تولي حكومتنا الرشيدة “الرعاية الاجتماعية” في مجالاتها المختلفة اهتماماً كبيراً..والنصيب الأوفر من ذلك يشمل قضايا الطفولة..من حيث تأهيلهم والاهتمام بهم من خلال مراكزالمراقبة الاجتماعية..ومراكز الطفولة الآمنة.. ودور رعاية وتأهيل الأيتام..وتعز كغيرها من المحافظات مشمولة بهذه الرعاية...إلا أن حجم المسئولية الملقاة على عاتق مكتب الشئون الاجتماعية والعمل فيها أكبر من غيره، لعديد أسباب سنجدها في ثنايا هذا الاستطلاع..دور فاعل البداية كانت مع الأخ احمد عبدالرحمن العليمي مدير عام مكتب الشئون الاجتماعية والعمل بمحافظة تعز الذي أكد أن الطفولة كلمة تحمل معاني الأمل والطموح، وأن الدعوة لحمايتها تبدأ بتقديم تربية شاملة، وتعليم أساسي مفيد، وخدمة صحية لازمة، ورعاية اجتماعية مستمرة، وحماية حقيقية من العنف والاستغلال التي يعانيها الكثير من الأطفال من كثير من بلدان العالم. وأضاف العليمي أن المكتب يولي هذه القضايا جل الاهتمام وقد تم إنشاء مؤسسات تأهيلية في هذا الجانب مثل دار التوجيه الاجتماعي “أحداث” بنين وبنات ويستقبل خلال العام من “250350”طفل وطفلة محالين من محكمة ونيابة وشرطة الأحداث..وكذلك مركز الطفولة الآمنة وراد رعاية وتأهيل الأيتام ويتسع لعدد “160” طفل وطفلة. ومركز المراقبة الاجتماعية وحماية الطفولة وهو من المراكز الجديدة الذي يهتم بشئون الطفل وإنشاء بدعم من وزارة الشئون الاجتماعية والعمل والمجلس الأعلى للأمومة والطفولة ووزارة العدل ووزارة الداخلية والنيابة العامة ومنظمة اليونسيف...ويعتبر كأول مركز إنشاء على مستوى الجمهورية ويهتم بالأطفال المحكوم عليهم بتدابير احتجازية..والرعاية اللاحقة للأحداث..حماية الأطفال من العنف والإساءة والاستغلال والانحراف.. وكذلك برنامج التأهيل المجتمعي للأطفال المعاقين بمدينة المخا ومديرية مقبنة ( هجدة رماره). دعم حكومي وأردف العليمي: الدعم الحكومي هو ما يقدمه المكتب والمجلس المحلي وما يقوم به من إنشاء هذه المراكز وتوفير الكادر الوظيفي بالإضافة إلى النفقات التشغيلية لتسيير أمور المراكز والدور أما بالنسبة لدور منظمات المجتمع المدني لازال دورها في شئون الطفل قاصراً ولو أنه حدث في السنوات الأخيرة أن بدأت بعض المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني تشق طريقها بهذا المجال ممثلة بدور مؤسسة الرحمة والتنمية الإنسانية ومؤسسة التواصل للتنمية الإنسانية ومؤسسة إنسان وفجر الأمل الخيرية إضافة إلى دور الجمعيات الكبيرة ممثلة بجمعية الحكمة وجمعية الاسلام وجمعية الإحسان....الخ الخطط والأهداف وبالنسبة للخطط والأهداف المستقبلية أوضح العليمي هناك خطط مستقبلية كثيرة لكن ما يهمنا أكثر هو حماية أطفال الشوارع المعرضين للإنحراف بمتابعة المجلس المحلي بالمحافظة وذلك بتوفير أرضية مناسبة للمراكز داخل المدينة بحيث يتناسب مع الفئة المستهدفة من حيث المبنى وأقسام المركز وتمكين الصندوق الاجتماعي من البناء. وعمل قاعدة بيانات بعدد أطفال الشوارع المتواجدين داخل المدينة وأيضاً الوافدين من بعض مديريات المحافظة ومن المحافظات الأخرى. تحديات كما أكد العليمي أن ثمة تحديات تواجههم مثل نظرة المجتمع القاصرة بعدم التفاعل مع أنشطة المكتب سواء كان ذلك بمجال حماية ورعاية الطفولة أو غيرها بالإضافة إلى الدور الاعلامي الغائب ولو أن هناك بروز وتفاعل من بعض الإعلاميين في هذا المجال. عدم وجود أو توفير أرضية مناسبة لبناء مقر ثابت لمركز الطفولة الآمنة (الذي يهتم بشئون اطفال الشوارع). عدم حل مشاكل العاملين والمتطوعين بمراكز ودور الرعاية الاجتماعية بالمحافظة وتثبيتهم بالدرجة الوظيفية. كما أن هناك بعض المشاكل والهموم لكن بقدر الإمكان نحاول السيطرة عليها بقدر الإمكانيات المتاحة. إعادة دمج توجهنا بعد ذلك صوب مركز الطفولة الآمنة وهي مؤسسة اجتماعية تربوية تابعة لمكتب الشئون الاجتماعية والعمل في محافظة تعز وتهدف إلى حماية الأطفال والحد من الانحراف والتشرد والمراقبة الاجتماعية للأحداث الجانحين وكذا برنامج تأهيل وإعادة إدماج أطفال الشوارع من خلال التعليم والتدريب المهني. وهناك التقينا بالأخ عبدالرحمن الشرعبي مدير المركز الذي قال أن المركز أنشأ في نهاية العام 2005م ومنذ ذلك الوقت وهو يعمل على استقبال الأطفال المعرضون للانحراف من “6”إلى “15” سنة وبحث حالاتهم وأوضاع أسرهم الاجتماعية والاقتصادية من أجل معالجة مشاكلهم وإعادة دمجهم في الأسرة والمجتمع. وأضاف الشرعبي أن المركز استقبل خلال العام الماضي 2009 م حوالي “7” طفل وقد تم إيواءهم وتقديم الإعاشة اليومية لهم من “غذاء وملابس” وتأهيلهم اجتماعياً ونفسياً وتربوياً، كما قام المركز خلال نفس الفترة بمتابعة نحو”187” طفل من المترددين عليه وإجمالي الأطفال الذين استفادوا من المركز خلال ذات العام وصل نحو “258”طفل. وعن كيفية استقبال الحالات أفاد الشرعبي أن ذلك يتم وفق نظامين أولهما الاستقبال من مراكز ودور الرعاية الاجتماعية أو من جهات أمنية مهتمة بالطفولة أو عن طريق فاعل خير، وثانيها الاستقطاب وهذه العملية تتم عن طريق موظفي المركز أو عن طريق الأطفال الموجودين داخل المركز فهم يعرفون الأطفال الذين مازالوا في الشوارع. الأمن الاجتماعي يقدم المركز للأطفال المراد تأهيلهم خدمات جمة وهي حسب توصيف الشرعبي داخلية “داخل المركز”وتتضمن برامج دينية .وترفيهية..ونفسية وصحية وتعليمية وتربوية، مع توفير بيئة آمنة ومناسبة تحقق للطفل الاستقرار والأمن الاجتماعي، وتنمية القدرات والمواهب الذاتية للاطفال وتدريبهم وتأهيلهم فنياً ومهنياً. وتتمثل الخدمات الخارجية بالاسهام مع الأسر من أجل إعادة التأهيل، والنزول الميداني إلى المدارس من أجل توفير خدمات التعليم بشكل عام “الزي المدرسي، الاقلام، الدفاتر..الخ” وبالنسبة لقدرة المركز الاستيعابية قال الشرعبي أنها لا تزيد عن “20” طفلاً والزيادة والنقصان تختلف من حين لأخر وهي محكومة بالاستقبال والاستقطاب والنزول الأسري والدمج الاجتماعي، وحالياً يوجد في المركز حوالي “10”أطفال فقط. رغبة في الانتقام من بين أولئك العشرة تسنى لنا مقابلة اثنين منهم..كانت البداية مع أحمد علي الحذيفي عمره 21سنة من محافظة الضالع مديرية الحشا يدرس في الصف السادس الابتدائي في مدرسة علي سيف الطيار مدينة تعز انتقل من العاصمة صنعاء حيث كان هناك من ضمن الذين تم دمجهم في مركز الطفولة الآمنة ثم بعد سنة ونصف تم نقله إلى مركز الطفولة الآمنة في مدينة تعز حيث هو الآن وعن سبب ترك أسرته اكتفي بالقول أنه بسبب المشاكل الأسرية القاهرة..ربما لأن هناك آكثر من وجع وألم من قساوة الحياة وهو لازال في هذا السن لهو أكثر من تعبير الكلمات أو جرة قلم بين السطور...الآن بدأ يشعر بالراحة والاطمئنان النفسي والمعنوي بعد أن تم إيواءه في مركز الطفولة الآمنة في تعز ويقدم له كل الرعاية من حيث تأهيله اجتماعياً ونفسياً ومهنياً ...يعيش الآن حياة هادئة ومستقرة أيضاً له عدة هوايات ويميل إلى لعبة الكاراتيه قال”أريد أن أهزم الجميع وأكون قوي وأنال المركز الأول” يحب الشعور بالنصر ربما لأنه شعر بالظلم ولديه الرغبة في الانتقام من هذا المجتمع الذي لا يرحم المركز “الفرج” فاروق .أ 15سنة من مدينة ذمار وصاب يعيش حياته الطفولية بنعيم ولم يشعر بالسعادة..لأنه لم يكن يلعب مثل بقية الأطفال.. وأصبح ينافس الكبار في العمل وكان آخر عمل قام به هو بيع القات. لم يقم أحد بتوجيهه أو الأخذ بيده عانى كثيراً من الخوف والقلق والاضطراب وعدم الشعور بالأمان..لا يزال عوداً طرياً لم يذبل بعد، عاش قلقاً مشوشاً وأحلامه تبددت خاصة عندما عاش مع أسرة يسودها التفكك والاضطراب فقد سلطة الأب وحنان وعطف الأم بعد أن تطلقا وانفصلا وتزوج كل واحد منهم وأصبح له أسرة وأولاد الأب ذهب واستقر في صنعاء مع زوجته الثانية والأم تزوجت برجل آخر وتعيش في مدينة تعز...استقر فاروق مع والدته وزوجها وأصبح فرد منهم يأكل وينام معهم وبرغم أن عمه زوج والدته لم يقسو عليه إلا أنه كان يجب عليه أن يعمل لأن ظروفهم المادية سيئة للغاية..كل لحظة من حياته كانت أشبه بالجحيم، لم يستسلم لأفكاره الانحرافية التي لو ترك لها العنان لكانت دمرته. ومع ذلك كان يحمل في جعبته مجموعة من الأفكار والاحلام الوردية لتحقيق هدفه في الحياة بأن يكون رجل ناجح وكان أول أهدافه أن يكمل تعليمه في المدرسة لكن حاجته المادية هو وأسرته كانت عقبة أمام هذا التحدي لأنه مطلوب منه أن يعمل..وبينما كان جالس يبيع القات وهو شارد الحس وعقله مليء بالهموم وحائر الفكر جاءه الفرج بأحد المشرفين في مركز الطفولة الآمنة في تعزيعرض عليه فكرة استقطابه في فرح كثيراً لأنه وجد من ينتشله من براثن الضياع المحقق وهو الآن حصل على فرصة لإكمال تعليمة النظامي في المدرسة وينال كل الاهتمام والرعاية من قبل المركز. مشاكل وصعوبات وأضاف الشرعبي: تواجهنا صعوبات في التعامل مع الطفل نفسه فالطفل في الشارع يكون متعود على الحرية وعدم الالتزام والانضباط في حياته الشخصية، وعندما يأتي إلى المركز يكون في بداية الأمر رافض للأوامر وقواعد المركز إضافة إلى رفضه لزملائه الموجودون داخل المركز ويشعر بعدم التأقلم والعيش معهم لكن مع مرور الوقت ومن خلال الجلسات الارشادية المتتابعة يبدأ بالتأقلم والانسجام مع زملائه إضافة إلى قبوله لأنظمة وقواعد المركز. وأفصح الشرعبي عن عديد صعوبات خارجية تواجههم أهمها متابعة أرضية المركز حيث أن المركز لا يملك مبنى خاص حيث والمبنى الحالي ايجار ومتابعة أرضية المركز تشكل لنا عائق كبير رغم أن هناك متابعة مستمرة من قبل مدير عام مكتب الشئون الاجتماعية والعمل الأستاذ أحمد عبدالرحمن العليمي والمجلس المحلي بالمحافظة.