تعد تجربة دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في فصول الدراسة لمدارس التعليم العام، وبالرغم من نجاح هذه التجربة في محافظة تعز إلا أن القائمين عليها يواجهون صعوبات ومعوقات تعرقل عملية الاستمرار في تطويرها والتوسع في تطبيق هذه التجربة لجميع مديريات المحافظة، صحيفة «الجمهورية» قامت بجولة استطلاعية بالرصد عن كثب لأوضاع الطلاب المدمجين من ذوي الاحتياجات الخاصة في المركز الامتحاني لمجمع صينة التربوي وتلخيص آراء بعض ممن قابلناهم حول مدى تناسب امتحانات هذا العام مع ما درسوه من المقرر الدراسي، وبعد أن تم الاستعانة بالأستاذ عبدالرحمن يحيى، مختص غرفة المصادر في مدرسة الصديق الذي قام بترجمة لغة الإشارة أثناء أخذنا لآرائهم خرجنا بملخص الآراء التالية: صعوبة في الأسئلة إن الامتحانات هذه السنة قد أتتهم من صنعاء وقد كتب عليها لذوي الاحتياجات الخاصة من الصم؛ إلا أنهم وجدوا صعوبة بالغة في فهمها والإجابة عليها، ويشعرون أنها لا تناسبهم، أو كان من المفترض أن توضع الاختبارات بالتنسيق مع المدرسين الذين قاموا بتدريسهم لأنهم أعلم بما أخذوه من المقرر الدراسي وأقدر على صياغة أسئلة تتناسب مع نوع إعاقتهم لكي يسهل عليهم فهمها. الأسئلة مناسبة للناطقين الطالب توفيق درهم - الصف الثالث ثانوي «علمي»: يعلل صعوبة الأسئلة لتغيّب بعض المدرسين وكذلك وجود عجز في مدرسي المواد العلمية وعلى وجه الخصوص مادة الأحياء والتي درسوها آخر العام الدراسي لفترة عشرة أيام فقط، والناطقون هم أكثر فهماً واستيعاباً من «الصم» والأسئلة المقدمة هذا العام كانت مناسبة للناطقين ولم تكن مناسبة للطلاب المعاقين سمعياً والذين استيعابهم محدود، حيث كان من المفترض أن تقدم لهم أسئلة تتناسب مع مستوى فهم المعاقين سمعياً ودرجة استيعابهم. لم ندرس التجويد إن الأسئلة المتعلقة بمادة التجويد لهذا العام لم نستطع الإجابة عليها والسبب في ذلك أننا لم ندرس التجويد مطلقاً منذ بداية العام الدراسي، أما بقية الأسئلة فكانت بالنسبة لنا إلى حد ما واضحة وكان من المفترض أن توضع الأسئلة عن طريق لغة الإشارة حتى يتمكن طلاب ذوي الاحتياجات الخاصة من الصم فهم الأسئلة وهذا ما لم يحدث. الأسئلة محصورة عندما كنا في الصف التاسع الأساسي كانت أسئلة الامتحانات واضحة وسهلة بالنسبة لنا؛ لأن الأسئلة كانت قد وضعت بتنسيق وإشراف مدرسي المواد الذين قاموا بتدريسنا، أما الأسئلة المقدمة لنا هذا العام، ونحن الآن في الصف الثالث الثانوي فكانت قليلة ومحصورة وفيها صعوبة، وكنا نفضل أن تكون الأسئلة كثيرة ومتنوعة لكي تعطي لنا فرصة أكبر للإجابة والحصول على درجة نجاح. غياب التنسيق المشكلة تكمن في عدم تحديد المسئوليات وغياب اللوائح والقرارات المنظمة للعمل وضعف التنسيق بين الوزارة ومكتب التربية في المحافظة وتهميش دور من لديهم الخبرة والكفاءة والمتخصصين في العمل من ذوي الاحتياجات الخاصة، فبعد أن شكلت لجنة من المعلمين وموجهين متخصصين في العمل مع الطلاب «الصم» لوضع نماذج أسئلة بتوجيهات من نائب وزير التربية ومدير مكتب التربية في المحافظة وتم تسليمها فعلاً إلى المطبعة السرية نفاجأ بأن الاختبارات بُدلت بنماذج أخرى فرضت على الطلاب دون تنسيق مع مكتب التربية في تعز ودون مراعاة للخطط الدراسية للمناهج التي وضعت للطلاب «الصم» وعند الاطلاع على هذه النماذج نجد أن معظمها غير مناسب في أساليبها للطلاب الصم، أما بالنسبة للطلاب المكفوفين فنواجه سنوياً مشكلة البحث عن أشخاص يقومون بكتابة إجابة الطلاب في دفتر الإجابة، فهل سيكونون أمينين في كتابتهم ولديهم كفاءة في الخط والإملاء، وبدلاً من وضع حلول حقيقية وكتابة نماذج الأسئلة والإجابة بطريقة «البرايل» التي تتناسب مع الكفيف نفرض عليه أسئلة والإجابة عليها بالطريقة التي تناسبنا نحن المبصرين.!!. الأسلئة خارج نطاق تكييف المنهج من خلال مهمتي كرئيسة للمركز الامتحاني في مجمع صينة التربوي فقد لمست للأسف أن الاختبارات غالباً لا تتناسب وطبيعة الشريحة التي تمتحن في هذا المركز وهم من الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة، فقد كانت ورقة الاختبار للصف التاسع الأساسي لذوي الاحتياجات هي نفس ورقة اختبار الطلاب الناطقين.. أما في المرحلة الثانوية بالرغم من أن ورقة الأسئلة لمادة التربية الإسلامية والقرآن قد كتب في أعلاها عبارة لذوي الاحتياجات الخاصة إلا أنها قد خرجت عن المسار الملائم لهذه الشريحة من الطلاب وذلك لأن الكل يعلم أن مادة التجويد وهي التي تدرس فيها مخارج الحروف ونطقها الصحيح إدغاماً وإقلاباً وما إلى ذلك فقد كانت من ضمن الأسئلة التي شملتها الورقة.. وإني أتساءل: كيف يمكن لأولادنا من ذوي الإعاقة السمعية «الصم والبكم» أن يجيبوا عن أسئلة هذه المادة، وهذا بالرغم أن إدارة التربية الشاملة في مكتب التربية في تعز ممثلة بمديرها الأستاذ أحمد الوجيه أخبرني بأن تدريس الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة قد عملوا عدة ورش عمل لتكييف المناهج حتى تكون صالحة ليدرسها الطلاب من هذه الفئة، فكان من المهم جداً ألا تخرج أسئلة الاختبارات عن هذا التكييف.. وأتمنى أن يتم عمل دراسات مختلفة وبرامج وخطط بواسطة متخصصين من كافة الاختصاصات ووفق معايير علمية لوضع منهج دراسي ملائم ومتوافق مع خصائص ذوي الاحتياجات الخاصة العمرية والنفسية وإمكاناتهم الفكرية والجسدية، كما يعمل على تنمية مداركهم وصقلها وتوجيه هواياتهم ليقودهم بطريقة سليمة إلى بر الأمان. عجز في المدرسين والكتاب المدرسي إضافة إلى عدم ملاءمة أسئلة الامتحانات للثانوية العامة للتكييف الذي تم للمنهج الدراسي هناك أسباب أسهمت في رفع مستوى الصعوبة للأسئلة المقدمة للطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة «الصم» في المرحلة الثانوية منها النقص الشديد في الوسائل التعليمية المناسبة لاحتياجات هذه الفئة من الطلاب والتي تساعدهم على التحصيل العلمي عن طريق حاسة البصر، ضف إلى ذلك عدم توفر معمل مدرسي في المدرسة التي تضم هذه الفئة، كما أن هناك عجزاً في المدرسين العاملين مع هذه الفئة لبعض المواد. في البداية شيء جميل أن تكون هناك امتحانات خاصة بالطلاب والطالبات ذوي الاحتياجات الخاصة وتشكر الوزارة على تلك الخطوة المتميزة في هذا الجانب، أما فيما يتعلق بالامتحانات لهذا العام أقول: إنها غير عادلة إن جاز التعبير «وهذا رأيي الشخصي» وذلك لأنها وضعت من جهات ليس لها أية علاقة لا من قريب أو بعيد بالطلاب والطالبات الممتحنين، فالطلاب والطالبات يدرسون في مدرستين «مجمع صينة للبنات، ومدرسة الصديق للبنين» ولديهم معلمون ومعلمات يقومون بتدريسهم خطط منهجية مكيفة تم الاتفاق عليها من خلال لجنة من الموجهين والمعلمين والمعلمات وتم اعتماد تلك الخطط من مكتب التربية والتعليم.. الشيء الآخر تم تكليف المعلمين والمعلمات في المدرستين وفريق من الموجهين لإعداد نماذج امتحانات خاصة من المحافظة «هذا ما يتعلق بالصف التاسع» وبعد تجهيزها وتسليمها إلى المطبعة السرية بتعز وفق الاجراءات القانونية الخاصة بالامتحانات، نفاجأ بنزول امتحانات من صنعاء تبين فيما بعد أنها قدمت من جمعيات خاصة بالصم لا يدرسون الطلاب والطالبات الممتحنين لديها، ولا يوجد أي تنسيق، وإن سلمنا بالامتحانات التي فرضت على أبنائنا وبناتنا الصم، فإن أغلبها من خارج المقرر عليهم، ناهيك عن صياغة الأسئلة ونوعيتها والتي أغلبها مقالية، وقد طلبنا في تقاريرنا عن سير الامتحانات عرض تلك الأسئلة على موجهين متخصصين لإبداء الري فيها شكلاً وموضوعاً. وأحب أن أضيف إذا كان أبناؤنا الطلاب والطالبات غير ذوي الاحتياجات الخاصة بالصف التاسع تم امتحانهم بنماذج خاصة بالمحافظة، فمن باب أولى الطلاب والطالبات الصم تكون امتحاناتهم من نفس المحافظة، مع العلم أننا في العامين السابقين كان امتحانهم من المحافظة، ولا ندري لماذا حصل ما حصل هذا العام؟!.