الإمام العالم والمحقق المحدث الفقيه المجتهد شيخ الإسلام وترجمان القرآن محمد بن علي بن محمد بن عبدالله الشوكاني الصنعاني ولد سنة 2711 هجرية، نشأ بصنعاء وتربى في كنف أبيه فقرأ القرآن وختمه وجوّده على مشائخ القرآن ثم أخذ بطلب العلم وحضور دروس العلماء والأعلام وعكف على حفظ المختصمات والمتون لمختلف أنواع الفنون في الفقه والنحو والصرف والفرائض والبلاغة والقراءات ومصطلح الحديث وله اهتمام بدراسة كتب التاريخ والأدب وبعد اجادته مبادئ هذه العلوم أبحر نحو الشروح والموسوعات وأشبعها بدراسة وبحثاً برعاية ذوي الاختصاص من علماء عصره، فعلى سبيل المثال لا الحصر من هذه الكتب والشروح.. صحيح البخارى وصحيح مسلم وسنن الترمذي، وموطأ مالك، وسنن النسائي، وابن ماجه وأبي داؤود وشرح بلوغ المرام، وفتح الباري بشرح صحيح البخاري وكلها في الحديث إلى جانب شروح كتاب الأزهار، وشرح التهذيب وشرح المغني وشرح الجزرية، في الفقه والألفية وشرحها وقواعد الإعراب وشرحها للأزهري وحواشيها في النحو، وشرح منظومة الجزار في العروض وغير ذلك من الشروح والمتون في أمهات الفنون. ومن مؤلفات الإمام الشوكاني..تفسير الشوكاني للقرآن الكريم الذي اسماه «فتح القدير» وموسوعته الفقهية المسماة «نيل الأوطار» وألّف في الفقه كتاباً مختصراً أسماه «الدراري المضيئة» اضافة إلى البدر الطالع وموسوعته العلمية في العقيدة وألف عدداً من الكتب أهمها..الدر النضيد في اخلاص التوحيد، التحف في الإرشاد إلى مذهب السلف، أدب الطلب ومنتهى الإرب، بغية المفيد في الرد على من أنكر الاجتهاد من أهل التقليد.. اضافة إلى مؤلفه الشهير: القواعد المجموعة في الأحاديث الموضوعة. ولإمامنا الشوكاني رحمه الله نشاط سياسي واجتماعي خاض من خلاله غمار السياسة والحياة العامة وحاول جاهداً الاصلاح من خلال القضاء فقد تقلد منصب القضاء وأظهر قوة في الحكم وهيبة للحق وصلابة في الدين جعله محل تقدير الجميع حكاماً ومحكومين وعاش بعيداً عن الترف والبذخ مترفعاً عن الخضوع لنزوات الحكام وأرباب السلطان وهذا ماأهلّه حمل لواء الاصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والوقوف ضد الجور والظلم والاستبداد وهذا مانلحظه من خلال مؤلفاته.. رسالة في رفع المظالم والمآثم رسالة القول الصادق في حكم الإمام الفاسق، ورسالة البحث الملم المتعلق بقوله تعالى «لايحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم». وهكذا عاش الإمام المجتهد الشوكاني حياة حافلة بالكفاح يصول ويجول في ميادين عديدة، ضمن ميدان طلب العلم وحلقاته وتحصيله إلى ميدان البحث العلمي والتأليف ومن ميدان التعليم والتدريس إلى ميدان الوظيفة العامة والفصل بين المتخاصمين واصلاح ذات البين وحمل لواء الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للحكام والمحكومين..وانتقل إلى الرفيق الأعلى بعد عمر حافل بالعطاء والجهاد العلمي والسياسي والاجتماعي في السابع والعشرين من شهر جمادى الآخرة سنة 0521 هجرية رحمه الله.