أولاً: الحرية هي القيمة الوحيدة التي جعلها الله خطاً فاصلاً بين الإنسان والحيوان. ثانياً: الحرية هي المعراج الحضاري للأمم وبفضل الحرية بلغت الأمم أعلى درجات التقدم والازدهار الحضاري والرفاه المجتمعي. ثالثاً: هل للحرية وجود في الإسلام – فكراً أو تشريعاً؟. الجواب هو سؤال كبير ومتشعب الأطراف لكن يمكننا الدخول مباشرة إلى ميدان الحرية في القرآن من خلال المحورين التاليين: المحور الأول: الجانب الفكري «العقدي» وحرية الاختيار، ففي هذا الجانب نجد أن التشريع الإٍسلامي قد رسم منهجاً واضحاً للإنسان العاقل الراشد – خلاصة: أيها الإنسان العاقل اسمع ثم لك الخيار في رسم الطريقة التي توصلك إلى غاية حياتك دون إكراه [إنا هديناه السبيل ..إما شاكراً وإما كفورا] [وهديناه النجدين] [فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} [ لا إكراه في الدين..] [ أفنلزمكموها وأنتم لها كارهون] هذا من جهة الحرية التامة للفرد. من جهة أخرى نجد أن التشريع الإسلامي وضع ضوابط إجرائية لحملة التشريع الإسلامي – الأنبياء أو أتباعهم تمثلت في كيفية التعامل مع الآخر [وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه..] يعني إياك أن تلوح بأدنى كلمة يحس من خلالها هذا المستجير أنه فاقد الإرادة، بل عليك حمايته حتى يصل المكان الآمن ومن هذا المنطلق قال الشافعي لا يجوز لمن تزوج غير مسلمة أن يدعوها إلى لإسلام حتى لا تحس أنه استخدم حقه كزوج في إحراجها ويتفق الفقهاء جميعاً أن لهذه المرأة الحق التام في حضور كنيستها وأداء شعائرها. المحور الثاني: الجانب التطبيقي: أعني الجانب التطبيقي هنا رسم منهج للأولويات التعبدية، حيث جاء التشريع الإسلامي بمنهج فريد حيث جعل تحري الفرد مقدماً على أنواع الطاعات الأخرى المثال الأول [فلا اقتحم العقبة، وما أدراك ما العقبة، فك رقبة، أو إطعام في يوم ذي مسغبة، يتيماً ذا مقربة أو مسكيناً ذا متربة]. فالله قد قدم عتق الرقبة وتحريرها على إطعام اليتيم القريب إلى الوجدان، ومقدم على إطعام مسكين التصق بالتراب لشدة الجوع. المثال الثاني: كفارة الظهار[الذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة] هكذا الحرية مقدمة على إطعام ستين مسكيناً وعلى صيام شهرين متتابعين. المثال الثالث: القتل الخطأ: [ ومن يقتل مؤمناً خطأٍ فتحرير رقبة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين..]. المثال الرابع: كفارة اليمين [ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين أو تحرير رقبة ، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام] في هذه الآية تقديم الإطعام لكن جاء بعدها عتق الرقبة [أو تحرير رقبة ] على سبيل التخيير وليس الترتيب إِشارة إلى أفضلية التحرير. أخيراً الحرية قبل الشريعة هذه الجملة الرائعة أطلقها فقيه العصر [القرضاوي] حفظه الله وهي قاعدة لها أساس قرآني [أن أخرج معي بني إٍسرائيل ولا تعذبهم] هكذا قال موسى لفرعون فهو لم يدعه للدخول في دين موسى، كما أنه لم يقم بتعليم بني إسرائيل الدين وهم تحت نير العبودية، إذ الحرية مقدمة على العقيدة .