التفاؤل ضروري في الحياة؛ فهو يزرع الأمل في النفوس ويطرد عنها أسراب اليأس والقنوط، وكلما كان الإنسان متفائلاً كان أكثر قدرة على تحمُّل أعباء الحياة ومواجهة الصعوبات التي تعترضه وتقف في طريق سعادته، ولهذا جاءت الكثير من الأحاديث والأقوال المأثورة التي تحث الإنسان على التفاؤل تحت مختلف الظروف، ولقد قيل في الأثر إن ألسنة الناس أقلام القدرة، وتفاءلوا بالخير تجدوه، كما جاء في الحديث لرسولنا الأعظم إن للإنسان ثلث ما نطق إن خيراً فخير وإن شراً فشر. فالأمل لا ينقطع، والخير مرجو لمن طلبه؛ إلا أنه ومع الأسف لم يعد هنالك مكان يتسع للتفاؤل في حياة معظم اليمنيين التي خيّم عليها التشاؤم واليأس والإحباط، فالمستقبل في نظرهم أكثر ضبابية من الحاضر المعاش، ومعهم الحق في ذلك، فمعطيات الواقع التي هي محدّدات الانطلاق للمستقبل لا تبشّر بخير وقتلت كل ذرة تفاؤل، وأن من كدّروا صفو حاضرهم سيقودنهم إلى غد أجمل. ومع ذلك على اليمنيين أن يتمسّكوا بحبال الأمل ولا يتركوا لليأس مكاناً في صدورهم وعقولهم؛ لأن اليأس يعني الخضوع والاستسلام لمشيئة من لا يريدون لهم ولوطنهم الخير والسلام، وعليهم أن يرفضوا وبكل إصرار أية محاولة لإقناعهم بالتمسُّك برماد الحاضر خوفاً من نار المستقبل من منطلق القول إن الزمان لا يأتي بالأفضل؛ لأن الإنسان هو من يصنع الأحداث وليس الزمان، وأذكّرهم هنا بقول الشاعر العربي: نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيبٌ سوانا ونهجو ذا الزمان بغير ذنب ولو نطق الزمان لنا لهجانا نعم نحن اليمنيين في أمس الحاجة إلى تغيير أنفسنا حتى نشعر بمعنى الحياة، ونعي جيداً أن مستقبلنا في أيدينا ونحن من يرسم ملامحه، ولهذا أقول: دعونا نتخلّى عن الأفكار السوداوية التي تعشعش في نفوسنا ونطرد أسراب اليأس التي تخيّم في عقولنا وصدورنا وننظر إلى المستقبل بعيون متفائلة بعيداً عن التنبؤ بالغيب وتحميل أنفسنا هموماً مازالت في رحم الغيب ولم تأتِ بعد. فمن غير المنطق أن نحكم بفشل الحكومة القادمة، قبل أن تشكّل ونقنع أنفسنا أنها ستكون صورة مكرّرة لحكومة باسندوة، فيا أيها اليمنيون تفاءلوا بالخير تجدوه، وتذكّروا إن ألسنتكم أقلام القدرة.