يضعف الإنسان فيلجأ إلى استخدام القوة بدلاً عن العقل؛ فيحكم على نفسه أن يعيش حيواناً يلتهم ما يستطيع التهامه ويوقف عجلة التغيير. الحمار حمار، والأسد أسد، لم تتغيّر أحوالهم منذ الخليقة، لم يلبسوا ثوباً أو «سروالاً» من عشب مثلاً، ولم يتخذوا قبّعة من حر الشمس، ولم يسكنوا بيوتاً من أشجار الغابات أو يخترعوا وسيلة نقل؛ والأهم لم يخترعوا قانوناً ينظّمهم أو يحفظ حقوقهم ويطوّر غاباتهم ويتعامل مع أعدائهم أو يحفظ وجودهم من الانقراض, هم، هم تغيّرت الغابات وكادوا أن ينقرضوا عندما تنتهي الحاجة إليهم. هناك شعوب لم تتغيّر أحوالهم، وكأن التاريخ واقفاً عند داحس والغبرا، وعند معلّقات: ونشرب إن وردنا الماء صفواً ويشرب غيرنا كدراً وطينا و«غيرنا» هنا الأخ وابن العم، وهؤلاء هم العرب لا غيرهم..!!. ومنذ القدم لم يكن سوى الطين والوحل للجميع في بلاد العرب؛ لأن من يسيره الحقد والانتقام أو فرض التعالي والاستعباد، لا يفكر في نقلة إنسانية أو حضارية، ولا تتراكم عنده التجارب أبداً، دائماً يبدأون من الصفر ويدورون حول العدم وكأنهم هم من يعيشون قبل قرون نسخة مكرّرة من الهمجية والعصبية والعنصريات والتخلُّف والجمود. عامل الزمن وتطوّره لا يؤثر فيهم إلا سلباً؛ فهم مشغولون بالتباهي والانتساب بين أنف الناقة وذنبها وعقيدة لنا ونحن: إذا بلغ الرضيع لنا فطاما تخر له الجبابرة ساجدينا والجبابرة هنا هم طابور المستضعفين المقموعين الذين يكملون صورة الطغيان بالرضا بالاستعباد وخدمته. كما أن الانتقال من نموذج الحمار والضبع وتغيُّر السجيّة الواقفة، تقتضي أن يستدعي الجميع الفعل على قاعدة المساواة والقبول والاحترام للعقل والاستفادة من التجارب الإنسانية وتراكمها إيجابياً؛ وهذا غير موجود، ويكاد أن يكون غير ممكن عربياً وكأنهم غير موجودين أصلاً في تاريخ الإنسانية وتطوّرها. سيبقى العرب يعيشون في عصر الغاب حتى وهم يركبون طائرات القرن الحادي والعشرين؛ لأن الحضارة لا تخصّهم، هم أعراب ويمارسون أخلاق الأعراب نفسها، لم يستفيدوا من رسل السماء، ولا من مصلحي الإنسانية وتجاربها الراقية، ولن يجدوا حياة غير تلك الحياة الواقفة في التخلُّف والجمود بين نموذج الثعلب والدجاج والحمار والضبع والأسد والماعز، هذه المخلوقات والعرب هي، هي منذ أن خلق الله الأرض وما عليها بين آكل ومأكول؛ لا فرق بينهم بين متعلّم وأمّي ولا بين نُخبة وعامة ولا بين عربي وسبع؛ كلهم بالهم عرب «النوقة» هي «النوقة» و«الزئير» هو «الزئير» الممجّد منذ أيام العرب الأولى. هناك قرابة وصلة رحم ودم بين هذه المخلوقات، والعرب والذي يقول غير ذلك يعطيني دليلاً واحداً لأعتذر للحمير والضباع والسباع والبهائم السائمة. ما الذي تغيّر في هذه المخلوقات كلها، سواء التي تمشي على أربع أم تلك التي تمشي على اثنتين وتسكن أرضاً اسمها أرض العرب..؟! لا شيء. [email protected]