لا ينفك المراجعون على أبواب الوزارات والمكاتب التنفيذية والمصالح الحكومية يبثون شكواهم ويصورون معاناتهم المختلفة التي يلقونها جراء مايحسبونه عراقيل يصطنعها الموظفون الصغار منهم على وجه الخصوص تحت ذرائع متعددة يقولون إنها غير منطقية.وتهدف إلى الابتزاز وفتح قنوات للرشوة ويؤكدون في ذات الوقت أن الأسباب التي يلقيها الموظفون المعنيون في وجه المراجع لعرقلة أو إيقاف معاملاتهم لاتكاد تكون واحدة فتجدها عند المدير، غيرها عند الموظف الإداري الأقل مستوى، غيرها عند الموظف المختص أي إن القوانين واللوائح المنظمة التي يتشدقون بها غائبة بالفعل على أرض الواقع ولايعرفون عنها شيئاً وربما يتجاهلونها عن قصد لشيء في نفس يعقوب. ولسنا هنا بصدد تأكيد هذه الأقاويل أو نفيها لكن مايهمنا أكثر أن هناك مشكلة قائمة ولايمكن التغاضي عنها نتاج تصرفات غير مسئولة ومزاجية ممقوتة تشوب دورة المعاملات الإدارية في أغلب المكاتب والمؤسسات والمصالح الحكومية وهي سمة سيئة توغلت بعيداً وكلها تصب في بوتقة واحدة بوتقة الفساد المالي والإداري الذي ينخر الجهاز الإداري للدولة ولابأس أن يذهب بعض المسئولين إلى أن تلك الشكاوى في غالبها كيدية صادرة من أشخاص لديهم أوليات غير قانونية لكن واقع الحال يشير إلى أن معظم المعاملات قانونية ورغم ذلك تطول إجراءاتها لشهر أو شهرين وبعضها قد يمتد لأكثر من ذلك وكل لديه مبرراته التي قد تصيب وقد تخطئ. «الجمهورية» حاولت الخروج برؤية توضيحية للقضية وأبعادها كدعوة مفتوحة منها لإيجاد حلول ناجعة تقطع دابر التلاعب الذي يقود الموظف أو يسعى إليه المراجع. المواطن شريك في الفوضى يقول هلال أحمد الشامي طالب في كلية الهندسة جامعة ذمار: الدولة ورغم مواردها المتواضعة حققت الكثير من الإنجازات في شتى المجالات: الطرقات، المدارس، الجامعات، الاتصالات، الصحة، المعاهد الفنية والتدريب المهني إضافة إلى أننا شعب ننعم بالأمن والاستقرار على رغم أنف الحاقدين سواء عناصر التمرد في صعدة أو طغمة التخريب في بعض مناطق الجنوب إلا أن هناك إخلالات معروفة يجب القضاء عليها بصورة أساسية ومنها المعاملات الإدارية ومايسودها من بطء وتجاهل ولامبالاة تؤدي إلى الحنق وتثير الغيظ لدى العديدين بسبب تصرفات موظف بسيط والأولى على المسئولين عدم التهاون مع هؤلاء وإنزال أقصى العقوبات القانونية بحقهم صحيح أن الموظف الأقل مستوى قد لايجرؤ على التلاعب إلا بضوء أخضر من المسئول الأرفع إلا أن هذه البدايات تحمل أكثر من رسالة حامية الوطيس للمسئول الفاسد ونحن كمواطنين يهمنا تصحيح مسار هذا الاعوجاج يجب أن لا نسكت على الفاسد في أي جهة لأن خضوعنا له ولمطالبه التي لاتراعي نصوص القانون يعني أننا نشارك في هذه الفوضى بل ونشجع عليها من حيث لاندري. إلا الأحكام القضائية في حين يعلق محمد الخولاني «مواطن» قائلاً: المراجعات الإدارية في المكاتب قد تهون في اعتقادي فإذا تعرقلت اليوم فقد تسير ثاني يوم أو ثالث يوم المهمة أنها تنجز بأي شكل من الاشكال وإذا زاد المد والجزر من «هانا لاهانا» «تخزينة قات» «وكفى الله المؤمنين القتال» لكن أن تصل الأمور حتى مع الأحكام القضائية فهذا هو الشيء غير الطبيعي كون الأحكام القضائية في كل بلدان العالم لها مكانتها وهيبتها ونحن لدينا حكم قضائي بات مصادق عليه من المحكمة العليا ومشفوع بأمر صريح من وزارة الداخلية بإلزام أخوالي بقسمة مايخص والدتي من بعد والدها إلا أن المماطلة لازالت هي سيدة الموقف فما إن نعد العدة الأمنية والقضائية اللازمة للتنفيذ إلا ويتدخل أحد الوجهاء ويوقف الإجراءات ولنا الآن أكثر من ثلاثة أشهر دون نتيجة بينما الطرف الثالث تم قسمة حقه من الميراث فهو أحسن حالاً مادياً ومعنوياً منا ولو كان واحد فقط من هؤلاء المتلاعبين قد «قرح رأسه» فإنه سيكون عبرة لغيره خاصة إذا حاول الالتفاف على نصوص الأحكام الشرعية التي لو ترجمت على أرض الواقع بدون أية منغصات فإن الأمور ستنصلح في كافة المرافق. كلام مبالغ فيه وتجاه هذه الإشكالية يؤكد محمد صالح الحوشبي نائب مدير عام مكتب المالية بالقول: إن الكلام كثير ولايخلو من مبالغة فلو أن المعاملات تطالها صعوبات وعراقيل لقامت الدنيا ولم تقعد وبالذات في المؤسسات والمرافق ذات الطابع المالي لأن إجراءاتها الإدارية المتبعة واضحة ولا تتحمل أي عوارض وإذا حدثت أي محاولة من موظف ضعيف النفس فسرعان ماينكشف ويتخذ بحقه الإجراءات الرادعة والتي لا تقبل التسويق وبمعنى أكثر وضوحاً المعاملات القانونية ستمر بقوة رغماً عن الجميع وفي اعتقادي أن الذين يحاولون البلبلة والإساءة إلى أي مرفق حكومي ليسوا سوى أولئك الذين يحملون أوليات غير قانونية وتجد أن أكثر هؤلاء من كبار القوم وعندما يحال بينهم وبين مبتغاهم الذي ينتهك القانون يلجأون إلى هذه الأساليب الرخيصة من التشويه. والمسألة سهلة إذا استشعر أحد أنه مظلوم فعليه أن يرفع مظلمته إلى المسئول الأول المتمثل في المدير العام أو المحافظ أو الوزير المعني أما أن يكتفي بالشكوى فاعلم أن في المسألة شيئاً. غياب الثواب والعقاب وترى تهاني النجار مديرية مدرسة الميثاق للبنات بمدينة ذمار أن: غياب مبدأ الثواب والعقاب في معظم المرافق والمؤسسات الحكومية بالذات هو من ساعد على تفشي هذه الظاهرة التي أصبحت تؤرق المواطن البسيط فقط أما كبار القوم فإنهم يمررون مايشتهون ولو كان ذلك على حساب القوانين وتزداد المسألة تعقيداً إذا تعلق الموضوع بالمرأة لعجزها عن التحرك بحرية لإنجاز معاملاتها فلا يمكن الدخول لإكمال معاملتك في الوزارة الفلانية أو المرفق الفلاني إلا بوجود وسط يعرفك بالمداخل أو تلجأ للوساطة حتى في أبسط المعاملات وأعتقد أن هذه المعاناة تمتد للرجال أيضاً. تفعيل أجهزة الرقابة الشاعر عبدالرحيم البازلي أفاد قائلاً: لاشك أن الفساد وأذيال الفساد ينخرون في الهيكل الإداري للدولة ما يؤدي إلى نوع من الإحباط في الأداء ويحول دون تحسينه وهذا الأمر لم يعد سراً بل باعتراف رسمي من قبل الجميع مسئولين ومواطنين وتبعاً لذلك فقد سعت الحكومة في برنامجها للقضاء على هذه الظاهرة أو الحد منها فقامت بإنشاء الهيئة العليا لمكافحة الفساد إدراكاً منها بمدى العبث الحاصل كما أن هناك توجهات لتوسيع صلاحيات الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة لسرعة تحويل المخالفات إلى الأجهزة القضائية والبت فيها وهذه الأدوات لو فعلت بصورة جادة لأتت أُكلها ولما وجدنا هذه المهازل التي نعاني منها جميعاً وعلى كافة المستويات ولن نجد أشخاصاً يسألون قبل دخولهم مكتب المدير العام عن مزاجيته هل هو رائق أو متعكر فإذا كان رائقاً فإن المعاملة ستمر بسلام وإذا كان مزاجه متعكراً فيفضل العودة في وقت آخر كما أن وعي المواطن له دوره الذي لايخفى في إصلاح المسار الإداري فلو كان هذا المواطن على اطلاع بالقوانين واللوائح لما تم التلاعب به فالفرق بيننا وبين الشعوب الأخرى هو إلمامها بالقوانين ولذلك صعب على الفاسدين الاستهتار بهم والتلاعب بمصالحهم. الرجل المناسب وحول هذا الموضوع يقول محمد أحمد السيقل مدير عام مديرية ذمار، رئيس المحلي: إن وضع المسئولية بيد الرجل غير المناسب له أكبر الأثر في تفشي هذا الانفلات الذي يظهر بين الحين والآخر باعتبار أن إسناد المنصب إلى غير المؤهل هو إجراء يساند الفساد ويقوي عوده ونحن في المجلس المحلي ووفقاً للصلاحيات المنوطه بنا نعمل على الحد من هذه الاختلالات ورغم مانعايشه إلا أن قيام المجالس المحلية ساهمت بشكل أو بأخر في تقليص العشوائية التي كانت سائدة وإن كانت هذه المجالس بحاجة إلى توسيع صلاحياتها أو إعطائها صلاحيات كاملة لتتمكن من أداء دورها على أكمل وجه وأؤكد هنا أن الانتقال إلى حكم عملي كامل الصلاحيات أو حتى واسع الصلاحيات سيكون من شأنه إصلاح ما أفسده الدهر شريطة أن يختار المواطن عبر الاقتراع الحر والمباشر الشخص المناسب الذي سيمثله على أحسن صورة في المجالس المحلية القادمة. أين البراهين عبدالله علي الميسري وكيل محافظة ذمار المساعد يؤكد استعداد قيادة المحافظة التجاوب مع الشاكين والنظر في المخالفات والتجاوزات ولكن على الوجه الصحيح بمعنى أن المشتكي إذا كان لديه برهان أو إثبات على مظلمته فإن ذلك يمكننا من التعامل مع القضية بجدية ولو لاحظتم أن هناك عدداً من مديري عموم المكاتب التنفيذية قبل حوالي السنتين تقريباً ارتكبوا تجاوزات وخروقات قانونية تم إثباتها وبالتالي كانت الدعوة لالتئام المجلس المحلي بالمحافظة وبعد الاستماع إلى دفوعاتهم وفقاً للقانون التي كان أغلبها غير مقنع تم إصدار قرار بإجمالي الأعضاء بإقالة البعض طبعاً المسألة ليست في إهمال بل تتعلق بمدى حقيقة الادعاء على وجود هذا الفساد.