمة صحوتها لوأد امتدادها ومحاصرتها في الإطار الحالي وتضييق دائرتها وصولاً إلى القضاء على مسبباتها بالطرق اللازمة والمعقولة وفق حلول وطنية لا مستوردة باعتبار صاحب الدار أدرى بداره وبالمثل الشائع «أهل مكة أدرى بشعابها». إن الارتهان إلى الغير في معالجة قضايانا ومشاكلنا أو في إذكائها يعني بُعدنا عن حكمتنا المشهود لها عبر التاريخ والتي أثنى عليها وأشاد بها سيد البشرية محمد عليه الصلاة والسلام حين قال: «أتاكم أهل اليمن أرقُّ قلوباً وألين أفئدة الإيمان، يمان والحكمة يمانية» فأين علماء الدين اليمنيون، وأين الحكماء، وأين أصحاب الحل والعقد، وأين المؤهلون من قادة الأحزاب والرأي والفكر مما يعتمل من اختراب هنا وهناك، ومن تهديد للأمن والاستقرار والسكينة العامة..؟!. وهنا لابد لنا أن نتساءل: أين الراشدون من اليمنيين، وأين العقلاء، وأين أنصار السلام والحرية والعدالة الاجتماعية، وأين من تقع على عاتقهم مسؤولية السير بالبلاد نحو بر الأمان..؟!. كفى حروباً واحتراباً، كفى تآمراً على الوطن والأمة، كفى نخراً في جسد الوطن المتهالك جرّاء خنوعنا وارتهان بعضنا، ولنعرف جميعاً أن الخاسر من كل تلك الحروب السابقة والحالية هو المجتمع اليمني والوطن اليمني.. والله من وراء القصد.