أظهرت دراسة ميدانية حديثة وجود علاقة وثيقة بين ظاهرة النزاعات القبلية وتعثر عملية التنمية المحلية في المشاريع الخدمية والتنموية والاستثمارية التي تقيمها الدولة في تلك المناطق محل النزاعات. وأكدت الدراسة التي نفذها الدكتور عبده عثمان أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء، والباحث أحمد صالح الجبلي، باحث بمركز الدراسات والبحوث اليمني بالتعاون مع مركز الدراسات الاجتماعية وبحوث العمل والمعهد الوطني الديمقراطي للشؤون الدولية.. أكدت أن النزاعات القبلية تؤثر سلباً على عملية التنمية المحلية في المناطق والمحافظات محل النزاعات، وكذا على حياة الأفراد والجماعات ومجالات التنمية وخاصة التعليم والصحة والتنمية البشرية، إضافة إلى الأضرار المادية في تدمير القرى والطرق وإهدار الثروة الحيوانية ومصادر العيش الأخرى. وتمكنت الدراسة التي استطلعت آراء 422 فرداً من القيادات المحلية والمشائخ والشخصيات العامة في محافظات الجوف ومارب وشبوة تمكنت من تحديد (149) من مشائخ القبائل الداخلة في النزاعات القبلية خلال الخمس السنوات الأخيرة، يمثلون 35 مديرية في المحافظات الثلاث مجال الدراسة، بنزاعات قبلية بلغت 158 نزاعاً قبلياً في 221 قبيلة (رئيسية وفرعية) تمثل ما نسبته %35 من مجموع عدد النزاعات التي تطرقت إليها الدراسة في المحافظات الثلاث، واعتبارهم بمثابة عينة المبحوثين من مشائخ القبائل والمديريات مجال الدراسة. وبحسب الدراسة حصلت «الجمهورية» على نسخة منها فقد احتلت محافظة الجوف المرتبة الأولى من حيث عدد النزاعات القبيلة ب65 نزاعاً قبلياً تليها محافظة شبوة 53، ثم مارب بعدد 38 نزاعاً قبلياً. أسباب النزاعات وتوصلت الدراسة إلى نوعين من الأسباب التي تقف وراء نشوب النزاعات القبلية، منها أسباب أولية على أساسها نشأ النزاع وتتمثل في النزاع على الأراضي وما يتعلق بها من حدود ومساحات، على صعيد المحافظات الثلاث بحسب إفادة %79 من المبحوثين. فيما أكد %64 من المبحوثين أن السبب الرئيس للنزاعات التي كانت قبائلهم طرفاً فيها كانت متعلقة بالأراضي واستخداماتها، مشيرين إلى أن بعض النزاعات القبلية تمتد لتشمل أكثر من مديرية وأحياناً إلى أكثر من محافظة. وجاءت نزاعات التنافس بشأن توصيل الطرق ومراعي الماشية، والخلاف بشأن المكانة الاجتماعية وإحياء ثأر قديم في مرتبة أقل حسب إجابات %50، فيما قال ما نسبته %1 فقط من المبحوثين أن أسباب النزاعات القبلية تعود إلى الديون وقتل الضيف وتحديد المهر. الثأر وأوضحت الدراسة أن الآثار السلبية المترتبة على النزاعات القبلية تصدرتها ظاهرة الثأر.. منوهة إلى أن %75 من عدد 612 من الرجال والنساء والأطفال فقدوا حياتهم في مناطق قبائلهم خلال الفترة 20002005م بسبب النزاعات الثأرية.. حيث أفاد %77 من المبحوثين في محافظة الجوف، و%64 من المبحوثين بمحافظة مارب و%71 بمحافظة شبوة بوجود حوادث قتل في قبائلهم بسبب النزاعات القبلية. بالمقابل فقد أكدت الدراسة أن الآثار السلبية للنزاعات القبلية على حياة المواطنين شملت عدداً من الجوانب، حيث أفاد %47 من أعضاء المجالس المحلية من عينة المبحوثين بأنه حدثت عمليات نزوح من مناطقهم بسبب النزاعات القبلية، كما حرم التلاميذ من مدارسهم إضافة إلى أضرار أخرى لحقت ببعض المرافق الخدمية وأعاقت الحملات الصحية وتنفيذ بعض المشاريع التنموية. إلى ذلك أفاد %75 أن آثار النزاعات القبلية امتدت لفترة زمنية متفاوتة بعد حدوثها.. مشيرين إلى أن نزاعات قبلية منعت أفراد القبيلة من الذهاب إلى حقولهم الزراعية أو الخروج لرعي حيواناتهم لمدة تراوحت بين 712 شهراً بعد حدوث النزاع. وحول السياق الزمني للنزاعات القبلية أشارت الدراسة وفقاً للمعلومات من واقع البحث إلى أن %40 من النزاعات تعود إلى ما قبل 1985م، و%38 منها تعود إلى فترة 19852000م، فيما %22 منها خلال الفترة 20012005م. وبحسب الدراسة فإن أقدم نزاع قبلي في الجوف نشب عام 1900، أما في شبوة فإن ذاكرة المبحوثين أفادت بأن أقدم نزاع قبلي وقع في عام 1948م، وفي محافظة مارب كان قد نشب في العام 1962م بحسب المبحوثين عينة الدراسة في تلك المحافظة. يشار إلى أن المحافظات الثلاث تشكل %6 من إجمالي سكان اليمن إلا ان العوامل التي أدت إلى عدم الاستقرار في هذه المناطق يعود إلى انتشار الأسلحة الصغيرة بين المواطنين والاتجار بها حسب ذكر الدراسة.