إن الحديث عن الرشد الدستوري يعني إدراك القوى السياسية الفاعلة في الحياة السياسية لمفهوم الدستور من حيث كونه يتضمّن الأسس التنظيمية شديدة الأهمية المتعلّقة بشكل الدولة السياسي وشكل الحكم السياسي، الأمر الذي يجعل البناء الدستوري بالغ الأهمية ويقود إلى الحرص الشديد في عملية صناعة الدستور ويتوجّب على كل القوى الوطنية إدراك تلك الأهمية والتوعية بالواجب الوطني المقدس. إن الرشد الدستوري لا يعني مجرد المعرفة بالأبعاد الوطنية لصناعة الدستور وإنما يعني القيام بالتعريف بالدستور باعتباره الوثيقة الملزمة التي تتضمّن تنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم وتحدّد الصلاحيات والواجبات والحقوق، الأمر الذي يجعل الحرص على صناعته واجباً مقدساً لأنه الضمانة الأكيدة لسلامة المستقبل الذي تتعزّز فيه الوحدة الوطنية ويُصان فيه الانسان وتُحمى من خلاله الدماء والأعراض والأموال ويحقق العدل والمساواة أمام الدستور والقانون ويجعل الفرد يشعر بأهميته في بناء الدولة كونه أحد عناصر القوة القومية للجمهورية اليمنية، لم يأتِ اهتمام الدول بالدساتير قديماً وحديثاً من فراغ بل جاء لحاجة ملحة تتطلّبها ظواهر الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية وترسّخ لدى الشعوب الحية أهمية صناعة الدستور لتجعل منه المرجعية العليا التي يحتكم إليها الكافة وتمنع القوى من السطو على الضعيف وتمنح الدولة حق امتلاك واستخدام القوة لحماية كيان الدولة وتصون المجتمع وتحفظ أمنه واستقراره وتعزّز وحدة نسيجه الاجتماعي وتمنع كل من يحاول التطاول على قدسية الوحدة الوطنية أو يدّعي الأفضلية العنصرية أياً كانت!. إن التركيز على الوعي المعرفي بالدستور والقانون وكيفية صناعتهما أمر بالغ الأهمية، ينبغي على القوى السياسية القيام به باعتباره خلال هذه الفترة فرض عين على كافة القوى السياسية التي تمتلك رؤى وطنية لصناعة المستقبل وبالتالي العمل صفاً واحداً من أجل الوصول إلى حق الشعب في الاختيار الحُر من خلال الدستور الذي سيصوغه اليمنيون كافة كضمانة للمستقبل المشرق بإذن الله.