يقع علم الوراثة في مقدمة العلوم الحياتية والذي يلعب دوراً مباشراً أو غير مباشر في حياة الإنسان حيث أنه يتعامل مع المادة الوراثية التي تحدد كل صفات الكائن الحي وحياته القادمة وقد شهد القرن الماضي ومايشهده القرن الحالي تطورات سريعة وايجابية في مجال هذا العلم الواسع لكي يضع العالم على عتبة التطبيقات العملية للوراثة حيث دخل في مجال الزراعة لكي يسهم في توفير غلة غذائية عالية الجودة ويحسن الظروف الزراعية للنبات بحيث يجعله مقاوماً للظروف البئية غير الملائمة كماهو الحال في زراعة الحنطة في المناطق الباردة جداً وحتى المتجمدة منها كما دخل هذا العلم مجالاً مهماً يتعامل مع صحة الإنسان ويعطي لنفسه الحق في الصناعة الدوائية والعلاج والتشخيص. فعلى صعيد الصناعة الدوائية اسهم على الوراثة اسهاماً مباشراً في صناعة الكثير من الهورمونات واللقاحات وعلى أسس وراثية بحتة. وتزامناً مع التطورات الحديثة لهذا العلم، لوحظ في الآونة الأخيرة انتشار الأمراض السرطانية بشكل ملفت للنظر وعلى نطاق واسع من العالم ومنه اليمن وهذا مادفع الحكومة اليمنية إلى إنشاء مركز للعلاج بالاشعاع بغية القضاء على مرض السرطان ونتيجة لكثرة المصابين الذين توافدوا على المركز من جميع محافظات الجمهورية مماولد زحمة شديدة ما أدت إلى جملة من الصعوبات والمشاكل سواءً مكتب للمرضى أو العاملين في المركز الأمر الذي جعل الحكومة تفكر جدياً بانشاء مراكز أخرى للعلاج بالاشعاع في محافظات أخرى لغرض علاج المرضى إلا أن الاتجاه الحديث في تشخيص الأمراض السرطانية وعلاجها لايمكن أن ينطوي إلا على أسس وراثية بكون العلاج بالاشعاع والعلاج الكيميائي ليس فعالاً في القضاء على السرطان وأن تأثيرهما العلاجي ينحصر في تثبيط المرض فقط وفي نفس الوقت يؤدي إلى احداث سرطانات ثانوية وهذا ثابت علمياً وأكدته البحوث والدراسات الحديثة، والبحوث العلمية أن المادة الوراثية حساسة جداً للاشعاع والمواد الكيميائية المطفرة والمسرطنة وأمام هذه الحقائق والنتائج التي توصل إليها الباحثون نرى ضرورة انشاء وحدات للبحوث الوراثية لأن مثل هذه الوحدات لاتقل أهمية عن مراكز العلاج بالاشعاع بل تفوقها من حيث الأهمية من حيث السيطرة والقضاء على المرض وذلك لأن عدم تشخيصنا للمسببات المرضية لانستطيع القضاء على المرض لأنه سيظل يؤثر على الأجيال القادمة محدثاً أمراضاً جديدة. علاوة على ماسبق يشهد العصر الحالي تلوثاً بيئياً عالياً يمكن الكشف عن مخاطره عن طريق الفحوصات الوراثية. ويهدف هذا المشروع تحقيق الأهداف الآتية: 1 دراسة الأساس الوراثي للأمراض السرطانية حيث وحسب علمي لاتوجد دراسات في هذا المجال في بلدنا. 2 دراسة الملوثات البيئية وفعلها في المادة الوراثية للإنسان. 3 إجراء دراسات للكشف عن النباتات الطبية وتحديداً التي بها دور تثبيطي من النوع الحيوي Bioautimutagens لأن لها دور فعال في تقليل التأثيرات الوراثية الخلوية للأشخاص الذين قد تعرضوا للمواد المسرطنة. 4 التحري عن المسببات التي أدت إلى ظهور حالة التسرطن وبشكل ملفت للنظر وتحديداً في الأطفال حتى تتمكن الجهة المختصة من اتخاذ الإجراءات المناسبة. 5 اجراء الدراسات والبحوث للكشف عن النباتات التي لها تأثير مثبط للانزيمات التي تحول المسرطنات الغير نشطة Proearcinogenes إلى مسرطنات نشطة active carcihogenes. في ضوء ماتقدم يتطلب منا السعي الحثيث لاستحداث وحدة بحوث وراثية تعتبر كنواة مستقبلية في بلدنا تواكب التطورات العلمية العالمية في هذ المجال. ونظراً لأهمية هذا المشروع وحيويته في تشخيص أمراض عديدة مستحثة كانت أم وراثية متنقلة من الآباء وعطفاً على الأهداف المشار إليها سابقاً لهذا المشروع المقترح رأينا من الأهمية بمكان عرض هذا المقترح عبر صحيفة الجمهورية الصفحة العلمية على جهة الاختصاص والمؤسسات الخيرية والأكاديمية ورجال الأعمال والتجار وكل الخيرين في هذا البلد للمساهمة في دعم هذا المقترح وترجمته بشكل عملي. أن هذه الأهداف على قلة الأسطر التي كتبت فيها فهي كبيرة واسعة وتحتاج إلى عمل وجهد عالي لتحقيقها لكن دعونا نضع اللبنة الأساسية الأولى في صرح بناء عالم الوراثة في بلدنا العزيز. ü أستاذ الوراثة والبيولوجيا الجزيئية جامعة تعز