إعداد/د.سامي حميد الحمادي إن أبرز الأنماط المرضية التي يشكو منها أغلب المتضررين من البرد تلك المظاهر الأساسية للرشح،كالإفراز السيلاني من الأنف وانسداد الأنف والتهاب ملتحمة العين بشكل متفاوت الحدة والتهاب البلعوم والتهاب الحلق. واللافت في الأمر ماغلب على الناس من خلط بين هذه المظاهر وأعراض مرض الانفلونزا، فنجدهم من قبيل طلب الشفاء السريع أو التخفيف من الآثار يعمدون إلى تناول أدوية بطريقة عشوائية علهم يجدون فيها فائدة، متجاهلين في نفس الوقت الإجراءات الاحترازية الوقائية التي من شأنها تخفيف تلك الأغراض أو إزالتها نهائياً محققة لهم الشفاء العاجل، وكذا الحيلولة دون إصابة الآخرين من الأصحاء. وتعد التهابات الطرق النفسية العليا من أكثر الالتهابات شيوعاً،خصوصاً في فصل الخريف لأسباب مختلفة ومتنوعة منها: اختلاف الطقس والمناخ؛ حيث تنخفض الحرارة إلى حدٍ ما وتأخذ البرودة في التزايد شيئاً فشيئاً. انتشار الأوبئة سريعة العدوى في التجمعات السكانية المكتظة، كالفيروسات والبكتيريا والفطريات. üüü تدني الوعي الصحي لدى التجمعات السكانية، وبالذات جموع العمال في المصانع والمعامل. السكن الجماعي في منازل لاتتوفر فيها الشروط الصحية الضرورية. ضعف التأهب والاستعداد الشخصي والجماعي لتغيرات الطقس والمناخ. التلوث البيئي لمحيط التجمعات السكانية. وهذه التهابات وبالذات في الحلق لاتنشأ فحسب لأسباب فيروسية أو بكتيرية معدية، وإنما قد تنشأ أيضاً لأسباب تهيجه أو جرحه مشكلاً السبب الأولى، ثم تأتي البكتيريا لتشكل سبباً ثانوياً. وثمة أسباب عدة لالتهابات الطرق التنفسية العليا والحلق واللوزتين، أهمها: التهابات الأنف والجيوب الأنفية ذات المنشأ الفيروسي أو البكتيري أو التحسسي. التهابات اللثة والأسنان. التهابات الغشاء الليمفاوي المبطن لجدران الحلق وقاعدة اللسان. تهتك الأنسجة بفعل الاستخدام الخاطئ لفرشاة الأسنان أو استخدام أدوات صلبة أو تناول مواد حمضية أو قلوية أو حارقة. أمراض مزمنة أخرى في الجسم. ويعد التهاب اللوزتين وجدران الحلق، التهاب مزعج يمتد لفترة طويلة، وهو جزء من التهابات الطرق التنفسية العليا، كما أنه عامل خطورة يسبب ليس فقط الروماتيزم،بل وأمراض أخرى مرتبطة بها، مثل التهابات «أغشية القلب» والأوعية الدموية الكلى الرئتين الغذاء الصماء المفاصل...الخ. بالتالي فالوقاية من التهاب اللوزتين المزمن عاملاً هاماً لتجنب المضاعفات الآنفة الذكر، وضرورة ملحة ذات أبعاد صحية واجتماعية واقتصادية.. وعادة يستخدم مصطلح الانفلونزا من قبل عامة الناس لوصف أي مرض فيه رشح أو زكام يترافق مع ارتفاع درجة حرارة الجسم؛ لكنه بشكل عام يستخدم لوصف مرض حاد تكون فيه أعراض المرض كآلام العضلات غير متناسبة مع أعراض المجاري التنفسية المطلوبة والحرارة المرافقة. وبطبيعة الحال فإن المريض بالانفلونزا يكون منهك القوى ودرجة حرارته مرتفعة لمدة تتراوح بين «2-4 أيام»؛ وقد تستمر حالة الشعور بالإرهاق مدة أسبوعين أو نحو ذلك، خاصة إذا لم يبادر المريض بعرض نفسه على الطبيب المختص في اليومين الأولين ليقرر له الدواء المناسب ويزوده بالإرشادات الواجب اتباعها لمنع تطور حالته المرضية وتجنب حدوث مضاعفات حادة لاتحمد عقباها. والعجيب في أمرنا أننا كثيراً ما نهمل جهازنا ولا نبالي، بل ومنا من يتسبب في إلحاق الضرر به بإدمان التدخين أو باستنشاق الغازات والملوثات والمواد الخطرة الضارة به وبالصحة ككل. وبالعودة إلى موضوع نزلات البرد والتهابات الطرق التنفسية العليا فإن من يهم في الأمر ليس الإتيان بمصطلحات يصعب على القارئ فهمها، إنما الأهم هو كيفية تجنب نزلات البرد والأمراض التنفسية بوجه عام والتي باتت تشكل مصدر قلق للبعض خشية أن تصيبهم أو تصيب أطفالهم. من ناحية أخرى نجد شريحة واسعة من الناس تظل تشكو من مشقة ومعاناة كبيرة بسبب الالتهاب الشديد للوزتين. ولايسعني هنا إلا أن أقدم النصح والإرشاد لمن يعاني هذه الإشكالية وقاية له من مغبة زيادة حدة الالتهاب على المستويين الشخصي والعام. فالوقاية الشخصية الذاتية تتطلب: تقوية الجسم برفع خصائص المقاومة لديه لتأثيرات العدوى بالفيروسات والبكتيريا وخلافه. رفع مقدرة الجسم على مقاومة الظروف والتأثيرات البيئية غير السليمة. تجنب التعرض للبرودة الشديدة أو إبقاء جزء من الجسم، كالأطراف والرأس عرضة للبرد أو وضعها في ماء شديد البرودة. عدم الاختلاط بالمرضى المصابين بالزكام بشكل خاص. تجنب السهر الطويل واستخدام المثلجات ومضغ القات والدخان في التجمعات. تدريب الجسم على الظروف القاسية التي تسبب هذه الالتهابات بالأساليب الملائمة، عبر: القيام بالتمارين الرياضية اليومية بشكل منتظم كل صباح. مزاولة الرياضة في النوادي والأماكن العامة. التدرج في فرك الجسم بمنشفة مبللة بماء بارد. فرك الرقبة «العنق» بالماء البارد تدريجياً. تنظيف تجويف الفم وتجويف الأنف بانتظام. التدرج في الاستحمام بالماء البارد. استخدام الحمام الهوائي. التعرض الكافي لأشعة الشمس. الحرص على جعل بيوتنا نظيفة، والحرص الدائم على نظافة المطبخ وأماكن الراحة. وعند القيام بالتدريبات المذكورة لايجب أن ننسى القواعد الأساسية لإكساب الجسم القوة والصلابة اللازمتين، من خلال: التدرج في التطبيق للتمارين، والانتظام في القيام بها، وأن نضع في الاعتبار الخصائص الفردية لجسم كل شخض. العنصر الآخر للوقاية هي الوقاية العامة، وتعتبر ذات صلة مباشرة بالجهات المعنية أساساً بحماية البيئة من التلوث بوجه عام، والوسط البيئي المحيط بالتجمعات السكانية على نحو خاص عبر قيامها بإجراءات وحملات تهدف إلى: رصد ومكافحة الميكروبات والفيروسات سريعة العدوى والانتشار. العمل على تجنب التلوث البيئي للوسط الذي تعيش فيه التجمعات السكانية. العمل على جعل مكان العمل خالياً من التلوث وتنظيم ساعات العمل والجهد المبذول فيه. الإرشادات والتثقيف الصحي في كيفية الوقاية من الأمراض في المجتمع والعمل على رفع الوعي وترسيخ مفاهيم السلوكيات الوقائية الفردية والجماعية التي تحد وتقي من التلوث والأمراض.. الخ، ويشمل ذلك: توعية المواطنين بأخذ حاجتهم من الأمتعة عند تنقلهم من منطقة إلى أخرى تتناسب مع حالة الطقس والمناخ في المناطق التي يسافرون إليها، فبلادنا كماهو معلوم على خلاف بلدان المنطقة بأسرها تمتاز بتعدد مناخاتها، لتنوع التضاريس الجغرافية ولكل منطقة فيها طبيعتها وخصائصها. تحذير ركاب المواصلات العامة من خطورة الركوب على وسائل مواصلات مكشوفة أو تلك التي لاتغلق أبوابها،حرصاً على صحة أجسادهم من التعرض لنزلات البرد، خاصة في الطقس البارد. حث المواطنين على الاستعداد لمواجهة أي تغيرات في الطقس أو المناخ في أي منطقة من المناطق التي يعيشون فيها بالوسائل والتجهيزات المنزلية وبالأمتعة اللازمة في المسكن وخارجه. المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان استشاري أمراض وجراحة الأذن والأنف والحنجرة