سبحانك سبوح أنت : عما نسبت إليه نواسب الكدر، المتسبخة بمقارنة الحجر والمدر، تنزهت ذاتك بذاتك عن الازدواج والامتزاج إذ لا صفة تشبه صفاتك، براءة منك لك بك على ألسنة العقول التي أصفيت لصفتك إذ عاينت بنور تبصيرك ما جهل الغافلون من كنه عظمتك. سبحانك قدوس أنت : تقدست بطهارة جناب جبروتك عن التثنية والتثليث إذ لا كفء لك من أهل ملكك وملكوتك، تقدساً أفضت العلم به على العلماء بك، من حيث انعقدت أسباب عقولهم بسببك. سبحانك جواد أنت : جدت على كل من لم يكن بالكون وحملت خواصهم على جليل عرفانك بالعون فأصبح بينهم وبين كل شيء بون ، وتم جودك على من أوجدت باظهارهم بالنظر إلى عجيب ما أظهرت، ثم تناهى جودك عليهم فأطلعت بصائرهم على ما أخفيت وأسررت. سبحانك ماجد أنت: تمجدت عن مساماة العقول الهائمة إلى بلوغ معرفتك المشتاقة إلى إدراك صفو صفتك فعادت عنك بالشهادة المحضة لك لا عليك، وعطفت بالخضوع الدائم لك والتضرع لديك. سبحانك قيوم أنت : أقمت الأشياء على الأشياء وأنت القائم بالأشياء على الأشياء ، العالم تحت أسرك، قائم على غير قاعدة عن أمرك استقر بسكونه إلى تسكينك وتمكن باتكاله على تمكينك. سبحانك قوي أنت: حملت أثقال الكثيف على اللطيف وأنت الحامل لما حملت ، فلا يتحرك ولا يتزلزل ، ولا يميل ولا يتحول ، ولا يرتفع ولا يتنزل. سبحانك باسط أنت : يداك مبسوطتان بالعطاء تعطي الدنيا من تشاء وتعطي الآخرة من تشاء، أشرت بذلك إلى كثرة الانفاق وقسمة الأرزاق من نعمك السابغة في الدارين ، تعاليت أن توصف بيدين ذواتي كفين وعضدين، علواً كبيراً. سبحانك قابض أنت : قبضت فما تنسب إلى التقتير، وبسطت فما تنسب إلى التبذير ، قبضك بلاء للصابرين، وبسطك بلاء للشاكرين وذلك عدلك في العالمين وعليه حسابك يوم الدين. سبحانك كبير أنت : تكبرت فما تخالطك الظنون ولا تلاحظك العيون، فأنت اللطيف المكنون، لا تَماسُّك الذوات ، ولا تماثلك الصفات، ولا تحيط بك الجهات. سبحانك عظيم أنت : تصاغرت لعظمتك العظماء من أهل الأرضين والسماء فكل عظيم تحت قهرك ضئيل، وكل عزيز تحت عزك ذليل ،قرنت البعوضة بإسرافيل ، على بساط العبودية والتذليل. سبحانك كريم أنت : نظرت بعين كرمك في سلطان قدمك إلى معدوم الصور، فبرأت لطائفها من نورك الذي زهر، وإنشأت كثائفها من الماء والمدر. ثم رفعت من اللطائف من استحق التشريف إلى سرادقات عرشك المنيف، وأهبطت إلى الكثائف من استحق التكليف ، ونسي ميثاق عهدك الشريف. ثم أفضت عليهم نعمك تترى ، وأوزعتهم حمداً وشكراً وأنزلت عليهم كتباً تقرأ محكمة نهياً وأمراً فمنهم الصالحون ومنهم دون ذلك ، فلم تقطع بكرمك عن الكافرين ما اسبغت على الشاكرين انتظاراً لتوبتهم وإمهالاً لأوبتهم ثم تناهى كرمك الجم الغفير وفضلك الذي لا يحيط به التقدير، أن آتيتهم الملك الكبير على العمل التافه اليسير.