العيد.. ماذا تعني لنا هذه المفردة؟ قد يرى الكثير منا بأن العيد هو رؤية فرحة أبنائنا الأطفال في عيوننا وتلك الابتسامات البريئة التي تشرق من وجوههم معبرين عن فرحتهم بهذا اليوم والذي ينتظره كل طفل بفارغ الصبر حتى يأخدوا حريتهم كاملة في التعبير عن سعادتهم والتي قد يفتقدونها طوال أيام السنة، لكن هنا ما زال للعيد ذلك البريق الذي كان في السابق عندما كان الجميع صغاراً وكباراً يستقبلون العيد بالأناشيد والأهازيج وإقامة الزينات؟ في هذا الاستطلاع نرصد العيد من وجهة نظر الأطفال والاستعدادات والنشاطات التي يقومون بها.. لا أجد وقتاً للعب «عبدالرحمن» 21 سنة بأنه ينتظر العيد بفارغ الصبر كي يخرج للالتقاء برفقائه وزملائه في الحارة ليلعبوا سوياً، عبدالرحمن لا يخفي عشقه الذهاب إلى الحدائق واللعب في مدينة الملاهي، وأكثر شيء يضايقه في العيد عندما لا يحصل على وقت كاف للعب كما يقول كأن تقول له أمه أن يذهب إلى السوق أو البقالة لشراء حاجيات للبيت. زيارة جدي وجدتي «محمد محمود» 51 سنة هو الآخر يتحدث عن الأشياء التي يحب أن يمارسها في العيد حيث يرى أن أكثر ما يميز العيد هو الألعاب النارية والتي يجب أن يشاهدها ويسمعها كما يقول لكنه لا يحب اللعب بها ولا يقوم بشرائها على الإطلاق.. ويقول «محمد»: الشيء الآخر الذي أحبه في العيد هو ارتداء الملابس الجديدة إضافة إلى أكل الحلويات، وهناك شيء آخر مهم أقوم به في العيد وهو زيارة جدي وجدتي وجميع الأقارب لمعاودتهم والسلام عليهم. لا عيد بدون ملابس جديدة أما «غادة» البالغة من العمر اثني عشر ربيعاً، فإن أولى أولوياتها أن تكون الملابس الجديدة جاهزة قبل العيد بعدة أسابيع وتؤكد «غادة» قائلة: إذا حدث وتأخر والدي في إرسال الملابس من السعودية فإنني أشعر بحزن كبير ولا أشعر بطعم العيد على الإطلاق، وتكتمل الفرحة إذا جاء والدي من السعودية كي يأخذنا للتنزه والسفريات وقضاء إجازة العيد ولا أنسى أن في العيد نحصل على فلوس «عوادة» من جميع الأقرباء طوال أيام العيد. أحرص على تقبيل أبي وأمي و«لسبأ علي» 31 سنة طقوسها الخاصة في ليلة وصباح العيد تقول «سبأ»: أصحو مبكرة وأنا في غاية السعادة والبهجة، حيث أقوم بإعداد وتجهيز نفسي والقيام ببعض الأعمال المنزلية لمساعدة أمي في عمل الكعك والحلويات، بعد ذلك أقوم بمعاودة أقربائي وصديقاتي ولا أنسى أن أعاود والدي ووالدتي حيث أقوم بتقبيلهما وأتقبل منهما التهاني بالعيد وأحصل منهما على مبلغ من المال وأجمع عوادتي واشتري بها بعض الألعاب بعد ذلك أقوم باللعب مع زميلاتي في الحارة طوال اليوم. العيد وأطفال العراقوفلسطين لم يغب عن أذهان بعض الأطفال وهم يحتفلون بقدوم العيد أن يتذكروا أطفالاً أشقاء لهم يعانون البؤس والشقاء والحرمان تحت وطأة الاحتلال وهم لا يعرفون لطعم العيد مذاقاً، أولئك هم أطفال العراقوفلسطين والذين يستقبلون العيد في كل عام على أصوات القذائف والانفجارات والدمار من حولهم.. فها هو الطفل «أيمن» 41 سنة يعبر عن احاسيسه في يوم العيد تجاه إخوانه من أطفال فلسطينوالعراق فيقول: عندما يتجمع لدي مبلغ من المال في يوم العيد أقوم بإعطاء الأطفال الفقراء بعض النقود والملابس حتى يشعروا بفرحة العيد مثلنا، كما أحب أن أرى أصدقائي سعداء يحبون بعضهم، ويضيف «أيمن» قائلاً: أكثر شيء يحزنني هو رؤية أطفال فلسطينوالعراق وهم يقتلون ويشردون ويحاصرون من قبل الاحتلال ولا يعرفون الفرحة في العيد، وأتمنى من جميع زملائي الأطفال أن يتبرعوا بجزء مما لديهم من النقود التي يجمعونها في يوم العيد والدعاء لإخوانهم هناك كي يفرج كربهم حتى تكتمل فرحة العيد. العيد لم يُخلق لنا «محمد راشد 11 سنة» طفل رمت به الأقدار لينتهي به المقام في الشارع يبيع كتيبات صغيرة بحجم الكف كي يصرف على نفسه وأسرته.. محمد راشد مثله كثير من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب ظروفهم المعيشية صادفته ذات مساء قارس البرودة وهو يرتدي ملابس مهترئة و أردت أن أداعبه.. سألته عن كيفية استقباله للعيد وماذا هيأ له فقال بكلمات بريئة: «أيش من عيد»؟ مضيفاً: العيد لم يخلق لأمثالي، العيد عندي يعني الكسوة الجديدة وتوفير الأكل لي ولأسرتي، كما أحلم أن أدخل المدرسة وألعب مثل بقية الأطفال هذه كلها مش موجودة عندي حتى الآن، فأبي مريض ولا يستطيع العمل ولدي ثمانية إخوة معظمهم صغار والبقية لا عمل لهم.. ويضيف «راشد»: في يوم العيد لا أذهب لأي مكان، بل أبقى في البيت أقوم على خدمة أمي ولا أجد وقتاً للعب.. كما ترى أحاول أن أبيع هذه الكتيبات القليلة حتى أوفر المصاريف وحتى الآن بعت ب 051 ريالاً أبيع الكتيب الواحد بعشرين ريالاً. ألعب مع ابنة خالي «حاتم محمود» 8سنوات طفل تنطق كلماته ببراءة وعذوبة تلقائية، فهو «قيس» الصغير الذي يعشق ليلى ولا يفكر بسواها، فهو لا يلعب إلا مع إبنة خاله ولا يحب اللعب مع أحد سواها، وهي كذلك لا تحب أن تلعب مع أحد سواه.. يقول «حاتم»: في العيد ألبس الملابس الجديدة وأقوم بشراء مسدس ولعب أخرى ولا أنسى أن أشتري لعبة لابنة خالي لأهديها إياها ثم نلعب سوياً عندما أذهب إليها في بيت جدنا للمعاودة وهناك نظل نلعب حتى آخر النهار.