صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    العرادة والعليمي يلتقيان قيادة التكتل الوطني ويؤكدان على توحيد الصف لمواجهة الإرهاب الحوثي    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خذلوا والدي المشير السلال!!
نجل أول رئيس للجمهورية يتحدث بصراحة شديدة:
نشر في الجمهورية يوم 26 - 09 - 2009

تحملت مهام قتالية ميدانية إبان الثورة في أكثر المواقع اشتعالاً
الملازم/علي عبدالله صالح أظهر شجاعة واقتداراً في دحر الملكيين على محور شرقي خولان
الرئيس السلال سارع في العودة إلى صنعاء فور إعلان العفو
الرئيس/علي عبدالله صالح طلب من بعض قادة انقلاب «5» نوفمبر زيارة الرئيس السلال في منزله بصنعاء بعد العفو العام
قال الرئيس السلال عشية إعلان الوحدة: أحمد الله أن مَدّ بعمري لأرى قيام اليمن الواحد
السلال سهّل وصول الأسلحة إلى مناطق الجنوب لمساندة الثورة على الإنجليز
المشير السلال اصطدم بالملكيين والقبائل ودعاة خروج المصريين من اليمن
الزعيم/عبدالناصر قال للملك فيصل: كيف أدعو إلى القومية العربية وأعمل على تقسيم اليمن
هذا الحديث الذي أجريته مع الأخ الأستاذ السفير/علي عبدالله السلال رئيس لجنة الإعلام بمجلس الشورى، فيه الكثير من المعلومات التي عاشها قريباً من والده المشير علي عبدالله السلال أول رئيس للجمهورية في مطلع ستينيات القرن الماضي.. وفيه أماط اللثام عن عديد
من الحقائق التي عاشها بنفسه عندما كانت الثورة وليدة وتتعرض لمخاطر كثيرة.. وفيما يلي نص الحوار: الأستاذ القدير السفير/علي عبدالله السلال عضو مجلس الشورى. أين كنت يوم 26سبتمبر 1962م؟
كنت ليلة الثورة في باب اليمن أنتظر الأوامر بعد أن أبلغني زميلي الشهيد/علي علايه واللواء/حسين الدفعي أن أسلم نفسي هناك لاستلم قائمة الاعتقالات وانتظر وصول المدرعة التي سترسلها قيادة الثورة ومعها زميلي الشهيدان الملازم/محمد الأشموري والملازم/علي الخولاني وقد استلمت قائمة الاعتقالات من اللواء/حسين الدفعي، وفي الساعة الواحدة ليلاً وصلت المدرعة وبدأنا تنفيذ القائمة علماً بأني قد ذكرت أنني لم أكن في قائمة تنظيم الضباط الأحرار بل كلفت من التنظيم بعدة مهام وكان أولها قائمة الاعتقالات وتوليت قيادة المجموعة التي انضم إليها الاخوة ضباط الصف أحمد الترابي وعبدالله الفراص وأحمد الهمداني وأكملنا مهمتنا على أكمل وجه بعدان اعتقلنا كل الأسماء الموجودة في القائمة عدا عبدالله بن الحسن الذي كان قد تمكن من الهرب.
كيف استوعبت في تلك المرحلة قيام الثورة وتحمل والدكم المشير/عبدالله السلال مسئولية القيادة والرئاسة؟ وماهي المشاعر التي انتابتكم؟
بدأت أفكار الثورة لديّ مبكرة عندما كنت أدرس في قاهرة حجة بجانب والدي المشير المرحوم/عبدالله السلال وترسخت في المدرسة الثانوية عندما انتقلت للدراسة في المدرسة السيفية في الحديدة عندماكان مديرها أحد الأحرار القدامى الأستاذ/أحمد جابر عفيف ومدرسوها من الفلسطينيين والمصريين وكان يعيش بها أحرار كثيرون الأستاذ/ابراهيم صادق والشاعر المرحوم الأستاذ/يوسف الشحاري والأستاذ/علي حمود عفيف رحمه الله والأستاذ/محمد العديني أطال الله في عمره والأستاذ الشاعر/العزي مصوعي ومجموعة كبيرة من الأحرار الذين دونت أسماءهم في مذكراتي، وقد تضاعف استيعابي لفكرة الثورة عندما انتقلت إلى كلية الشرطة في تعز حيث زاملت مجموعة من الثوار الذين أصبحوا فيما بعد أعضاء بعضهم من قيادات في تنظيم الضباط الأحرار أمثال الزميل اللواء/أحمد الرحومي أطال الله عمره والزميل اللواء المرحوم/صالح الأشول واللواء الشهيد البطل/علي علايه والزميل/ يحيى الرازقي أطال في عمره والزميل المرحوم/أحمد خليل ومجموعة من ضباط الشرطة الدفعة الأولى الذين ساهموا في ليلة الثورة وفي حمايتها بعد قيامها، وتحول الاستيعاب إلى فكرة القيام بها والمشاركة في حمايتها حيث خضت معارك الدفاع عنها قائداً لأكثر من عشر جبهات وشاركت تحت قيادة اللواء المرحوم الشهيد/محمد الرعيني في أكثر من معركة، ثم تجذرت في مدرسة الأسلحة حيث أخذت مع نفس الزملاء من ضباط الشرطة فرقة في مدرسة الأسلحة تدربنا فيها على استخدام الأسلحة مدرعات خفيفة والأسلحة الروسية الحديثة التي وصلت ضمن الصفقة الجديدة التي أبرمها مع الإتحاد السوفيتي سابقاً الإمام محمد البدر المخلوع رحمه الله وبعد عام واحد قامت الثورة والتحقت بها قبل اندلاعها بساعات.
وماذا عن والدكم ودوره في الثورة؟
أما والدي «رحمه الله» فقد كانت تجاربه النضالية والحياتية أكثر منا جميعاً لذلك فقد كان إقدامه على قبول قيادة الثورة رغم قلة الإمكانيات وقبوله رئاسة الجمهورية في ظروف صعبة وشائكة اعتبرها من وجهة نظري شجاعة منقطعة النظير خصوصاً والمشاكل بدأت منذ فجر قيام الثورة حيث كانت أسلحتنا ستتوقف بسبب نفاد الذخيرة، وكانت سياراتنا وناقلاتنا الثقيلة الدبابات والمدرعات على وشك نفاد الوقود وكانت المقاومة من دار البشائر مقر الإمام المخلوع ودار السعادة مقر عبدالله بن الحسن وبيت العباس وبيت علي وبعض بيوت موظفي الإمام الكبار مازالت تطلق النار على معداتنا وثوارنا المكشوفين، فجاء المشير السلال «رحمه الله » منقذاً وأمر بفتح قصرالسلاح وأرسل الأمر مع الزميل/هاشم صدقه وبفتح قصر السلاح أنقذ السلال ثورتنا وموقفنا الصعب وتدفقت الذخيرة والوقود على مواقعنا وكانت الإذاعة قد بدأت إرسالها وارتفعت روحنا المعنوية رغم الاستبسال والشجاعة والفدائية التي تسلح بها كل عناصر الضباط الأحرار فانتصرت الثورة وسقط جميع رجالات العهد الإمامي البائد في قبضة الثورة وانتهى خطرهم إلى الأبد.
وماهي أبرز المشاكل التي واجهت الثورة فور انطلاقتها؟
المشاكل التي واجهتنا - خصوصاً والدي - هي هروب الإمام المخلوع وفساد القبائل بعد تدخل الجيران والخلافات داخل صفوف الثورة والتي نشرها بين صفوفنا القادمون من القاهرة والطامعون في السلطة لكن والدي المشير«رحمه الله» تمكن بحكمته وصبره وتحمله من حل كل المشاكل بعون مخلص ووطني من كل معاونيه الثوار والمدنيين.. كما تمكن الحرس الوطني القادم من المحافظات الجنوبية والجنوبية الشمالية وكل المؤمنين بالثورة والجمهورية من دحر أعداء الثورة في كل الجبهات.
متى تحديداً التحقتم بالمشاركة في صفوف القوات المسلحة؟
التحقت بالتحديد في كلية الشرطة نهاية سنة1953م فأنا في الأصل ضابط شرطة لكني التحقت بدورة مدرسة الأسلحة سنة1960م فأفادتني الدورة العسكرية التي أخذتها للالتحاق بالقوات المسلحة ومكنتني من الالتحاق بصفوفها حتى الآن.
ماهي المسئوليات التي أوكلت إليكم في تلك الفترة؟
بدأت بعد ثلاثة أيام من قيام الثورة بالتوجه إلى شبام والطويلة كنائب لقائد الحملة اللواء المرحوم/محمد الأهنومي والمكلفة بمطاردة الإمام المخلوع وكانت الحملة مكونة من جموعة من ضباط الثورة أذكر منهم الملازم/أحمد مطهر والملازم/أحمد الفقيه «شفاه الله» والملازم الشهيد/علي عبدالقادر والملازم الشهيد/علي علايه والملازم الشهيد/محمد الأشموري والملازم المرحوم/أحمد خليل والملازم/علي شرف الدين أطال الله عمره والملازم البطل/عبدالرحمن الشريف ومجموعة من المتطوعين والجيش النظامي حيث قمنا بمهمتنا على أكمل وجه وماكدت أعود لأقدم التقرير العسكري عن مهمتنا حتى صدرت لي الأوامر من القائد الأعلى أن أتوجه صباح اليوم الثاني لقيادة حملة آنس حيث كان معي من الاخوة ضباط الثورة اللواء/محمد عبدالخالق واللواء أحمد الفقيه واللواء عبده الراعي واللواء عبدالرحمن الزين.
حيث نجحنا في احتلال كل مناطق آنس حتى وصلنا جبل الشرق وانتهت مهمتنا على أكمل وجه وفور عودتي كلفت بقيادة حملة المحور الشرقي لخولان وكان معي من ضباط الثورة الملازم البطل الشهيد/علي علايه والملازم المرحوم/أحمد خليل والملازم/أحمد الحلالي والملازم عبدالله السنحاني والملازم/محمد السراجي والملازم/علي عبدالله صالح والملازم المرحوم/علي اليماني والملازم المرحوم/محمد شائف جارالله والملازم المرحوم/محسن وهاس ومجموعة من فصائل الحرس الوطني من أبناء المحافظات الجنوبية وبلكات النظام«الجيش النظامي» ومجموعة من قبائل بني الحارث بقيادة الشيخين حامد خيران أطال الله عمره والشيخ/حمد الحنبصي «رحمه الله».
وبقيت في محور خولان سنة كاملة ثم صدرت إليّ الأوامر أن أتوجه لقيادة منطقة حجة وكان معي ضباط الثورة النقيب أحمد الفقيه «شفاه الله» والنقيب/أحمد مطهر والنقيب/يحيى الفقيه «رحمه الله» والنقيب/أحمد خليل والنقيب/عبدالله السنحاني مدير أمن حجة والنقيب البطل/محمد القنبله والنقيب/يحيى السلال والنقيب/أحمد الحيمي ومجموعة من ضباط الجيش النظامي وكل هؤلاء بفضل بسالتهم وفدائيتهم تمكنا من فك الحصار على حجة وفتح الطرقات وبذلك انتهت مهمتي لأنتقل بعدها قائداً لمحافظة الحديدة وبين هذه المهام العسكرية عُينتُ مشرفاً لإذاعة صنعاء ثم مديراً لكلية الشرطة وقمت بعدة مهام ذكرتها بالتفصيل في مذكراتي وكانت آخر مهمة تعييني سفيراً لبلادي في الاتحاد السوفيتي 1966م حيث انتهت مهامي الثورية بقيام انقلاب الخامس من نوفمبر1967م.
هل تتذكرون المواقف العصيبة التي عشتموها في ضوء المسئوليات التي وكلت اليكم؟
كانت مهامي ومسئولياتي معظمها عسكرية وكنت غير موجود في العاصمة وقضيت خمس سنوات في ميادين القتال ماعدا فترة وجودي في المنفى مع والدي في مصر من سنة1964م حتى 1965م وفترة وجودي في الاتحاد السوفيتي سابقاً في منصب السفير لذلك لم أواجه سوى مشكلة وكانت كبيرة استشرت فيها والدي سنة1963م وأنا في قيادة المحور الشرقي هناك حيث أصر أفراد الحرس الوطني من أبناء المحافظات الجنوبية ومجموعة المتطوعين من القبائل على الاحتفاظ ببأسلحتهم التي سلحناهم بها لمقاتلة الملكيين، أصروا على الاحتفاظ بها لمقاتلة الانجليز بعد عودتهم ولما رفضنا باعتبار أن السلاح كان عهدة وأمانة عاهدنا على المحافظة عليه حتى الموت وكادت المشكلة أن تتحول إلى مواجهة عسكرية بيننا وبينهم رغم أننا كنا معاً نواجه عدواً واحداً وشرساً وتخندقنا بالفعل مستعدين لمقاتلة بعضنا لكن نائب الملازم الشهيد/علي علايه أشار عليّ بأن أدخل صنعاء لأستشير والدي بصفته القائد الأعلى فتوجهت من فوري وكان يوم خميس في الاجتماع الاسبوعي للقيادة ووصلت منزل والدي الذي كان يسكن فيه بعد أن رفض أن ينتقل إلى القصر الجمهوري للإقامة فيه وشرحت له المشكلة التي تواجهنا وطلبت منه الاستشارة والحل فأجاب:
ياعلي إعطهم السلاح الحمدلله سيذهبون لمقاتلة الإنجليز فيقفلون بذلك الجبهة الجنوبية التي يحاربنا منها الإنجليز وأذناب الإمامة فأنا أبحث عن تهريب سلاح للجنوب المحتل لمساعدة القوى الوطنية هناك لتحريره من الاستعمار البريطاني وهناك ورقة تخلصك من العهدة سلمها لقصر السلاح واصرف لهم السلاح فعدت مغتبطاً مسروراً وجمعت عناصر الحرس الوطني والمتطوعين من رجال القبائل وأبلغتهم بماجرى وبشرتهم أن المشير السلال أمر بإعطائهم السلاح والمرتبات وقدرها 021ريالاً فرانصياً كانت أيامها تساوي مائتين وخمسين ألف ريال بعملة اليوم فصفقوا وهتفوا للوحدة وللسلال والثورة والجمهورية وبعزة نفس ووطنية رفضوا تسلم المرتبات وطلبوا مبلغ عشرين ريالاً لكل فرد مصروف الطريق فكان إكبارنا لهم لاحدود له لأنهم قضوا ستة أشهر يقاتلون في الجبهة وهي أشرس جبهة وأعنفها ثم رفضوا الثمن الذي كنا ندفعه شهرياً لجنودنا وهذه احدى الفترات العصيبة التي لجأت فيها لوالدي لأنه كان يفوض القادة في كل الجبهات شريطة أن لايتعرضوا لأموال المواطنين وأعراضهم ودمائهم ومن يستحق المحاكمة فليرسل إلى العاصمة لمحاكمته ومعاقبته هناك.
اطلعت على صور لكم في احدى الصحف المصرية أثناء حصارالسبعين وأنتم بالبذلة العسكرية.. هل تحكون لنا قصة هذه الصورة؟
هذه الصورة التي تذكرها أو تتحدث عنها كانت قد أخذت في بني مطر في بداية الثورة عندما كلفت بقيادة حملة عسكرية متجهة إلى وادي بقلان في بني مطر لأنني أناووالدي لم نشارك في معارك السبعين يوماً رغم رجائنا وطلبنا من القاضي الارياني والفريق العمري رحمهما الله أن نعود كمواطنين للمشاركة في تلك الملاحم البطولية التي خاضها شعبنا وقواته المسلحة والتي كانت هي الفيصل والمسمار الأخير في نعش الإمامة بعد دحر فلولهم وهزيمتهم، وكما سبق أن ذكرت أن ضباط الثورة وكل حامل سلاح تجندوا للدفاع عن الثورة في أربعين جبهة عسكرية وخاضوا معارك بطولية مع قوات الحرس الوطني والمتطوعين من القبائل حيث أحبطوا مع قوات مصر عبدالناصر الذين هبوا من أراضي الجمهورية العربية المتحدة في ذلك الوقت ليساندوا الثورة ويدعموا رجالها بالمال والسلاح وتمكنوا جميعاً من هزيمة فلول الإمامة والمرتزقة الأجانب وكل من كان يقف وراءهم.
ماهي أبرز التحديات والصعوبات التي واجهتها الثورة والرئيس المشير السلال؟
إن أكبر مشكلة واجهت الثورة ونظامها الجمهوري تلك القوى الطامعة في الحكم والتي نقلت خلافاتها من مصر إلى داخل الوطن رغم أن الثورة هي التي فتحت الباب لعودتها ورحبت بها ورفعتها إلى أعلى المناصب وإذا بها تنادي بضرورة إنهاء حكم العسكر وعدم تكرار تجربة الزعيم الراحل/عبدالناصر ورفاقه الذين فتحوا لهم الأبواب وأعطوهم كل الامكانيات لمواصلة نضالهم ضد الإمامة وما كادوا يطأون أرض الوطن حتى نسوا الإمامة وخطرها رغم أن العسكرالذين طالبوا بإقصائهم موزعون في الجبهات التي اربت على أربعين جبهة يقاتلون ويخوضون المعارك ويقدمون أرواحهم شهداء في سبيل الدفاع عن الثورة ونظامها الجمهوري رافضين الوزارات والمناصب الرفيعة رغم أنهم هم الذين فجروا الثورة وأعلنوا قيام نظامها الجمهوري وطالبوا بعودة كل المنفيين والمبعدين عن الوطن فكان جزاؤهم جزاء سنمار.
أما القبائل فقد أثبتت الجمهورية منها وفي مقدمتهم أبناؤهم الضباط الفخريون الذين شاركوا ليلة الثورة مع عناصر التنظيم بأنهم ثوار وأبناء ثوار وقبائلهم قاتلت مع الثورة وعلى سبيل المثال قبيلة الحدأ التي تجندت بكل رجالها للقتال مع الثورة بالرغم من أن رجالات الحدأ لم تتغير مواقفهم الوطنية ولم يتجهوا نحو عدو الأمس لكسب المال والثروة والتفريط في الثوابت الوطنية والتنازل عن الأرض مقابل ثمن بخس لايغني ولايسمن من جوع.
وماذا بشأن القوى القبلية التقليدية التي كانت تناصر الثورة حيناً وتعاديها حيناً آخر؟
أما من ذكرتهم بأنهم جمهوريون في النهار وملكيون في الليل فهي نكته أطلقها الاخوة المصريون على من كانوا يغيرون مواقفهم الوطنية من مقاتلين مع الثورة والجمهورية مقابل مبالغ من المال وكميات من الذخيرة والسلاح المرتزقة يقاتلون مع الطرف الآخر من أجل نفس المقابل وهم قليلون لم يؤثروا على سير المعارك بدليل أن المقاتلين الجمهوريين قد انتصروا في كل المعارك خصوصاً معارك وملاحم السبعين يوماً الخالدة.
هل أشار المغفور له بإذن الله والدكم إلى الظروف التي أحاطت بانسحاب القوات المصرية سواء الداخلية أوالخارجية؟
طبعاً القوات المصرية انسحبت بسبب هزيمة «5يونيو» سنة7691م أولاً وثانياً لأن المعارضين المتصلين بأعداء الثورة والجمهورية ظلوا يطالبون بانسحاب القوات المصرية منذ أول مؤتمر في عمران تارة بحجة أنهم مستعمرون وتارة أخرى بحجة أنهم يتدخلون في شئون اليمن وهذا أهم أسباب الخلافات التي حدثت بين والدي وبعض القيادات المرتبطة بالجيران الداعمين لقوى الثورة المضادة بقايا الملكيين من الأسرة البائدة ودعاة الدولة الاسلامية من القوى الثالثة، والبعض الآخر كان السبب في خلافهم مع والدي هو التنازع على السلطة، وقد آلت الأمور إلى القيام بانقلاب «5نوفمبر» ووصول الطامعين إلى السلطة.
كيف تقيمون المقاومة والدعم الشعبي في دحر مؤامرة إجهاض الثورة السبتمبرية في تلك الفترة؟ وبين مايحاك اليوم للتآمر على النظام الجمهوري؟
انني أعتبر حصار السبعين يوماً ثورة ثانية مكملة لثورة السادس والعشرين من سبتمبر سنة2691م لأن من وقفوا في وجه العدو المحيط بصنعاء العاصمة أثبتوا أولاً أن الثورة اليمنية مائة في المائة لاكما يدعى بعض الأعداء من الكتاب الإدعياء والمرتزقة بأن الثورة مصرية مخطط لها في مصر وثانياً بفضل استبسال القوى المدافعة عن صنعاء تم دحر القوات المحيطة بها من الفلول الملكية والمرتزقة وهزيمتهم وتثبيت الثورة والنظام الجمهوري وهي التي أرغمت القوى المعادية على مغادرة أراضي الجمهورية العربية اليمنية سابقاً ودفعت داعميهم للاعتراف بالنظام الجمهوري فاعتبرتها من وجهة نظري ثورة ثانية لأن العدو لو تمكن من دخول صنعاء وإسقاط الثورة ونظامها الجمهوري لاسمح الله لانمحت صفحة الثورة اليمنية سبتمبر واكتوبر من الوجود ولكان انتقام الإماميين وسيوف الاسلام من الأسرة البائدة لاحدود له من كل القوى الثورية والوطنية ومن الشعب بأسره.
أما مايحاك اليوم للثورة اليمنية سبتمبر واكتوبر فهو مخطط قديم حاول المرحوم الملك فيصل إقناع الزعيم الراحل/جمال عبدالناصر به في سنة7691م في مؤتمر الخرطوم بأن يظل شمال الشمال بيد الإمامة عازلاً بين النظام الجمهوري والمملكة على أن تكون جمهورية اليمن الوسطى التي كان البيضاني يدعو لإقامتها في القسم الشافعي هي النظام الجمهوري يمكن أن تنضم إلى جمهورية اليمن التي ستقوم في جنوب الوطن سابقاً ويشكلون جمهورية موحدة.
ولقد كان رد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر حاسماً وقاطعاً على الملك فيصل «رحمه الله» وعلى دعاة جمهورية اليمن الوسطى قاطعاً وحاسماً حيث قال: كيف لي أن أسمح بتقسيم اليمن وأنا رائد القومية العربية والداعي إلى وحدتها، وبعد رحيل الإثنين تغيرت الظروف وأصبح مايجرى اليوم أخطر مما كان بالأمس فالشيعة الجعفرية في صعدة تريد عودة الإمامة وحكم الشعب اليمني بالمذهب الشيعي الجعفري بعد أن صرح آية الله العماد من إيران بأننا قد حكمنا اليمن بالمذهب الزيدي وأصبح المذهب غير نافع وعلينا إذا أردنا عودة الحكم الإمامي فليكن المذهب الجعفري هو المذهب الجديد الذي ستحكم به اليمن.
أما جنوب اليمن فهناك مؤامرة تحاك ضده أخطر مما كان يحاك ضد شماله وهي إعادة السلاطين للحكم وإعادة تسميته بالجنوب العربي والكل معارضة ومثقفون وأنصاف متعلمون وأميون يتفرجون على مايجري وكأنهم لايعنيهم بل إن بعض القوى الوطنية والثورية في غفلة مما يجري ويحاك لهم بصرف النظر عن الأخطاء والفساد المنتشر كالهشيم في الجمهورية اليمنية والمشاكل الموجودة في جزئه الجنوبي فإننا يجب أن نقف صفاً واحداً لإفشال المؤامرة هنا وهناك ثم نعود لمحاسبة المسئولين حساباً عسيراً عما ارتكبوه في حق الوطن ونوقفهم عند حدهم.
اليوم بعد مرور هذه العقود على قيام الثورة ماالذي تتذكرونه من قيم وطنية؟
القيم الوطنية الحقيقية التي أتذكرها ونحفظها للثورة في قلوبنا ونفوسنا أن الثورة قد حققت أهم هدف لها وهي تغييرالمجتمع من سادة وعبيد إلى مجتمع متآخ مترابط ومواطنين متساوين في الحقوق والواجبات رغم الفروق الاجتماعية التي نمت وترعرت في غفلة من الزمن.
كما أن الثوار والأحرار الذين أنكروا ذواتهم وحملوا رؤوسهم على أكفهم وفجروا الثورة اليمنية سبتمبر واكتوبر مازال معظمهم كصحابة رسول الله فقراء معدمين مؤمنين أن العمل الذي قاموا به رغم أنه عظيم هو خالص لوجه الله ولشعبهم لايريدون عنه لاجزاء ولاشكوراً رغم أن بعضهم مشلول والآخرون مرضى والبعض الآخر قافل منزله على نفسه لايشكو ظلمه ولاضره إلا لله فالشكوى لغير الله مذلة.
كيف قابل المشير/عبدالله السلال قرار العفو الذي أطلقه الرئيس/علي عبدالله صالح والسماح بعودته وأخيه القاضي/عبدالرحمن الارياني إلى أرض الوطن؟
إن قرار عودة والدي والقاضي/الارياني كان حدثاً تاريخياً فتح المجال لكل القوى التي كانت تعيش في المنفى للعودة والمشاركة في المسئولية وكما قال لنا الأخ الرئيس أعانه الله بعد حرب الإنفصال أن الوطن يتسع للجميع فمن أراد أن يعود فأهلاً به في وطنه وبين أهله، أرجو أن تظل هذه السماحة والشعور الأخوي لكل المنفيين في الخارج سمة لايزال الأخ الرئيس يحتفظ بها ويحافظ عليها رغم حقد الحاقدين من أصحاب تصفية الحسابات القديمة والخائفين على مناصبهم ومصالحهم، ولعلها كانت أول خطوة حسبت للأخ الرئيس حيث عاد بعدها معظم المنفيين في بعض البلدان العربية بعد أن ضربت بلادنا بقرار الأخ الرئيس المثل في التسامح ونكران الذات وتكريم مناضلي الثورة وإنقاذهم من حياة المنفى التي لايعرف معاناتها إلا من عاش في المنفى سنوات عديدة، لقد أبلغني والدي ليلة القرار أنه لم ينم من الفرحة في تلك الليلة فقد كان يتابع أخبار صنعاء في كل احتفال بعيد الثورة فسمع الخبر حتى أنه أطلق نكتة لطيفة عندما قرر الذهاب لمقابلة الرئيس حسني مبارك ليقدم شكره وتقديره لمصر وله على الرعاية الكريمة والمعاملة المتميزة التي لقيها سواء من مسئولي الدولة أو مواطنيها فأجابه الرئيس مبارك بأن كل المصريين مشغولون بقضية توديع الرئيس الراحل أنور السادات إلى مثواه الأخير وبما أن السادات صديقه فالمفروض أن يتأخر حتى انتهاء المراسم فأجابه والدي مبتسماً: أرجو أن تسمح لي بالعودة غداً قبل أن يقلب الاخوان في صنعاء ويغيروا رأيهم لكن شجاعة الأخ الرئيس لم تجعله يفكر في التراجع وثقته بنفسه جعلته يتصل في الليلة الثانية بوالدي ويحثه على الوصول.
هل تتذكرون بعض مواقف المشير السلال بعد عودته إلى أرض الوطن، وبخاصة مواقفه تجاه الوحدة التي تحققت في 22مايو 0991م؟
كثيرة هي المواقف الجميلة والمضحكة التي صادفت والدي بعد وصوله، فقد ظل الناس يزورونه طوال شهرين وهو في فندق سبأ لأنه كان لايملك مسكناً بعد أن دمر منزله بسبب السماح للطيران والصينيين باحتلاله بأوامر من القاضي/عبدالرحمن الارياني «رحمه الله» واستخدموه استخداماً سيئاً ودمروا كل شيء فيه مما اضطر الأخ الرئيس لإصدار الأوامر بإعادة بنائه من جديد وتأثيثه وأتذكر أن بعض الاخوة الذين جاءوا لزيارته من المشاركين في انقلاب «5نوفمبر» فقابلهم بالترحاب فقال له أحدهم: لاتعتقد أننا جئنا لزيارتك رغبة في الزيارة لكن الرئيس/علي عبدالله صالح قال لنا: اذهبوا لزيارة صاحبكم المشير السلال فقد وصل أرض الوطن وحينما سئل عن الفرق بين مغادرته اليمن وعودته قال بطريقته الساخرة: خرجنا وخولان مفسدة ورجعنا وخولان مفسدة لكن اليمن تطورت وتغيرت فيها أشياء كثيرة وإن شاء الله نمضي نحو البناء والتعمير والتنمية بصورة سريعة، أما الوحدة فقد قال في عدن عند رفع العلم الموحد وعزف السلام «الجمهوري الواحد».. الحمدلله سأموت وأنا راضٍ فقد تحقق أغلى هدف من أهداف الثورة اليمنية الخالدة.
ماهي النصائح التي تركها لكم الوالد؟ وهل حان الوقت للإماطة عما دوّنه من حوادث وأحداث وذكريات؟
ترك والدي مذكراته التي حيرتني من كثر ماتحدثت مع اخوتي وإصرار بعضهم على أن نؤجلها رغم أنني قد وعدت بنشرها أكثر من مرة وترك لي أسرة كبيرة فقيرة أعجز في كثير من الأوقات عن مساعدتها وترك لي منزله الذي تهدم وسقطت سقوفه وغار الماء من بئره ومزرعته التي قطع الحاقدون عليها الديزل الذي كان يعطيه الأخ الرئيس لإقامتها فأوشكت على الانتهاء بعد أن سقطت معظم أشجارها وتصحرت معظم مساحتها وترك لي بحكم أنني الكبير مشاكل لاحصر لها لم أستطع معالجة معظمها لكننا بخير نعيش مستورين داخل بيوتنا لايعلم أحوالنا إلا المقربون من أسرتنا ورغم ذلك فإننا نحمد الله ليل نهار لأننا نعيش في وطننا وبين أهلنا ونتمنى أن يجنب الله شعبنا ووطننا كل سوء ومكروه.. أما الأحداث والذكريات فقد ضمنتها مذكراتي.. أما تربيتنا فقد نشأنا على التمسك بالأخلاق الحميدة وحب الوطن والولاء له والتمسك بالشرف والنزاهة وعدم مد أيدينا للمال الحرام أو أموال وأملاك الآخرين والرضا بما قسم الله لنا والمحافظة على الفضيلة والأعراف الدينية والتعاليم الاسلامية والحفاظ على كل عرف وتقليد وطني جميل وعدم التفريط بالأرض والوطن والاستعداد للتضحية في سبيله كما علمنا ونشأنا والدنا المرحوم.
هل أنتم راضون عن تكريم المناضل المشيرالسلال؟ وهل أخذ حقه من الاحتفاء باعتباره رمزاً وطنياً كبيراً؟
نحن راضون على المستوى الرسمي والشعبي ماقدم لوالدنا من تكريم ومايحيطه بنا من حب الناس وترحمهم الدائم على والدنا ورضاهم الذي نلمسه عن عهده ونضاله وكفاحه وماقاساه في فترات الثورة الحرجة وبقي لي أمل واحد أن يوافق اخوتي على نشر مذكراته التي ستشكل الفيصل بما فيها من حقائق لم تنشر وباعتباره الحكم الوحيد لكل المذكرات والكتب التي تم نشرها رغم مافي بعضها من حقائق ومابذله بعض أصحابها من جهود مشكورة لإخراجها لتكون شاهدة على فترة صعبة من حياة الثورة ورجالها ليطلع عليها الجيل الجديد ولتخرس بعض ألسنة الإدعياء وسارقي أدوار الشرفاء والسطو على مجدهم وتضحياتهم وإدعاء البطولات والإفتراءات الكاذبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.