يمر وطننا اليمني بمنعطف خطير وظروف صعبة ومعقدة منذ اندلاع الأزمة العصيبة مطلع العام 2011م التي مازالت تداعياتها المؤسفة حاضرة بقوة في الساحة الوطنية على الرغم من التوافق الوطني والاتفاق السياسي الذي تم بين المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وتكتل أحزاب اللقاء المشترك وشركائه بناءً على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة والتي تم بموجبها نقل السلطة سلمياً وجرت الانتخابات الرئاسية المبكرة في 21 فبراير 2012م وتشكيل حكومة الوفاق الوطني مناصفة وعقد مؤتمر الحوار الوطني الشامل والذي مثلت مخرجاته خارطة طريق لليمن واليمنيين للخروج من دوامة الأزمات والصراعات والتناحرات إلى شاطئ الأمن والأمان والمستقبل الأفضل وقيام الدولة المدنية الحديثة القائمة على العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية؛ إلا أن فشل حكومة باسندوة في إنجاز المهام المناطة بها على الوجه الأكمل واستمرار الصراع السياسي بين أطراف أزمة 2011م وقيام بعض الأطراف باستغلال مواقفها في الدولة والحكومة لتحقيق مكاسب حزبية وشخصية على حساب المصلحة الوطنية العليا وهو ما أدّى إلى استنزاف الخزينة العامة وصل إلى حد الخطر وتفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للشعب وتدهور الأوضاع الأمنية إلى حد كبير، حيث زادت العمليات الإرهابية وجرائم الاغتيالات والتقطعات وكذا أعمال التخريب والاعتداءات على المنشآت النفطية والغازية والكهرباء والاتصالات والتي كبّدت الخزينة العامة خسائر فادحة. ونتيجة لذلك ازدادت التذمرات بين أوساط الشعب اليمني وكادت أن تصل الأمور إلى كارثة لا تُحمد عقباها في سبتمبر الماضي لولا لطف الله وحكمة العقلاء من أبناء الشعب اليمني وفي مقدّمتهم قيادات الدولة والأحزاب والتنظيمات السياسية في احتواء التداعيات وذلك بالتوقيع على اتفاق السلم والشراكة الوطنية من قبل كافة المكوّنات السياسية يوم 21 سبتمبر الماضي في دار الرئاسة بالعاصمة صنعاء برعاية رئيس الجمهورية الأخ عبدربه منصور هادي والذي جنّب الوطن والشعب فتنة كبيرة وحرباً طاحنة لا تُحمد عقباها. من المؤسف أن هناك اليوم من يتباكون على الوطن وعلى الجيش والأمن ويتهمون قياداته بالتآمر والخيانة متناسين أنهم السبب في تدمير الوطن والجيش والأمن منذ 2011م، وأنهم السبب فيما وصلت إليه الأمور اليوم. ومن المؤسف أن أصواتاً نشازاً تبرز هنا وهناك اليوم وبقوة تطالب بانفصال المحافظات الجنوبية والشرقية، والأدهى والأمر أن هناك أصواتاً أكثر نشازاً تطالب باستقلال محافظة تعز كدولة مستقلّة وينظمون مسيرة في شوارع مدينة تعز، فما الذي أوصل الأمور إلى هذا الحد، أليست الفوضى التدميرية التي اندلعت مطلع العام 2011م والتي كانت قد بشّرت بها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة “كوندالزا رايس” والتي أطلقت عليها “الفوضى الخلّاقة” كمقدمة لتنفيذ المخطط الصهيوني “الشرق الأوسط الجديد”..؟!. أيها المتباكون على الوطن والشعب والجيش والأمن راجعوا حساباتكم وكفّروا عن سيئاتكم وعودوا إلى جادة الصواب وضعوا أيديكم بجانب أيادي كل الشرفاء والمخلصين من أبناء الشعب اليمني لإعادة ما دمّرته الفوضى منذ العام 2011م والعمل على إنقاذ سفينة الوطن من الأعاصير العاتية والأمواج الهائجة التي تتقاذفها والوصول بها إلى شاطئ الأمان.