خلق الله الإنسان وكرّمه على سائر المخلوقات، وميزه بالعقل ،فهو المخلوق العاقل الذي يميّز بين الأشياء، وبين الخير والشر، والصواب والخطأ، ولهذا حمله وحده المسؤولية والأمانة ماعجزت عنه السموات والأرض، ليكون الإنسان بهذا المخلوق السوي والقريب من الكمال. ولكي يكتمل التشريف، أعطاه حق الاختيار ثم تحمل مسؤولية هذا الاختيار، ليكون هنا الاختبار والامتحان للإنسان المكرم والعاقل. ومن ثمار العقل ووسائل الإنسان للوصول للخير والصواب.. هو التأمل الذي يعد ثمرة العقل استعانة بالسمع والبصر والحواس يعتبر بسنن التاريخ وعاقبة الأمم ومآلات الدنيا، ليعرف أن الظلم نهايته وخيمة، والعدل منجاة، والقسوة تنعكس على صاحبها ورحمة الضعفاء والفقراء معروف أنها تقي مصارع السوء، وأن الكِبر طريق المذلة، والتواضع طريق العزة، وأن الدنيا كلها لا تساوي عند الله جناح بعوضة، وأن السعادة في الرضى والزهد بما في أيدي الناس. التأمل طريق إلى الأخلاق الفاضلة، فلو تأملت جيدا فلن يقودك إلا إلى مكارم الأخلاق واختيار الصواب والتزين بكل جميل والنفور من كل قبيح في الفعل والقول. وأكثر الشرور والحماقات واتباع النزوات تأتي في غياب التأمل ،فالتأمل ياصاحبي نور يربط الأشياء مع بعضها زماناً ومكاناً فتتضح الصورة كماهي ،فالصواب جميل والخطأ قبيح. التأمل طريق إلى اليقين عن طريق التفكر في آيات الكون و سنن الأيام الدائرة ، وهو كنز الإنسان ومفتاح الخير وطريق للحكمة ومن أوتي الحكمة فقد أوتي الخير كله، فلاتعطل مهمة التأمل فيك فتعطل عقلك وتحيد روحك وتقترب من الهباء والعبث والخسران دنيا وآخرة وتصبح كالحمار يحمل أسفارا. [email protected]