إن من الرشد الدستوري معرفة الكيفية التي توضع بها الدساتير وتعريف الشعب بتلك الكيفية ليدرك المواطن أهمية مشاركته في صناعة الدستور ويحس بمكانته السياسية والدستورية التي تعزّز قدرته على المشاركة الفاعلة وتوسع مداركه وتفتح آفاق أفكاره الوطنية وتدفعه نحو الإبداع كونه عنصراً من عناصر القوة القومية الاستراتيجية للدولة اليمنية الحديثة. وإذا كانت الدساتير في العالم نوعين؛ الدساتير العُرفية والدساتير المكتوبة؛ فإنه ينبغي على القوى السياسية شرح هذا النوعين من الدساتير ليدرك المواطن اليمني بُعده الحضاري والإنساني والدستوري من خلال تجارب الحياة في الحضارة اليمنية القديمة والمعاصرة التي جمعت بين الدساتير المكتوبة والتراكمية العُرفية في فترات التاريخ السياسي المختلفة، وأصبح الدستور اليوم هو الدستور المكتوب الذي يقرّه الشعب من خلال الاستفتاء عليه من أجل كفالة حق الشعب بالمشاركة في صنع الحياة السياسية وتقديم المفيد النافع في تعزيز بناء الدولة. إن معرفة الدساتير وكيفية صناعتها باتت اليوم ضرورة حياتية ينبغي على القوى السياسية بمختلف تشكيلاتها المدنية أن تعمل على إبراز التاريخ اليمني في كيفية بناء الدساتير والتأكيد على أهمية المشاركة الشعبية لإنجاز الدستور، بل إن الواجب لا يقتصر على التعريف بالتاريخ اليمني المتعلّق بصناعة الدساتير؛ إذ لابد من الحث على المشاركة الفاعلة في تقديم الدراسات والبحوث العلمية، والحث على الاهتمام بهذا المجال باعتباره الطريق الأكثر صوابية في تقديم الآراء والمقترحات العلمية. إن اليمن تحتاج إلى المزيد من الدراسات العلمية التي تؤصّل لصناعة الدستور، وعلى الجهات المعنية بذلك إبراز دورها في هذا الجانب؛ لأن الفترة الراهنة أحوج ما تكون إلى ذلك من أجل الإسهام العلمي في صناعة الدستور وبما يحقّق تعزيز بناء الدولة اليمنية المركزية القوية والقادرة بإذن الله.