ها هي ذي وردة جالسة مع نفسها ، وابتسامة عليلة تطفو على وجهها ، و في مرآة عينيها الغزاليتين ، يبدو التيه مرفوقًا بالغيظ و الألم.. " أمخطئة هي لأنها فاضت بصدق و شفافية ؟ و تستعاد الذكرى المرة لتغمرها بالكآبة.." وردة ! أرغب في زيارتكم هذا الأسبوع لأن لي شأن مع والدك ! .. وترفرف الفرحة داخلها .. ها هو ذا الزمن عاد يبتسم لها ، بعد ثلاث سنوات عجاف، جفت خلالها ينابيع القلب. و تحس من جديد بذلك الشيء المشع كالنيازك ، يضيء شعاب الوجدان .. " يا أيتها الفرحة تمهلي .. حتى يعرف حبيبي تفاصيل العلاقة الأولى " سمير ! أريد أن أخبرك ، أني كنت مخطوبة ، قبل أن أعرفك ، و قد انفصلنا منذ ما يزيد عن السنتين .. قلت لك قبل الآن أن ماضيك لا يهمني ، و لا أريد أن أعرف شيئا عنه .. يوشوشها سمير ، و هو يرمقها باهتمام لكني مصرة أن أخبرك بكل التفاصيل ، حتى نعيش معًا صفحة بيضاء ، كلها نقاء. يبتسم سمير .. يطبطب على وردة بيدين دافئتين و حانيتين ، فيندفع السر القابع في الأعماق منذ زمن .. ما كان بيني و بين خطيبي ، ليست مجرد خطوبة عادية .. كنا ..سنتزوج بعد شهرين .. و كنت أحبه حباً عظيماً .. و هو .. كان لي الصدر الحنون .. لكنه بعد وفاة والدته ، صدم صدمة كبيرة .. فاستغل التيار المتطرف يأسه و ضمه إليه.. بعد ذلك ، تغير تغييراً شاملاً ، فبدا لي إنسانا غريبا عني .. و لما طلب أن نتزوج شريطة أن أتبع طريقه ، رفضت ، فانفصلنا.. و سار كل منا في طريقه. تغيرت ملامح سمير بعد سماعه الحكاية ، و بوجه يوشيه الغضب زمجر : هذا يعني أنك كنت زوجته .. و ليس خطيبته . أليس كذلك ؟ أرادت وردة أن تتكلم .. أن توضح ، لكن سميراً قاطعها : فلنذهب الآن .. ولنؤجل الخوض في الموضوع إلى سانحة أخرى حينها فهمت وردة كل شيء .و ساورتها الحسرة لأنها لم تصغ لنصيحة.صديقتها إلهام. ببشاشة استقبلت وردة عريسها . لم تكن بينهما علاقة حب ، لكنه إنسان ثري ، و سوف تكون مرتاحة معه ! أما هو ، فقد كانت فرحته كبيرة ، و هو يمارس رجولته ، و يشهد المنديل يتزين بالدم الأحمر القاني .. .. كيف انبثقت الفكرة أول مرة .. وكيف رفضتها وردة بشدة . ذلك ما تتذكره العروسة الآن ، و هي ترى نشوة عريسها بتدفق السائل الملون ، نتيجة هتك بكارة مزورة ، زرعها الطبيب بواسطة عملية صغيرة .. لكن .. هذا زيف و خداع ، تقول وردة جزعة ، و صديقتها تعرض الفكرة عليها ، و أنا لا أرغب أن أبدأ حياتي مع إنسان أحبه بكذبة ، يا إلهام ! و هل تعتقدين أن الرجل .. أي رجل ، يمكن أن يسامح في مسألة كهذه ، يا وردة ؟! ترد وردة ، و ابتسامة أمل تزحف على شفتيها : أنا متأكدة أن سميراً يحبني ، و سوف يقدر ظروفي حين يسمعني ، و يتفهم نوع العلاقة التي جمعتني بخطيبي .. ولم تغامرين ؟ تعاتبها إلهام ، فقد تخسرين سميراً و تندمين ! و تندم وردة ، بعد أن تبوح لسمير بما تنطوي عليه جوانحها ، و توهم الرجل الذي يتقدم لها بعد ذلك ، أنه أول إنسان في حياتها .. و يتم كل شيء كما رتبت له و صديقتها إلهام .. لكن القلق و الأرق أصبحا ملازمين لها .. و أصبحت تصاب بنوبات من البكاء الطويل و الصمت.