في الوقت الذي تُمعن فيه المطامع اليوم, والمشاريع الخاصة, والأجندات الخارجية, الظهور بشكل وطني, والتمترس وراء مطالب ظاهرها مشروعة, وباطنها الشر, والدمار, مازال هناك بسطاء أكنّ لهم كل الاحترام والتقدير, يصحون مع أول خيوط ضوء الشمس, يفترشون الأرصفة, باحثين عن فرصة بناء, وتعمير, غير آبهين بقرع طبول الحرب المحيطة بالمدينة, بسطاء لم تتسخ أيديهم سوى بتعفير بنائه, مقابل زهيد لا يُغني, ولا يُسمن من جوع , أمام ما يجودون به, لا يرجون عرفاناً, أو جميلاً, يأملون فقط خلود ما صنعته أيديهم من عمران, وبناء ,هؤلاء في نظري هم بناة الوطن الحقيقيون, الذين وللأسف تتناساهم ذاكرة الأوطان, وتخلّدها الأرصفة, وشواهد العناء, والتعب التي حُفرت على وجوهم, لتمنحهم كل يوم سمرة الشمس أوسمة شرف, ووطنية.. في المقابل وبعيداً عن هؤلاء الذين يعملون وبصمت, يملأ الآفاق ضجيج أبطال الشاشات, المتشدقين بالوطنية, والثورية, الغارقين في دماء البسطاء, ويعلو صراخ من أسال دموع النساء, وأوجد شعور الافتقاد لدى كل أطفال المدينة, متحدثاً و بكل وقاحة عن الوطنية, ويدعو إلى البذل بالغالي, والرخيص, متناسياً إنه وحده من يحصد ذاك الغالي, ولا يبقى حتى على الرخيص المتاح لجياع المدينة , الذين لا يحصدون جرّاء نعيقه سوى الموت الرخيص, والدماء.. لكل هؤلاء.. كفّوا أيديكم عن هذا الوطن, واتركوا لنا ما تبقى من هذا العبث, والوجع لنعيش فيه, وبالمتاح الذي لم يعد ممكناً بسبب قبحكم, لكل هؤلاء المتشدّقين بالوطنية, وبالثورية, كفّوا أطماعكم عن هذا الوطن, وامضوا غير مأسوفٍ عليكم, ودعونا فقط نعيش بسلام, وانعموا أنتم بما قد سلف من وطنية الحسابات البنكية, وبما تجود به عليكم فوارق العملات الأجنبية, امضوا عنا, واتركوا لنا اليمن, اليمن فقط. همسة: يا رب استودعك كل الفقراء وكل من على أرصفة الطرقات.. يبحثون عن لقمة العيش بكدٍّ, وعناء استودعك .. كل من ليس لديه مثلي سوى هذا الوجع كمنفى أخير استودعك من لأجله استشهد كل الأبطال.. وانتحبت لفراقهم عيون.. خذلها..لاحقاً كل لصوص المدينة استودعك.. أطفالاً ونساءً ورجالاً ما زالوا خلف القضبان المهينة استودعك يا الله.. وطني الذي مازال لهم رهينة!!