يحمل كل شخص منا على وجه الأرض مهمة خاصة ومسؤولية محددة خلقها الله بنا من أجل خدمة الآخرين «إضافة إلى عبادة الله وإعمار الأرض» تدفعه لتلك المهمة الميول والموهبة.. حقيقة علمية تؤكد أن جميع البشر يملكون نوعاً معيناً من الإبداع وتبقى المعضلة الحقيقية في عملية اكتشاف هذا النبوغ البشري هي طريقة التعامل معها وقبل ذلك اكتشافها وتنميتها.. فمن المواهب ما تموت في مهدها ؛ ومنها ما يلفظ أنفاسه لحظة ولادته ؛ والكثيرون يقطع المجتمع بقصد أو دون قصد مسارات الغذاء والهواء عنها فما أن تبدأ وتنطلق حتى تعاق وتنكمش.. . داخل كل منا مبدع حقيقي.. وحين أذكر الإبداع لا أعني النبوغ الحسابي أو الذكاء «اللوغاريتمي» وإنما أعني كل تميز يخطو بك في اتجاه معين يفيد الآخرين لا يملكه كثيرون وحين تقارن نفسك بمجموعة قليلة من أقرانك المشابهين لك في ظروفك الاجتماعية والعلمية ؛ القريبين من عمرك الزمني ؛ تكتشف أنك مختلف عنهم منفرد بينهم باختلاف يحلو لنفسك ويطور ذاتك.. فالتميز بإلقاء الأحاديث المفيدة بطريقة شيقة هو إبداع ؛ والتعامل بطريقة واعية مع الأحداث المزعجة أو المفرحة إبداع ؛ التأمل في تفاصيل الكون والتحليق وفق مشاهدات الطبيعة إبداع ؛ التمرد على الموروثات الاجتماعية والمعتقدات البالية غير المنطقية إبداع ؛ حتى اختراع أنظمة جديدة تتناسب مع متطلبات البشر هو بالتأكيد إبداع.. الإبداع لا يعرف اتجاهاً معيناً ولا يتقيد بأي قوانين.. بل على العكس فإن القيود هي مطحنة الإبداع ؛ مهلكة التميز... يعتبر الاختصاصيون أن أسعد الناس هم أولئك الذين استطاعوا أن يمتهنوا مواهبهم ويتعايشوا وفق ما ميزهم الله به من قدرات، ولكي نعرف ما إذا كنا في المكان المناسب في وظائفنا علينا أن نسترجع طفولتنا وتحديداً من عمر سنتين إلى خمس سنوات تقريباً ونعلم ماهي الأشياء التي كانت تستهوي عقولنا وتمتع أوقاتنا وإن كانت تحت مظلة اللهو واللعب لأنهما أهم عوامل اكتشاف المواهب وتحديد القدرات ؛ وبطبيعة الحال قد لا نكتشف ذلك دون مساعدة بعض المحيطين بنا خاصة الوالدين في ذلك الوقت الخطير من العمر والذي يمضي للأسف بتهميش تلك التفاصيل أو الجهل بطريقة التعامل معها ومثلما يولد المولود على الفطرة يولد حاملاً مهمته الخاصة وموهبته معه.. فعلى سبيل المثال الطفل الذي يقضي أغلب وقته في خياله الذي يظهر بصورة جندي يقف لتنظيم السير أو إعطاء المخالفات لأقرانه غير المنظمين أو الذي يعانق في نومه ويقظته سلاحه للذود عن أرضه ووطنه حتماً سيكون ناقص السعادة خانقاً للموهبة فيما لو شاءت الظروف أن يمتهن مثلاً الهندسة أو الطب أو التعليم ..!! ? لا أعرف لماذا خطر في ذهني المعلمون والمعلمات ونسبة ممن يمتهنون منهم مهمة تربية وتعليم الأجيال لمجرد أنها وظيفة ..!! ربما لأنهم يملكون القدرة في التأثير على مئات البشر.. أجيال المستقبل؟؟ ترى كيف سيتعاملون مع الأجيال في حالة أنهم وجدوا في المكان السليم المتوافق مع موهبتهم وقدراتهم..!! ترى كم نسبة المسخرين لخدمة الآخرين الممتهنين لمهماتهم ومواهبهم؟؟ وكم نسبة الذين يعيشون في حالة «تأبين» أزلي لمواهبهم؟؟