من المعروف في الفقه الدستوري أن صياغة الدساتير من أجل أن تحمي الأجيال وتصون الحقوق والحريات وتقدس السيادة الوطنية وتوحد الولاء الوطني وتذيب الفوارق وتعزز الشعور بالانتماء وتدفع باتجاه الاستعداد المطلق نحو التضحية والفداء لقدسية التراب الوطني وتشعر المواطن بأهميته في الحياة السياسية وتحمي المقدرات والخيرات الوطنية وتمنع الغوغائية والتبعية وتساوي بين المكونات البشرية للدولة أمام القانون وتحمي المكونات الجغرافية للدولة. غير أن الملاحظ في اليمن أن ما يجري منذ بداية الأزمة السياسية أن الأمور تسير باتجاه تهديد مستقبل الأجيال، وتتعدى على الهوية الوطنية، وتنتقص من المواطنة المتساوية، وتمنع الحريات وتمحو التاريخ الوطني وتتجاوز الثوابت الدينية والوطنية والإنسانية التي عرفها إنسان اليمن وتمتع بالتمسك بها طوال حياته وفي مختلف الظروف، الأمر الذي ينبغي معه تكاتف الجهود العلمية والعملية من أجل منع العبث بمستقبل أجيال اليمن والتوعية بأهمية الدستور؛ كونه الضامن الأكيد للحقوق والحريات التي تحتاج إلى التجرد المطلق من أية مؤثرات سلبية قد تدفع باتجاه إدخال مواد تسمم مستقبل الأجيال وتعبث بحياة الناس وتقود إلى الفتنة والدمار. إن الواجب المقدس اليوم هو المناقشة العلنية والشفافة لمسودة الدستور، كما أن الدستور وثيقة المستقبل فإنه لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تكون فيه مواد قابلة للتفسيرات المتعددة التي تخدم أغراض الغدر باليمن ومستقبل أجياله أو تمس نضالات أحرار اليمن أو تنتقص منها على الإطلاق، ومن هنا ينبغي الحذر من أي نوايا سيئة والتنبؤ بخطورتها على المستقبل، وهو حق لكل وطني غيور على مستقبل أجيال اليمن الواحد والموحد. إن الواجب المقدس على أصحاب الأقلام الوطنية الشريفة أن تقوم بواجب التوعية بأهمية الدستور وبيان المخاطر التي تكمن خلفه أو التي تحقق رغبات الحاقدين على اليمن الواحد والموحد، وأن يكون التحذير من خطورتها المستقبلية فرض عين على الكافة القيام به؛ لأن صناعة الدستور مهمة وطنية كبرى تحدد ملامح المستقبل الذي يحقق الآمال الكلية لليمن بإذن الله .