على الرغم من الزلزال المدمر الذي ضرب أجزاء من محافظة ذمار وبلغت قوته 2.6 على مقياس ريختر وكان مركزه أسفل القرية التي يطل عليها الجامع وأسفر عن مقتل مالا يقل عن 2000شخص 200منهم من قرية ضوران وحدها ناهيك عن مئات الأسر التي وجدت نفسها فجأة في العراء بلا مأوى نتيجة تهدم الدور والمساكن ولم يكن هذا المعلم الإسلامي البارز بمنأى عن تلك الكارثة التي وقعت ظهيرة يوم ال 31 من شهر ديسمبر عام 1982إلا أن بقايا آثار جامع الحسن بن القاسم قادرة على التعبير بوضوح عن عظمة ذلك المشروع الذي شيدة القائد العسكري الحسن بن القاسم في القرن السابع عشر الميلادي وهو شقيق الإمام ذائع الصيت المتوكل على الله إسماعيل ابن الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد. وفي هذا المقام لابد من التنويه إلا أن الزلزال الذي أحال المنطقة إلى أكوام متناثرة من الخراب الرهيب كان أحد سبيين رئيسيين أسهما في إقناع المعهد الأمريكي للدراسات اليمنية والمعهد الفرنسي للآثار والعلوم اجتماعية لتمويل ودعم دراسة تاريخية ومعمارية لجامع الحسن بن القاسم إلى جانب أن المكان الذي بني عليه يحمل دلالات وأبعاد سياسية حيث كان مقراً لمواجهة القوات العثمانية المغتصبة والقادمة من خارج اليمن شأنه شأن الكثير من المساجد اليمنية حيث كان جامعي الجلاء وحجر والذان وكذا مسجد القاسم بن محمد في منطقة شهارة. وعن موقع المسجد المنعزل على سفح جبل ضوران الشاهق يقول:بروس بالوس وريا الصكار في دراستهما التاريخية التي أعداها حوله «لقد كان لذلك الموقع الفضل في جعله مستقلاً عن بقية المباني المجاورة ونظراً لكون الجبل يقع ضمن سلسلة من المرتفعات التي تضاهيه في العلو وتزيد عليه فإن دنوه النسبي هذا قد أعطاه منزلة رفيعة جعلته أشبه بالمعابد الاغريقية.. من هو الحسن بن القاسم يعتبر الحسن بن القاسم من القادة العسكريين الأفذاذ حيث إنتهج خيار المقاومة المسلحة ضد الأتراك العثمانيين منذ أن كان عمره لم يتجاوز ال 51 حتى تمكنت القوات العثمانية من اغتياله سنة 1613م وإيداعه سجن دار الحمراء المجاور لقصر السلاح بالعاصمة صنعاء مما اضطر والده الإمام القاسم من عقد هدنة مع الوالي جعفر باشا بهدف التخفيف من سوء المعاملة الذي قد يتعرض لها والده وبعد 8 سنوات كاملة من الاعتقال أي في سنة 1261م وبعد سنة واحدة من وفاة والده تمكن الحسن من الفرار من السجن ومغادرة صنعاء إلى منطقة «برط» ليعاود قتاله الشرس ضد الاحتلال حتى حالفه النصر واستطاع دحر الأتراك عن آخر قاعدة لهم في المخا سنة 1634م لتسقط زبيد بسهولة في يده، الأمر الذي مكنه من تحويل عساكره وإخضاع الجنوب بمافيها عدن لسلطة أخيه محمد الذي أطلق على نفسه لقب المؤيد بالله. نظرة شاملة للمسجد ومرافقه عرف المسجد في قبل السكان المحليين للمنطقة بمسجد الحسن بن القاسم إذ تشير معظم المصادر إلى كونه قد تأسس وشيد على يد هذا الأمير وكان الاستثناء الوحيد في تلك الروايات ماذكره السياغي الذي زعم بانتساب المسجد للإمام المتوكل على الله إسماعيل الذي قام بنقل عاصمة اليمن إلى ضوران عند تقلده لزمام الحكم وتوليه الإمامه بالرغم من أن من بناه هو الحسن بن القاسم الذي يعد مسئولاً عن العديد من الاصلاحات التي سردها الغالبي ومنها المباني لتكون لاتباعه والمدارج الزراعية والحبس تم بنائه لمايعرف ب «الجامع المقدس» الذي بدأه في عام 1048ه 1938م وقبل اكتمال البناء كانت قد وافته المنية وكما تشير الدلائل فقد استكمل بناء غالبية أجزاء المسجد على يد ابنه المدعو محمد بن الحسن. مكونات المبنى ومرافقه المختلفة يتكون المبنى من المسجد الرواق الجنوبي فناء الجامع المئذنة غرفة الدفن «الضريح» البرك وأماكن الاغتسال المدرسة. المسجد تخبرنا المخططات الأفقية للجامع بأن تاريخ إنشائه يعود إلى مرحلة مبكرة من تاريخ اليمن القديم والتي تتزامن مع مرحلة بناء الجامع الكبير بصنعاء وشبام كوكبان وصعدة وإن لم تكن ذاتها فتصميم الجامع لايعتمد بصورة رئيسية على السقف المرتكز على صفوف من الأعمدة بقدر إعتماده على نمط استخدام البواكي أو الممرات المقنطرة حيث أن هناك العديد من الدلائل تشير إلى أن تاريخ إنشاء المسجد يعود إلى القرن السابع عشر الميلادي فإن أغلب الظن بأن الطراز القديم للجامع لم يكن إلا رغبة من ولدي القاسم وليس تجسيداً للفن المعماري السائد في تلك الحقبة من الزمن. يتألف الجامع من الفناء الخارجي والذي تبلغ مساحته مايعادل 5.30*5.54م أي نسبة عرضه إلى طوله 1:5.1 وتشمل هذه المساحة المحراب الواقع على الضلع الضيق للفناء المربع أما المساحة الصافية للفناء «الصرح أو الشماسية فتبلغ حوالي 5.51* 81م وهو على الرغم من توسطه للجناح الشرقي والآخر الغربي إلا أنه أكثر توجهاً نحو الناحية الجنوبية لمبنى الجامع مما يجعل الرواق الشمالي «المقدم» يفوق نظيره الجنوبي «المؤخر» بالعمق بما يعادل النصف «ومايثير الاهتمام بجامع الحسن بن القاسم ذلك التجانس الرائع لواجهات جدران الفناء الخارجي والتي استخدمت فيها الاحجار ذات اللون الأخضر الباهت التي تكسو الجدران الداخلية والخارجية وقد أدى الزلزال إلى تغطيتها كلياً بأكوام من خليط الطين والتبن المعروف ب «الملاح». الرواق الجنوبي الرواق الجنوبي للمسجد محاطاً من جهاته الأربع بالجدران التي أحتوت جميعها على مداخل عدة يمكن من خلالها الولوج إليه سواء عن الطريق الشرقي منها أم المغربي أو من خلال المدخلين الكائنين بالناحية الجنوبية وبملاحظة ماتبقى من جدران ذلك الرواق نجد أنها قد أحتوت على العديد من الكوات الجدارية والتي تجمعت أربع منها في جدار الناحية الجنوبية واثنتان في جدار الناحية الغربية ونظراً لعدم وجود أي أثر لذلك الأخير فقد تعذر تحديد شكله وتكوينه الحقيقي. فناء الجامع مايرى اليوم من رصف حجري يغطي ساحة الفناء الخارجي والتي تبلغ أبعادها مايقارب 18م*5.51م كان أحد أعمال ترميم وتجديد الجامع بمشاركة الحسن سيف سالم وتنفيذاً حدد جاهات أنس ضوران في عام 1896م غير أن غالبتها أتلف بفعل العوامل الطبيعية مع مرور الوقت وقد نفذت أعمال التجديد بنفس نوعية الأحجار الملونة بالأخضر الفاتح والأحمر والأسود والتي استخدمت في الأصل لبناء المسجد وتتألف الجدران الغربية والجنوبية من خمسة عقود محمولة على مجموعة من الركائز التي لايزال غالبيتها منتصباً في مساحة الفناء. المئذنة لم يعد هنا الكثير مما تبقى من مئذنة الجامع التي تميزت بالبناء الفريد كونها تتوسط جدار المسجد يمتد فوق حافة الجدار ويلفت الانتباه أن وحدات الآجار المستخدمة في البناء والتي تركت دون تلبيس أو تغطية يبدو مختلفاً تماماً كما لو أنها غير أصلية وقد يكون السبب في ذلك كما ورد على لسان «سيرجنت وليوكوك» أن غالبية المساجد التي بنيت في عهد الحكم الزيدي بنيت بلا مآذن لذلك نجد العديد من المساجد في مختلف أرجاء اليمن تظهر مآذنها متنافرة كما هو حال مئذنة مسجد الحسن. غرفة الدفن «الضريح» إن بقايا غرفة الدفن بألوانها الفنية وتفاصيلها الجصية المذهلة هي بالتأكيد جوهرة في تاج الاطلال الباقية من مجموعة مباني ذلك المسجد والمظهر النموذجي لهذه الغرفة هو عبارة عن قبة منخفضة ترتكز على قاعدة مثمنة الشكل فوق سطح مربع حيث تم تحويل تكوين القاعدة المثمن الشكل إلى الشكل المربع باستخدام الدعائم المقوسة «الاسقنش» والتي تمتد خلفها دعائم إضافية من فروع الأشجار الضخمة المتراصة بشكل قطري بين زوايا القاعدة المربعة وتعتبر هذه التشكيلة شائعة في غرف الدفن بكثير من الجوامع والمساجد في اليمن منها تلك الموجودة في العاصمة صنعاء مثل المدرسة «قبة إبراهيم» والعبيدين والفليحي والتي أُنشئت في منتصف القرن العاشر ه/ السادس عشر الميلادي مسجد وضريح البكيرية. البرك وأماكن الاغتسال «المطاهير».. للمسجد بركتان رئيسيتان وثلاث برك أخرى أصغر حجماً وأكثر ضحولة تحيط بحدوده الخارجية تتغذى البرك الصغير، بطريقة طبيعية بواسطة مياه الأمطار في حين أن لكل من البركتين الرئيستين غيلها الخاص والغيل هو الجدول المتدفق الذي يوجد العديد منه في منطقة جزيرة العرب ولكن المعنى الفعلي للكلمة يختلف في اللهجة المحلية لسكان صنعاء فالغيل هنا يعني قناة اصطناعية للماء في الغالب مختفية جزئياً تحت الأرض. تقع البركة الرئيسية أو الشرقية في الناحية الجنوبية للجامع وتبلغ أبعادها 42*81متر بما في ذلك الدرج أما الركن الشمالي الشرقي من البركة فتوجد الميضأه وإلى الغرب من ذلك الميضأه الغربية ويوجد إلى الجنوب من البركة الغربية مبنى الاغتسال وهو عبارة عن مبنى غير مسقوف له ستة مقصورات للاستحمام ومن المحتمل وجود مقصورة سابقة إلا أن الانقاض المتراكمة فوقها قد دفنت جانبها الغربي إلى جنب الحمام الغربي الممتد على طول الحافة الشمالية. المدرسة لم يأت في وصف الجامع قديماً أي ذكر لأماكن الدراسة أو المدرسة والتي لم يعد باقياً منها سوى بعض حدودها الخارجية التي يمكن تمييزها من خلال أسسها المدفونة تحت التراب. والتي تتألف من حجرة طويلة أو رواق له مدخل من الناحية الشمالية يؤدي إلى الغرفتين الشرقيتين الموجودتين في الرواق ومن المحتمل وجود باب آخر في الجدار الشرقي للغرفة الجنوبية إلى جانب الباب أو النافذة الموجودة بالنهاية الجنوبية والذي يمكن عبرها الوصول إلى قناة المياه المفتوحة والتي تقودنا بدورها إلى ينابيع الشرب «السبيل».