الإسلام لم يقل اقتلوا كسرى الفرس واستبدلوه بكسرى العرب لكن دك أطوار الاستبداد أمام الشعوب العاتية لتعبد رب العالمين هل الحرية من مقاصد الصيام؟! الجواب : الحرية كلية من كليات الشريعة الإسلامية..بمعنى أنها غاية ومقصد وهدف جاءت الشريعة الإسلامية لحمايته..ويمكن إيضاح الفكرة بطريقة أخرى وهي : أن الحرية هي فطرة الله التي فطر الإنسان عليها وهي منحة ربانية لا يجوز الاعتداء عليها ولا المساس بها مطلقاً اللهم سوى حالات خاصة قليلة نص عليها الشرع مثل تقييد حرية الفرد إذا اعتدى على حرية الآخرين هذا أولاً: ثانياً: يلاحظ المتأمل أن الحرية عند المسلم هي من لوازم كلمة التوحيد لا إله إلا الله أعني أن كلمة التوحيد لها «بعدان» البعد الأول يتمثل في البراءة من عبادة الأصنام والأوثان، وصرف العبادة الشعائرية كلها لله دون سواه. البعد الثاني: يتمثل في التحرر من الخضوع لغير الله من البشر وان كانوا علماء فلا شخصنة ولا كهنوت ولا طغيان ولا استبداد سياسياً أو دينياً أو اجتماعياً ولا خضوع لشيء من الرؤى إلا بمقدار صلتها بحقائق الشرع ومقاصده وكلياته ومبادئه..وإذ كانت الحرية كلية عظمى من كليات الشرع الإسلامي فهذا يعني أنها مقدسة حق اكتسبه الإنسان فطرياً وجاءت التشريعات والتعاليم السماوية لحمايتها تاركة للفرد أن يشق طريقه إلى الله بعد إقامة الحجة عليه بإرسال الرسل..{رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} {إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً} كما أن هذه النصوص وغيرها ترشدنا إلى أمر جليل وعظيم وهو موضوع التكريم الإنساني المتمثل في أمور عدة ومن أبرزها حرية الاختيار. ونظراً لمكانة الحرية في الإسلام وتعاليمه جاءت الشعائر التعبدية كوسائل ترسخ وتجدد الصلة بهذه الكلية فالصلاة هي خضوع لله فقط، والمطالبة بالإخلاص عدم الريا يرسخ هذا المفهوم ذلك أن المرائي لديه صنم يعبده وهو استرضاء الناس. دور الصيام في ترسيخ مفهوم الحرية ويأتي الصيام مدرباً ومهذباً للنفس من شهواتها الأصلية التي لا غنى لها عنها، جاء الصيام ليقول للصائم عليك أن تؤجل شهوتك من طلوع الشمس إلى غروبها فليس المطلوب هو تعذيب نفسك أيها الإنسان، وإنما الهدف هو تحرير الروح تخليصها من قبضة الشهوات وفق برنامج تدريبي يستغرق ثلاثين يوماً وبالتالي تتعزز لديك أهم صفة وهي الإرادة، فالإرادة الصلبة الفولاذية التي لا تلين يتم إعدادها في مطبخ الصيام ومن هنا نسنتنج أن الصيام وسيلة رائعة في تربية النفس على الحرية والتحرر إن شئت فقل: الصيام هدف تكتيكي جاء لخدمة هدف استراتيجي وترسيخه وتجذيره وهذا الهدف هو الكلية الشرعية العظمى الحرية وإذا سمعت عن غاندي الذي جعل الصيام شعاراً له والحليب هو الغذاء ستعرف سر تلك الإرادة الفولاذية الغاندية في طرد أعتى مستعمر بريطانيا هكذا نصت مذكراته في أكثر من مكان عن صيامه، حتى تولد لغاندي عزيمة لا تلين!!وإذن فالصيام مطبخ تنصهر فيه اطماع النفس وشهواتها وبالتالي يصبح كل شيء هيناً على النفس إذا ما حصل مساس بكرامتها فالتضحية بالغالي والنفيس في سبيل حرية الفرد، ومن هنا يمكننا الوقوف على سر الحديث القدسي (يدع شهوته من أجلي) طعامه وشرابه بل يترك الغضب والانتقام للنفس إذا صدر من أحد الحمقى فليُجب إني صائم والشديد ليس بالصرع وإنما الذي يملك نفسه عند الغضب أي هذه صورة أخرى لتحرير الروح من الغرور إن الحديث عن الحرية طويل وطويل خلاصته: إن الحرية هي المعراج الحضاري لكل أمة تريد أن ترتقي وتخرج من وهدتها حفرة التخلف والجهل نحو النهوض. ومن مقاصد الصيام تعزيز روابط العلاقات الاجتماعية بين أبناء البيت الواحد وكذا العشيرة إلخ..ذلك أن الصيام ينتهي بصلة الأقارب والأرحام، وهذا يعزز عرى الإخاء والترابط الأسري والحميمية والحب، وفي النهاية سنجد أن هذا الإخاء والترابط الحميمي يعزز روابط الهوية الوطنية والولاء للوطن، والعكس صحيح حد قول علماء الاجتماع باتفاق على مختلف مشاربهم وأديانهم..ذلك أن فقدان العلاقة بين الأسرة يثمر عدم الولاء للأسرة وهذا ينسحب عل الولاء للوطن وغياب الهوية.. الصيام والتعبد الأجوف هنا قضية وهي من الأهمية بمكان، وهي مغالطة النفس بأداء ركيعات في ليالي رمضان جماعة أو في غيره وسيلحقها كل مظاهر التعبد الأجوف من صلة رحم وربما اخراج دريهمات إنفاقاً أو زكاة..وصيام ست من شوال وربما عشر ذي الحجة وعاشوراء ورجب وفقاً لأحاديث فضائل رجب وكلها باطلة وموضوعة وكذا صيام منتصف شعبان مع الحفاظ على صلاة الجماعة في الصف الأول في الغالب، ويحصل من هؤلاء اعتراض شديد على من يصلي بعض الفروض في مكان عمله أو في بيته مع ضيوفه وهو اعتراض قد يكون له نصيب من الوجاهة أحياناً لكن المدهش إلى حد الغثاء هو أن تجد هذا الاعتراض صادراً عن شخص غالط نفسه: إن صور التعبد الآنفة الذكر أنه متى أداها فقد حاز قصب السبق ونال أعلى الدرجات وأنه لم يبق له على الله سوى أن يقول له هات مفتاح الفردوس الأعلى..نعم تكاد تلمس هذا من كلامه الصارم في من ترك صلاة الجماعة...في حين ان هذا المغرور الذي بنى له قبة من فقاع الصابون يخادع بها نفسه عن أداء الحقوق في الميراث لأخواته وعماته وبناته...ويظن أن سلام العيد بعد الصيام سيقوم مقام رد هذا الحق..ولو قيل له في هذا أو سمع من يذكر هذا في المنبر أو الموعظة ستجده قد ترك هذا المسجد إلى مسجد آخر بحجة أن الواعظ والخطيب الفلاني عديم الفهم للدين والواقع ويتدخل في أمور ليست من شأنه ثم يقول وهو منتفخ الأوداج: قال صلى الله عليه وسلم من صلى الجماعة أربعين يوماً كتب له براءتان: براءة من النفاق وبراءة من النار) ويضيف(هؤلاء أئمة التصوف يرددون على مسامعنا من نعومة أظفارنا عبر المنابر والمحاضرات المختلفة. وتزود التقوى فإن لم تستطع فمن الصلاة على النبي محمد قال كاتب هذه السطور: هذه احدى المعضلات وأمثالها كثير في المجال الاجتماعي فترى الظالم لأقاربه بحرمانهم من ميراث شرعي يعتبر نفسه قد زحزح عن النار بل ارتقى إلى أعلى الدرجات وللتاجر المحتكر الغاش نصيب الإجابة عن رمضان والفعل الخيري: أول شيء عظيم أن تتحرك النفوس بالعطاء في الشهر الفضيل في ميادين شتى غير أن الملاحظ على التجار أمران: الأول: الجشع والاحتكار ورفع الأسعار بصورة جنونية..وهذا يتنافى مع قيم الرحمة والعدل بل هو عين الظلم(استغلال حاجة الإنسان الضرورية) وهو لا يخرج عن الربا قيد أنملة لأن المآل واحد هو ظلم الإنسان {فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون} ونذكر هؤلاء التجار بقول الشاعر الحكيم والفقيه النابغ الأديب بنى مسجداً لله من غيره كده فكان بعون الله غير موفق ككافلة الأيتام من كسب فرجها لك الويل لا تزني ولاتتصدقي الأمر الثاني وهو أن التجار يصرفون الزكاة في غير موطنها هدايا وهبات للمشايخ والوجاهات وذوي النفوذ وهنا يكون الظلم مركباً زكاة لغير مستحقيها، وحرمان مستحقيها!! فيا ترى هل ينفع هذا الصيام؟ إنه تعبد أجوف مغشوش ..اللهم فاشهد.