يقولون إن تاريخ التعذيب والقتل في العالم العربي يمتزج بالدماء والتمثيل، لكنهم فيما يختارون أمثلة من تاريخنا يتناسون الأساليب البشعة للتعذيب والقتل والتي سادت عموم العالم المعروف آنئذ ولم تكن حكراً على العرب، بل إن بعضها كان أكثر وحشية وإهانة للإنسان، ومن تلك الأساليب التي اتبعت على نطاق واسع في أوروبا "الخوزقة" بوضع المعدوم على خشبة تخترقه من دبره وصولاً إلى القفص الصدري، والصلب برفع المعدوم على الصليب بعد أن يتم تمزيقه بالضرب والإهانات والسخرية وهو يحمل صليب موته إلى حتفه، ومنها أيضاً سلخ الجلود التي كانت بمثابة تقليد وحشي في الممالك الأوروبية الشمالية، أيضاً شد المعدوم بالخيول حتى تتقطع أوصاله، وقد عرض فلم "ميل جبسون" بعنوان "الوطني" مشهداً لهذا النوع من القتل المتوحش، وأخيراً وليس آخر شهدت أوروبا إعدامات بقطع الرؤوس بالفؤوس، ثم المقاصل كمرحلة "أكثر تطوراً" في إعدام الناس!!. لا نقول هذا الكلام من باب المباهاة أو نكران تواريخ التعذيب والعنف في العالم العربي، لكننا نقوله للمقارنة فقط حتى يستوعب النائمون في سُبات الغفلة بأن ما جرى في الأرض العربية كان بعضاً من كل، ورافداً من روافد الحالة العامة للهمجية الآدمية، فالجميع يتساوى في الوحشية التاريخية منذ قابيل وهابيل، وحتى تقطيع الرؤوس بالسيوف من قبل العسكرية اليابانية أثناء الحرب العالمية الثانية. يقول لنا التاريخ إن الفاتحين العرب لم يقتلوا خارج المعارك المحتدمة، وأنهم كسبوا أفئدة الناس بتقديم المثل في السلوك والخير، ولهذا السبب انتشر الإسلام في العمقين الآسيوي والإفريقي دون أن تسفك قطرة دم. لقد اعتنقت تلك الديار الإسلام من خلال إعجابها بالسلوك والأخلاق الفاضلة للمهاجرين اليمانيين الذين ألهموا الملوك والسلاطين والعلماء والحكماء والنخب قبل الشعوب، فإذا بأندونيسيا وماليزيا والهند الكبرى وعموم آسيا الواسعة تدخل الإسلام دون قسر أو حروب. [email protected]